تحقيقات وتقارير

“المأزق وذريعته” هناك وجهة نظر تشير إلى أن أحمد بلال لا يتحدث من فراغ حين تحدث في القاهرة إنَّما يلعب أدواراً مرسومة له


بالنسبة للكثيرين فإن التصريحات الأخيرة لأحمد بلال وزير الإعلام والناطق الرسمي باسم الحكومة، وضعت البلاد في موقف محرج لا يتماشى مع ما أعلنته من حياد تجاه الأزمة الخليجية، وخلفت تصريحات بلال عاصفة من الانتقادات والتنكيل بالوزير الذي أصبح متهماً بإفساد توجهات ومواقف الحكومة في ما يدور بالإقليم جراء تصريحه الذي أدلى به قبل أيام في العاصمة المصرية القاهرة، ومن وحينها لم تتوقف ردود الفعل العنيفة والناقمة على حديث الوزير، واشتعلت الأسافير بالساخطين على ما أدلى به. ومما زاد الطين بلة وتعقيداً، ردة الفعل التي أبدتها شبكة قنوات الجزيرة الإخبارية وإرسالها طلبا ممهورا بتوقيع مدير مكتبها بالخرطوم لرئيس مجلس الوزراء القومي، طالبت فيه بتفسير تصريحات بلال التي أدخلت البلاد في مأزق.
رغم عدم صدور رد على خطاب مدير مكتب الجزيرة بالخرطوم، وتحاشي البروفيسور إبراهيم غندور وزير الخارجية التعليق أو الرد على سؤال في مؤتمره الصحفي الخميس الماضي بشأن تصريحات وزير الإعلام، إلا أن المجلس الوطني سارع باستدعاء أحمد بلال، غير أن الوزير اعتذر عن الحضور للمساءلة التي كانت من المفترض أن تنعقد أمس، وطالب بإرجائها لوقت لاحق، وجاء اعتذار بلال ليفتح الباب على مصراعيه أمام سيل من الهجوم على الوزير ويتركه موارباً تجاه تفاعل ورد فعل قيادة الدولة من الحديث الأخير، سيما مع تصاعد الدعوات بإقالة بلال وتجريده من مناصبه، باعتبار أن مثل هذا الحديث لا ينبغي أن يصدر من الناطق الرسمي باسم الحكومة ونائب رئيس مجلس الوزراء، لأنه حتماً سيعد تعبيراً عن الموقف الرسمي للبلاد من الأزمة التي ظلت تؤكد منذ نشوبها بأنها تقف في الحياد وتدعم جهود الوساطة. وفي المقابل فإن هناك وجهة نظر أخرى تجزم بأن بلال لا يتحدث من فراغ، وإنما يلعب أدواراً مرسومة له ويؤديها ببراعة، وأن ما أدلى به من تصريحات مؤخراً مقصودة لذاتها، وأنها محاولة من الحكومة للتعبير عن استيائها من موقف حلفائها في المملكة العربية السعودية والإمارات، التي لم تبدِ ردة فعل أو تعليق رسمي في أعقاب إرجاء الولايات المتحدة الأمريكية رفع العقوبات حتى أكتوبر المقبل، ويؤكد أصحاب هذا الرأي أن الموقف لا يمكن قراءته بعيداً عن ما يدور من تفاهمات البلاد وتحالفاتها الخارجية الداعمة لها، فضلاً عن التعاون المتصل مع تلك الدول في عدد من الملفات، كما أنه قد يكون ذلك التصريح محاولة من الحكومة لتطبيب العلاقات مع مصر وإعادتها لمسارها الصحيح، بعد أن دخلت في فتور خلال الأشهر الماضية نتيجة لمواقف السودان من بعض القضايا في المنطقة وتقديمه المصلحة العليا للبلاد على مصالح الجيران، بحسب ما كانت تفعل الخرطوم دائماً، حيث كانت تتنازل في كثير من الأحيان عن مصلحة البلاد لصالح الإقليم ومصر والعروبة وغيرها من التنازلات التي لم تجنِ منها البلاد خيرا، ولم تحظَ بدعم من قبل تلك الدول في عدد من الأزمات التي عانتها مع استمرار الحظر والعقوبات الأمريكية الأحادية المفروضة منذ عقدين من الزمان. وبحسب مراقبين، فإن الثاني عشر من يوليو إضافة للقرار الجمهوري الذي صدر في أعقاب تأجيل رفع العقوبات والقاضي بتجميد لجان التفاوض مع الولايات المتحدة، شكل مرحلة جديدة لسياسة الدولة الخارجية التي يبدو أنها تمضي في طريق التكشير عن الأنياب والاتجاه صراحة نحو الأصدقاء المتعاونين الذين يقدمون للبلاد الكثير وبدون مقابل .
حسناً إن صحت التسريبات القائلة بتغيير الحكومة لدفة مركبها ومفارقة مرفأ الحياد واتجاهها إلى ضفة بعينها في الأزمة الخليجية، تكون بذلك قد بدأت أولى رحلات مغادرة التحالف الذي تقوده السعودية، وربما تمضي إلى أكثر من ذلك بالذهاب خطوات للاصطفاف في المعسكر الآخر، وذلك بحسابات السياسة ممكن سيما بعد خيبة الأمل التي سيطرت على الحكومة نتيجة لتماطل الإدارة الأمريكية في رفع العقوبات القسرية، مصحوباً مع الزيارة المرتقبة للمشير البشير والمتوقعة مطلع الشهر المقبل إلى دولة روسيا، وإلى حين ما ستسفر عنه الثلاثة أشهر القادمة، بإمكان الحكومة التصعيد والترويج للكروت التي تستخدمها حتى تبقى ممسكة بخيوط اللعب جيداً، وتحركها بالقدر الذي يمكنها من تحقيق أهدافها، ولكن بدون عداوة بائنة حتى لا تفقد البلاد ما حققته من تقدم في ملفات التعاون مع الغرب المتحكم في العالم بشكل أو بآخر .

الخرطوم – مهند عبادي
اليوم التالي


‫3 تعليقات

  1. تحليل غريب جدا. يقول الكاتب ان الحكومة تريد مغادرة التحالف الذي تقوده السعودية للاصطفاف في المعسكر الاخر. المعسكر الاخر ايها المحلل العبقري هو قطر .فكيف يعقل ان تسعي الحكومة للاصطفاف في معسكر قطر عن طريق مهاجمة قناتها الفضائية واتهامها صراحة بانها تسعي لتقويض النظام المصري.

  2. السياسة فن الممكن .تحركة المقاديف علي حسب ما يحقق المصلحة كلهم بلفو وبدورو .

  3. هذا الرجل طابور خامس يعمل لصالح مصر وهي استرتيجية حزبه الذي باع السودان واراضيه في حلفا وحلايب لمصر وعليه وحفاظاً علي أمن البلد القومي يجب إقالته فوراً وهو ليس له وجود وغير مرغوب فيه حتي في دائرته التي أنتخب منها.وقناة الجزيرة لاتحتاج لإشادة ولايحط من قدرها إنتقاد أحمد بلال وهو ذاته يشاهدها يومياً كدليل علي مهنيتها وحيادها.