مقالات متنوعة

ضبط الحديث في قضايا الوطن!!


تلاحظ أن بعض التصريحات التي يدلي بها بعض المسؤولين هنا وهناك صارت تثير كثيراً من الجدل والمشكلات الدبلوماسية، وهنالك بعض التصريحات الصحفية المقروءة والمسموعة والمشاهدة تفتقد لبعض الحنكة السياسية وتخالف في رؤيتها توجه الحكومة التي يمثلها المسؤول المعني،

كما تفقتد وتخالف الأعراف الدبلوماسية المعروفة، ولا تضع المحاذير المطلوبة تفادياً لمآلات إطلاق القول على عواهنه.
ولعل هذا الأمر يقود الى السؤال: هل أحاديث المسؤولين رأي شخصي؟
والثابت والمؤكد أن المسؤول يمثل الدولة ليس في المشاركات والأحاديث فحسب، بل هو واجهة سياسية ودبلوماسية بكل ما تحمل الكلمة من معانٍ، وينبغي ألا تكون لأي مسؤول آراء شخصية تخالف موقف الدولة التي يمثلها خاصة على مستوى العلاقات الخارجية، وهذا لا يمنع إعطاء الرأي داخل البيت الحكومي، أما أن يطلع القرار والتوجه الرسمي في أية قضية ما للعلن فيصبح ذلك أمراً ملزماً لكل مسؤولي الدولة ويجب الالتزام به، وإلا على المسؤول الذي لديه رأي مخالف الاستقالة، وعندها فليقل ما شاء له من آراء. والمؤسف أن هنالك من المسؤولين من تجده يحكي احاديثه ومواقفه العملية والرسمية لأصدقائه في بيوت الأفراح والأتراح وكل الأسرار متداولة، وهنالك من يضيف إليها بعض التوابل والشمارات، ويسبب ذلك كثيراً من الإشكالات.
وتتعاظم البلايا عندما يصرح مسؤول وهو في مهمة خارجية يمثل فيها البلاد، وهنا الضرر أو الخسارة تكون فادحة يصعب علاج تشوهاتها وبثورها التي تتركها على جسد السياسية الخارجية للدولة، ولعل هذا الأمر ظل يحدث بين فترة واخرى دون أن يتم وضع أسس واضحة للحد منه، خاصة في ظل توترات عميقة تشهدها المنطقة يعمل كل طرف فيها الى جر آخرين الى صفه بالحق وبالباطل وبـ (الفهلوة) (الاعلامية) وبالخدعة السياسية احياناً اخرى.
وحتى لا ننزلق في متاهات السودان في غنى عنها، يجب على مسؤولينا توخي الحيطة والحذر في مشاركاتنا الخارجية، خاصة في محيطنا العربي والإفريقي الذي يشهد استقطابات كبيرة الداخل فيها مفقود والخارج منها ايضاً مفقود، ويحسب للدولة أخيراً مواقفها المحايدة والحكيمة التي جنبت بلادنا محناً كثيرة وتجاوزت بفهم عالٍ ويقظة وحذر بعض المطبات الممنهجة والمقصودة التي سعت بعض الدول بمكر ودهاء لايقاع البلاد في بركها الآسنة، ونحمد الله على هذا النهج المتوازن في كل القضايا، ولا نخشى على ذلك إلا من تصريحات بعض المسؤولين الذين يعتقدون أنها رأي شخصي، وقد يستوجب ذلك وضع أطر محددة وملزمة للمشاركات الخارجية تضعها الدولة ممثلة في وزارة الخارجية يهتدي بها المسؤولون المشاركون في المناشط الخارجية المختلفة، وألا يقتصر ذلك على الوفود السياسية، بل يشمل كل الوفود الشعبية والرياضية والفنية، حتى لو ادى ذلك الى إيفاد ممثل لوزارة العلاقات الخارجية مع كل وفد أو بعثة ممثلة للسودان بالخارج, وينبغي أن تستنهض سفاراتنا بالخارج وخاصة الملحقيات الإعلامية للقيام بدورها في ترتيب اللقاءات الإعلامية للوفود السودانية بالخارج ومرافقتهم حتى لا تؤخذ منهم تصريحات على حين غرة مخالفة لتوجهات وسياسات الحكومة نحو القضية المعنية، وتحسب من بعد على البلاد، وإلا على مسؤولينا التمتع بثقافة الاعتذار عن أي حديث والبقاء في وضع الصامت، لأن الحديث إذا كان من فضة فالسكوت من ذهب.
اللهم جنب بلادنا الفتن والمحن.
والسلام.
أبو آفاق
من (الوهج): تحياتي لك يا أبا آفاق لهذه المداخلة في (وهج) اليوم، ونسعد بالنصيحة الجادة من مواطن حريص على سمعة بلاده ويريد أن يدلي بدلوه في خانة الوطنية، وأظنك قد تقصد بعض التي لا تصب في خانة العمق الدبلوماسي للدولة، وتريد أن تقول (خلوا الكلام للخارجية) خاصة الذي يتعلق بعلاقات الدول ودول الجوار.. عموماً نشكرك ونتمنى أن نحرص جميعاً على رفع درجة الوطنية لدى الكل والله المستعان.
(إن قُدِّر لنا نعود).

د.حسن التجاني -الانتباهة