تحقيقات وتقارير

هل ينجح “الصادق المهدي” في توريث ابنه “عبد الرحمن” رئاسة الحزب


ظل بعض رؤساء الأحزاب السودانية على رئاستها لسنوات طويلة ولم يفارقوها إلا إلى القبر، وبعضهم لا زال ممسكاً بتلابيب القيادة على سبيل المثال حزب الأمة القومي والاتحادي الديمقراطي الأصل، فقد ظلا حكراً على (آل) “الميرغني” و(آل) “المهدي”، بيد أن حزب الأمة القومي تحطمت عبارة الإمام “الصادق المهدي” الشهيرة (حزب الأمة بنيان مسلح لا يتصدع)، ولكن عصفت به الانقسامات عقب الخروج الشهير لـ”مبارك الفاضل المهدي” (البلدوزر)، وتكوينه لحزب الأمة الإصلاح والتجديد، ومن ثم انقسم الإصلاح والتجديد إلى أكثر من ستة أحزاب بمسمى الأمة، وكشفت مصادر (المجهر) عن اجتماع عقد برئاسة الإمام الصادق المهدي للترتيب لإيجاد خليفة لتولي رئاسة الحزب وإمامة الأنصار.
وبحسب المصادر فإن الاختيار وقع على ابن الإمام “الصادق المهدي” “عبد الرحمن” على الرغم من استهجان قيادات الحزب للخبر، ولكنهم لم ينفوه، إلى ذلك أكد خبراء أن حزب الأمة القومي قائم على الولاء الطائفي والديني، ولذلك فشلت جل الأحزاب التي أنشئت من غير بيت الإمام “المهدي” على الرغم من وجود قيادات تاريخية ولها إنجازات كبيرة، وظلت قيادات حزب الأمة القومي تنفي باستمرار وجود علاقة بين قائد جيش الأمة السابق ومساعد رئيس الجمهورية الحالي اللواء ركن “عبد الرحمن الصادق المهدي”، ولكن بحسب مقربين أن الترتيبات بدأت منذ أن أصبح مساعداً لرئيس الجمهورية حتى يتدرب على القيادة ومن ثم تولى قيادة الحزب.

وقال نائب رئيس حزب الأمة الفريق “صديق محمد إسماعيل” في حديثه لـ(المجهر) رداً على خبر اختيار “عبد الرحمن” لخلافة والده، قال (أنا لا أنفي ولكنني استهجن مثل هذا الحديث المبني على معلومات ضعيفة ومعطيات غير حقيقية)، وتابع الفريق “صديق” أن موضوع الخلافة في الحزب ليس وراداً بحسب دستور الحزب، ولكل الأعضاء حق الحديث عن الخلافة والترشح حسب المؤتمر العام صاحب اختيار الرئيس، وأضاف الفريق أن من حق أي عضو يطلب ترشيح اللواء “عبد الرحمن” لرئاسة الحزب توطئة لتقديمه في المؤتمر العام، شريطة أن يتقاعد من المؤسسة العسكرية، وأوضح الفريق صديق أن اللواء “عبد الرحمن الصادق” الآن ينتمي إلى مؤسسة القوات المسلحة التي يمنع قانونها الانتماء لأي حزب سياسي و”عبد الرحمن” ليست لديه عضوية في الحزب، مشيراً إلى أن المعلومات عن عقد اجتماع واختيار “عبد الرحمن” هو تخمينات وأحلام للبعض، ونحن لا نستطيع منع الذين يريدون الأحلام والأماني ولا يوجد ما يمنع “عبد الرحمن” من تقديم استقالته إن أراد العودة إلى الحزب.
ومن جهته قال أستاذ العلوم السياسية البروفيسور “حسن الساعوري” في حديثه لـ(المجهر) إن الحديث حول الترتيب لترشيح “عبد الرحمن الصادق” لرئاسة حزب الأمة يعتبر حديثاً لا علاقة له بالنظم الحزبية والسياسية في العالم ولا توجد أسباب لتوريث ابن رئيس الحزب وإن حدث ذلك، فهو يعود بالسياسة إلى زمن الطائفية والكهنوت، يعني الكلمة والحقيقة عند الزعيم فقط وليس سواه مما يجعلنا متخلفين سياسياً، ولكن يجب أن ينظر المؤتمر العام وعدد المرشحين الذين يدفع بهم الحزب لخلافة “الصادق المهدي”، مشيراً إلى أن دستور الحزب هو الذي يحدد كيفية الاختيار، سواء بالانتخاب أو غيره، ويجب أن يفصل المؤتمر العام الازدواجية بين رئاسة الحزب وإمامة الأنصار التي فصلت في خمسينيات القرن الماضي بتولي رئاسة حزب الأمة السيد “عبد الله خليل” وتولي الإمام “عبد الرحمن المهدي” إمامة الأنصار، وقالت مصادر مطلعة بحزب الأمة القومي، إن رئيس الحزب إمام الأنصار “الصادق المهدي” عقد اجتماعاً سرياً ضم قيادات الحزب وهيئة شؤون الأنصار، ناقش خليفة رئيس الحزب وإمام الأنصار في الفترة القادمة.
وقال المصدر: إن الحضور قدموا عدة مقترحات بشأن رئاسة الحزب وإمامة الأنصار، وإن القيادات اتفقت على أن يكون إمام الأنصار من آل “المهدي”، فيما تم طرح أسماء من خارج عائلة “المهدي” لرئاسة الحزب، لكن القيادات اختارت نجله “عبد الرحمن” رئيساً للحزب، ونجله الشاب “محمد أحمد” إماماً للأنصار، ووجد المقترح القبول بالإجماع.
وأكد المصدر أن الاجتماع عقد في رمضان الماضي، وضم قيادات الأنصار، تم من خلاله مناقشة مستقبل حزب الأمة والإمامة في الفترة القادمة، ويأتي هذا التطور بعد أشهر من إعلان الإمام “الصادق المهدي” اعتزامه اعتزال العمل السياسي أثناء خطابه يوم عودته إلى البلاد يناير الماضي، في خطوة قابلها الأنصار بالرفض القاطع.
وقال مرشد هيئة شؤون الأنصار بالجزيرة أبا ـ المعقل التقليدي للأنصار، مولانا “النور عبد المحمود” إنهم لم يدعوا لاجتماع يناقش هذه الموضوعات، وأضاف “سمعنا بمناقشة رئاسة الحزب في إفطار تم في رمضان، لكننا لم نسمع بموضوع الإمامة)، مبيناً أن حزب الأمة له مؤسسات ناقشت هذه المواضيع.
وفي السياق نفى الناشط بهيئة شؤون الأنصار “أحمد درديق” علمهم بالاجتماع واعتبره مجرد تسريبات وشائعات من جهات لم يسمها لشق كيان الأنصار وتغيير اهتمام الرأي العام عن قضاياه الأساسية.
وكان “الصادق المهدي” رد على سؤال لصحيفة البيان الإماراتية في وقت سابق عن التوريث وقال: (هذا كله كلام فارغ ومزيد من الحسد)، لم أدعُ أحداً من أبنائي أو بناتي للعمل في الحزب، فهم أتوا بحسب استعدادهم ولم يأتوا للمغانم، بل أتوا للمغارم، والحزب يواجه اعتقالات وسجوناً وضرباً، ولا توجد به مغانم، لكنهم أتوا ليكافحوا ويناضلوا، وهنا يقول مراقبون إن سر الخلاف الحاد بين “الصادق المهدي” و”مبارك الفاضل المهدي” هو رئاسة حزب الأمة القومي، وسبق أن عاد “مبارك” من الخارج وأبدى استعداده للانضمام إلى حزب الأمة القومي ولكن في أكتوبر من العام 2012 حسم حزب الأمة القومي الجدل حول وضعية “مبارك الفاضل المهدي” داخله وأعلن رفضه اعتماد عودته للحزب، وقال إن “مبارك” ليس عضواً في الحزب وله أن يفعل ما يشاء، وقال الإمام “الصادق المهدي” رئيس الحزب في بيان له وقتئذ، إن “الفاضل” فقد عضويته بنص الدستور عقب خروجه عن الحزب وتكوينه لحزب آخر، لافتاً النظر إلى أنه حل حزبه ووضع شروطاً لعودته للأمة القومي، وقال إن الأمر يتطلب عقد مؤتمر استثنائي لإجراء تعديلات في الدستور وأن يتم دمج مكتب حزبه السياسي في المكتب السياسي لحزب الأمة، وهيئته العامة في هيئة الحزب المركزية، وأوضح البيان أن القرار جاء نتيجة لأنشطة “الفاضل” لصالح جهات خارج الحزب، وما يقوم به من تصرفات ضد دستور الحزب ومؤسساته، وبناء على مطالبات القيادات والقواعد تم فصله.

وليد النور
المجهر السياسي