جرائم وحوادث

الصيحة سجلت زيارة إلى منزلها المواطنة “أديبة”..قصة اختفاء “غامضة” ..!!


“أين ذهبت أديبة “،هذا هو السؤال الأكثر تردداً هذه الأيام،فالغموض الذي اكتنف اختفاءها ،والضبابية التي تحيط بقضيتها، وضعت أسرتها الصغيرة والممتدة في ضغط نفسي تبدى لنا جلياً ونحن نزور منزلها بحي أبوآدم جنوبي الخرطوم صباح أمس، فكل من التقيناه كانت تلفه الحيرة وفي ذهنه أكثر من سؤال حول الاختفاء المفاجئ. أديبة التي تبلغ من العمر 43 عاماً، خرجت من منزلها لإحضار خبز من المخبز الذي يقع إلى الغرب من مسكنها ولكنها لم تعد منذ الثلاثاء من الأسبوع المنصرم. زوجها المكلوم الأستاذ في ترجمة اللغات يبدو في حالة من القلق والتوتر رغم هدوئه وتماسكه الظاهري ،قال لنا إن آخر ما كان بينهما في ذات صباح اختفائها حينما داعبته بأن “بطارية” الهاتف ستنفد جراء استغراقه في “الفيس بوك” حينها.
حزن عميق
لم نجد صعوبة في العثور على منزل المواطنة أديبة ،فقد أشار إلينا سكان الحي إلى سرادق أقيم أمامه ويجلس فيه عدد كبير من المواطنين . بدا المشهد محزناً بالنسبة لنا ، فإن يختفي عنك عزيز لديك في ظروف غامضة وتعجز عن معرفة مصيره فإن هذا يعني الكثير ، فكل الذين كانوا جلوساً بالصيوان رأينا في أعينهم الحزن وترتسم على وجوههم التساؤلات الحائرة. ربة المنزل والأم أديبة باتت اليوم الشغل الشاغل لمعظم السودانيين الذين ما أن تدخل وسائل التواصل الاجتماعي، إلا وتجد حديثهم منصبّا عن اختفاء أديبة مصحوباً بمتمنيات قلبية بأن تعود إلى أسرتها عاجلاً ،بل إن تواريها المفاجئ عن الأنظار فتح أبواباً أخرى لآخرين بأن يعلنوا عن مفقودين غابوا عنهم بصورة مباغتة ، لتضج الأسافير بالكثير من قصص الاختفاء لشباب وأطفال ونساء ورجال ،لتقفز إلى السطح مخاوف كثيرة وتذهب الظنون في اتجاهات مختلفة ، ولكن تظل الأماني قاسماً مشتركاً بين الجميع بأن تعود أديبة سواها من الغائبين إلى أحضان أسرهم .
آخر تعليق
زوجها الذي يبدو في العقد السادس من عمره توجهنا إليه وهو يجلس وسط الذين حضروا من مختلف أنحاء البلاد لمواساته والوقوف إلى جانبه. حاولنا أن نستنطقه ولكن كان علينا الانتظار لدقائق لأن الرجل كان يتلقي اتصالاً هاتفياً الواحد تلو الآخر من متعاطفين ومتضامنين يستفسرون عن مصير أديبة . لبثنا حتى توقف رنين الهواتف التي كان يحملها في كلتا يديه فتوجهنا ناحيته وأعربنا له عن بالغ تضامن أسرة “الصيحة” معه ،وقلنا له إن الأسافير تضج بالكثير من الشائعات لذا حضرنا لنستوثق من الحقيقة ، بعد أن شكرنا علي حضورنا بوصفنا أول صحيفة تطرق أبواب أسرة أديبة ،حكي لنا زوجها الإمام عبدالباقي النعمة الذي يعمل مساعداً لمدير قسم الترجمة في شركة خاصة تفاصيل الاختفاء الغامض ،مشيراً إلى أن غموض اختفاء زوجته أديبة يأتي من واقع أنها وحينما خرجت الي المخبز لم تكن ترتدي مصوغات ذهبية ولاتحمل هاتفاً سياراً في يدها وترتدي ثوباً عادياً لذا فأن الاختفاء يبدو غامضاً وبلا بواعث،موضحاً أنها داعبته في ذات صباح يوم اختفائها الغامض في آخر تخاطب بينهما حينما كان يحمل هاتفه في يده وهو مستغرق في تصفح الفيسبوك مشيرة اليه بأن “الفيس بوك” يتسبب في استهلاك كهرباء البطارية ،فرد عليها بأنه يتلو آيات وأدعية التحصين.
اتصال مباشر
ويمضي زوجها في الحديث وهو يحاول يستجمع رباطة جأشه رغم علامات الحزن التي ارتسمت علي محياه،مبيناً أنها وعند الساعة الثانية ظهراً خرجت إلى المخبز المجاور للمنزل لإحضار خبز بعد أن أحضر ابنها الصغير خبزاً رأت أنه غير صالح “لم يعجبها “،ويقول:حضرت إلى المنزل ودخلت المطبخ ووجدت الأكل جاهزاً فاستفسرت أبنائي عن والدتهم فأجابوني أنها قد ذهبت الى المخبز وسألتهم لماذا لم يذهب ابني عمر فأشاروا إلى أن الخبز الذي أحضره عمر لم يعجبها ، فذهبت بدوري لأداء صلاة الظهر في المسجد وبعد عودتي إلى المنزل سألت أبنائي عنها مجدداً فنفوا لي حضورها ،شعرت حينها بالقلق خاصة بعد مرور ثلث الساعة منذ خروجها لأنها لاتخرج عن المنزل كثيراً ، وبعد ذلك خرجنا إلى الشارع وتوجهنا نحو المخبز وسألنا صاحبه فأشار إلى أنه غير متأكد من حضورها لأن الكثيرين يترددون عليه خلال اليوم.
قلق وخوف
ويقول زوجها الإمام أنه بعد ذلك انتابته الهواجس والظنون واجتاحه الخوف على مصير زوجته فلم يجد أمامه غير التوجه نحو المستشفى التركي القريب ظناً منه أن زوجته ربما تعرضت لحادث حركة لجهة وجود طريق مسفلت بالقرب من المنزل، ويردف:بعد وصولى إلى المستشفى التركي كان الخوف يسيطر علي وبعد أن تجولت في المستشفي وسألت عنها لم أجدها ، وحينها لم أعرف ماذا أفعل فلم أجد أمامي غير الاتصال بعم والدها وجدها الفريق الأمين يوسف الذي يقطن في الكلاكلة الوحدة فحضر سريعاً الى المنزل، وطلبت منه البقاء مع أبنائي وخرجت بعد ذلك برفقة عدد مقدر من الأهل والأصدقاء وطفنا على المستشفيات وأقسام الحوادث والمشارح عسانا نعثر عليها ولكن بحثنا كان دون نتيجة.
معلومات غائبة
ويلفت زوج الغائبة أديبة إلى أنها حفيدة ناظر الكواهلة وتنحدر أصولها من منطقة دوبا بولاية سنار ،نافياً تلقيه اتصالات هاتفية توضح مكان زوجته ،مؤكداً على أن كل ما يدور في الوسائط الالكترونية حول العثور عليها مجرد شائعات لا أساس لها من الصحة ، قاطعاً بأن زوجته لاتخرج كثيراً من المنزل وفي حالة خروجها فأنها تتوجه إلى بقالة يعمل فيها ابن شقيقته، مؤكداً عدم وجود خلافات زوجية بينهما وقال إن علاقتهما طيبة مستقرة ولم يحدث من قبل ما يعكر صفوها ، وأضاف: أكن لها كل التقدير والاحترام فهي شريكة حياتي وأم أولادي ولا يمكن أن يحدث شرخ في علاقتنا، ويكفي الإشارة إلى أنها وفي ذات يوم اختفائها كنت أود الصيام ولكن ولأنني مصاب بداء السكر رفضت وطالبتني بعدم الصوم حتى لا تتأثر صحتي ، وزوجتي بخلاف صلة القربي التي تربطني إذ أنها ابنة عمي فأن 25 عاماً جمعتنا في حياتنا الزوجية المستقرة، واعتبرها سيدة منزل وربة أسرة مسئولة ، فقد ركزت جل مجهوداتها علي تربية أبنائها وهي لاتخرج كثيراً من منزلها. ويلفت إلى أن رواية أن عدداً من سكان الحي أشاروا إلى أنها صعدت على متن عربة “دبل كاب” ولكن لم يشاهدوا كيفية حدوث ذلك وأن أربعة أشخاص مفتولي العضلات كانوا يقودون العربة التي كان مكتوباً على لوحتها السودان وأن أرقامها غير واضحة ،رواية غير صحيحة و مجرد مفتريات لا أساس لها من الصحة، مؤكداً على أن زوجته “مسكينة وهادئة”.
استنفار
عقب وصول نبأ اختفاء المواطنة أديبة إلى أهلها وأصدقاء زوجها ، تحول منزل الأسرة إلى قبلة للكثير من المتعاطفين حتى لجأت الأسرة إلى نصب صيوان حتى يتسع للوفود الضخمة التي حضرت إليهم من مختلف انحاء البلاد ،ولم يعد البحث عنها مقتصرا على أسرتها الصغيرة فقد استنفر الجميع جهودهم في سبيل البحث عن أديبة ،بل أن أكثر من 200 ركشة يعمل أصحابها في البحث عنها ،ويذكر زوجها أن أبناءها توقفوا عن الذهاب إلى المدارس منذ اختفائها الغامض،حيث تدرس ابنتها بكلية الصيدلية بجامعة الرازي التي لم تستطع الجلوس للامتحانات،ويؤكد زوجها عدم وجود عداء ناشب بينه مع أي طرف أو شخص وأن علاقاته طبيعية مع الجميع . وقال إنه كثيراً مايسافر في مأموريات عمل خارج العاصمة ويترك أسرته ولايخشى عليهم لوجود والدتهم والأمن المستقر في الحي الذي يقطن فيه والعلاقات الطيبة مع كل الجيران بل أنه أكد تركه سيارته الخاصة خارج المنزل طوال ساعات اليوم دون أن يخشى عليها،وقال إن أصغر أبنائهما يبلغ من العمر أحد عشر عاماً ويدرس في الصف الخامس أساس بالإضافة إلى ابنته أسماء التي تدرس بكلية القانون واثنين آخرين من الأبناء يدرسان بالمرحلة الثانوية ،مبديا عظيم امتنانه لكل الذين ظلوا يقفون إلى جانبه ويؤازرانه طوال الأيام الماضية.
الفريق على الخط
أما جدها الفريق مهندس الأمين يوسف فضل المرجي فقد أشار إلى أنه وبعد تلقيه اتصالاً هاتفياً من زوجها أبلغ مدير شرطة الولاية بفقدانها ،وأن مدير شرطة مباحث الولاية عبدالرحيم عوض زارهم بالمنزل و فتح خطوطاً بين الأسرة وقسم شرطة الكلاكلة جنوب ،وقال ان كل الوحدات الشرطية وعلى رأسها المباحث المركزية تعمل من أجل العثور على أديبة ،مطالباً بعدم إطلاق الشائعات وترك الشرطة لتعمل. أما رئيس اتحاد مزارعي النيل الأزرق السابق باكاش طلحة فقد أبدى بالغ حزنه على فقد أديبة وعدم العثور عليها حتى الان ،مؤكدا أنهم ظلوا في رحلة بحث متواصل عنها ،مبدياً دهشته من تنامي ظاهرة الاختفاء المفاجئ للمواطنين.
الشرطة توضح
من ناحيتها فقد أصدرت شرطة ولاية الخرطوم بياناً أشارت فيه إلى أنه في الآونة الأخيرة كثرت في بعض مواقع التّواصل الإجْتماعي أخبار وبيانات كاذبة ومُضلِّلة آخرها ذلك البيان الذي نُسِب للشّرْطة، وأضاف البيان:ورُغماً من أنّه لا تغيب عن فِطنة المُتلقِّي أن هذه ليست لُغتنا ولا طريقتنا في طرح الأخبار المُتعلِّقة بالجريمة والإجرام إلا أننا نُؤكِّد أن أخبارنا تصدر من المكتب الصُّحُفي للشُرطة ولا تصل لأي موقع إلكتروني إلا عبر الماعون الإعلامي الرّسمي الذي نُشِرت فيه وهو بالتّأكيد الصُّحُف والدّوريات والإذاعات المرئيّة والمَسْموعة، وكما ذكرنا مِن قبل في بيان الوسائط الكاذِب الذي حذّر بإسم شُرطة الحياة البريّة مِنْ تُمساح يجوب شوارع أُمدرمان وغيره فإن هذه البيانات تصْدر مِن جِهات لها أجِنْدتها الخاصّة وأهْدافها الرّامية إلى زعزعة الأمن والأستقرار ولعل ما ورد في إحدى صفحات الفيس بوك أكبر شاهِد على ذلك ففي الوقت الذي ذكرت فيه كاتبته أن الأطفال وكبار السن يتعرضون للذبح والتقطيع بغرض الاتجار بالأعضاء البشرية في الحصاحيصا أكّدت شُرطة محليّة الحصاحيصا أن شيئاً من هذا لم يحدث ولم يُسجّل بلاغ خطف واحِد في أقْسام المحليّة السّبع.
تأكيد وثقة
ويمضي البيان مؤكداً على أن الشُّرطة تتابع بلاغات الاختفاء باهتمام بالغ وتُؤكد أن كل البلاغات المسجلة في أٌقسام الشرطة تم فك طلاسمها وجميعها لم يكن بينها بلاغ خطف أو اتجار بالأعضاء البشرية ومنها حادثة المهندس ببورتسودان وحادثة الطالبة المزعوم خطفها بالكلاكلة وغيرها، وحتى حادثة السيدة الأخيرة بـ”أبو آدم” تجتهد الشرطة الآن فيها وستصل لنهاياتها بإذن الله خلال ساعات ،وتختم شرطة ولاية الخرطوم بيانها مؤكدة إن الشّرطة تُؤكِّد حرصها وسهرها على أمن وأمان الوطن والمُواطِن و تُهيب بالمواطنين إلى عدم الالتفات لمثل هذه الأكاذيب والشّائعات التي تهدف لزعزعة الأمن وبث الرعب في النفوس.

الخرطوم :مياه النيل
الصيحة