تحقيقات وتقارير

بيان من(الإعلام) حول تصريحات وزيرها .. أحمد بلال .. حين يتلعثم (الناطق)


احتاج وزير الإعلام، الناطق باسم الحكومة، د. أحمد بلال عثمان، إلى تقديم شروحات تفصيلية تفسر تصريحاته عن “قناة الجزيرة” القطرية و “سد النهضة” الأثيوبي، وذلك للفصل بين مواقفه الشخصية ومواقف الدولة.
واستبق بلال، مثوله أمام لجنة الإعلام في البرلمان اليوم (الأحد)، ببيان جدد خلاله ثبات الخرطوم على موقفها المحايد إزاء الأزمة الخليجية، والتزامها بالاتفاقيات التي تخص السد الأثيوبي.
ونفى الوزير أن يكون قد وجه إساءات إلى قناة الجزيرة، التي اعترض مديرها في الخرطوم على تصريحات بلال عبر خطاب معنون إلى رئيس الوزراء القومي النائب الاول لرئيس الجمهورية.
وخلال اليومين الفائتين، تداول نشطاء فيديو ينقل وقائع تصريحات للوزير على هامش محفل عربي، وقال فيها : (رأيي الشخصي، وليس رأي الحكومة، لست مع قناة الجزيرة في توجهها بالوصاية على شعب بأكمله) هذا بجانب أقوال أخرى فهم من سياقها اتهامه للقناة بلعب أدوار لزعزعة الأمن المصري.
كذلك دعا بلال – بحسب الفيديو- إلى مراجعة التصاميم الخاصة بسد النهضة الأثيوبي، الذي قال الرئيس البشير إن الخرطوم تساند قيام السد.
حديث الطائرة
ويمتلك بلال سلسلة طويلة من التصريحات التي اضطرت الحكومة لتداركها بملاحق لتجلية المواقف مخافة أن تنسحب على كامل المواقف الحكومية.
وعلى سبيل المثال، فقد أربك بلال الأوساط السودانية قبل عامين إبان رحلة البشير إلى جنوب أفريقيا، إذ قال للصحافيين إنأول من القاه طائرة الرئيس في طريقها إلى الخرطوم، وذلك أثناء حالة الترقب والقلق التي سيطرت على مناصري البشير من جراء المذكرة التي أصدرتها محكمة في بريتوريا وتحول دون سفره على خلفية اتهامات المحكمة الجنائية، ولكن ثبت أن البشير، أثناء التصريحات، كان حضوراً في القمة ويمارس أنشطتها باعتيادية.
حديث معلول
ذات أمسية من مساءات العام الماضي تغيب الرئيس البشير عن لقاء مرتب له مع آلية الحوار الوطني المعروفة اختصاراً بـ (7+7) ببيت الضيافة لظرف ما، إلا أن بلال تكرم بالحديث، وقال إن تغيب الرئيس يعود إلى إصابته بحالة مرضية مفاجئة.
بعدها اندلق حبر كثيف بشأن صحة البشير، الذي ظهر بعدها بيوم في وسائل الإعلام موفور الصحة، أثناء توجهه إلى المملكة العربية السعودية.
تقاليد دبلوماسية
تسببت تصريحات بلال في القاهرة في أزمة مع القناة القطرية ذائعة الصيت، ومن غير المستبعد أن تقود إلى استفسارات من قبل الجانب الأثيوبي لاستبانة موقف السودان من سد الألفية.
ومع تقدمة حديثه بأنه يمثل شخصه، فقد جرى في العرف الدبلوماسي، أن تصريحات كل من رئيس الجمهورية ووزيريّ الخارجية الإعلام في المحافل كافة تعبر عن الحكومة والدولة.
وللتدليل على عدم وجود فواصل، فقد اضطرت وزارة الإعلام إلى تدبيج البيان الصحفي الذي أشرنا له آنفاً، كون أحاديث وزيرها جاءت مناقضةً لتوجه الحكومة السودانية الداعم لسد النهضة والملتزم بموقف الحياد من الأزمة الخليجية التى تمثل “الجزيرة” مكوناً رئيساً فيها باعتبار أن المطالبة بإغلاقها واردة في المطالبات التي تشترطها السعودية وحليفاتها على الجانب القطري.
الصيد الثمين
احتفت وسائل الإعلام المصرية بتصريحات أحمد بلال، ونسبته إلى شخصه الوزاري، دون لفت الأنظار إلى قولته عن الجزيرة بأنها معبرة عنه ولا تنطق بلسان الحكومة.
واستجاب بلال –طبقاً للفيديو- لمداخلة صحافية مصرية سألته أثناء حديثه الخاص مقدرة الشعب المصري على تغيير النظام المصري إذا أراد ذلك، حيث سألته مستفسرة إذا ما كان ذلك ينطبق على الجيش، فقال بيسر شديد بأن الجيش والشعب المصري إذا أرادا التغيير سيغيران النظام.
إنتشار الفيديو
قدح الفيديو في زمن قياسي، زناد الجدل، بين مهاجمين للوزير لمخالفته خط الدولة، وبين معترضين على محاولاته إسباغ لبوس شخصي على حديثه في منبر عام، علاوة على مؤيدين له من قبيل الاتحاديين على وجه الخصوص، حيث استقبلوه في مطار الخرطوم لمناصرته ضد ما يرونه حملة تسعى لتنحيته من المنصب.
ردود أفعال
تصاعدت ردود الأفعال بشأن حديث وزير الإعلام أحمد بلال، وأصدر الاتحاد العام للصحفيين السودانيين بيانا استنكر فيها تصريحات بلال واصفاً إياها بغير الموفقة، والمخالفة للموقف المبدئي بعدم زج وسائل الإعلام في أتون الصراعات السياسية، و مجافاتها للالتزام بموقف السودان بالحياد الإيجابي إزاء الأزمة الخليجية.
ونبه الاتحاد إلى أحقية قناة “الجزيرة” في ممارسة رسالتها كوسيلة إعلام متقدمة في طرح قضايا العالم العربي بحرية تامة.
أمر مرفوض
لم تخل التعليقات وردود الأفعال من مهاجمة وزير الإعلام من انتقاد آخر لقناة الجزيرة لمخاطبتها رئيس الوزراء السوداني بشأن تصريحات وزير الإعلام، ورأى الخبير الإعلامي د. محيي الدين تيتاوي أن تصريحات وزير الإعلام، أحمد بلال، تناقض موقف السودان في موقفه حيال الأزمة الخليجية، وقال تيتاوي خلال حديثه لـ(الصيحة) أن تصريح بلال ليس له علاقة بموقف الدولة السودانية التى يتحرك رئيسها البشير بين الخليجيين لإنهاء الأزمة القائمة بينهم، وشدد تيتاوي على أن أحمد بلال تجنى على قناة “الجزيرة” التى يُعرف عنها أنها تحترم الرأي والرأي الآخر، مضيفاً بأنها قناة مستقلة بذاتها. بيد أنه انتقد سلوك قناة الجزيرة في مخاطبتها للدولة السودانية عبر رئيس الوزراء لتستوضحه بشأن تصريحات بلال. وأضاف تيتاوي بأنه ليس من حق قناة الجزيرة مخاطبة شخصيات سيادية عبر موظفي مكتبها بالخرطوم، ووصف ذلك بالتقليل من شأن الحكومة.
بدوره، رفض مدير مكتب قناة الجزيرة بالخرطوم “المسلمي الكباشي” في حوار صحفي نشرته الزميلة “التيار”، أن يكون قلل من شأن الحكومة السودانية، وعلل المسلمي مطالبته بتوضيحات من رئيس الوزارء القومي بناءً على طلب من القناة نفسها، بإعتبار أن التصريحات وردت على لسان وزير الإعلام ونائب رئيس الوزراء، مؤكداً على أن الأمر عادي بحسبان أنه لا يمكنه التشكي لجهة أقل من من منصب الشخص المعني بالشكوى.

الخرطوم: محمد أبوزيد كروم
الصيحة