هذه بتلك ..!!

زيارة السيد رئيس الجمهورية إلى كل من دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ،أول من أمس وأمس ، وما دار فيها من مباحثات وما نُشر فيها من أخبار رسمية، لا تبدو على أقل تقدير إنها تناولت الأزمة الخليجية وحدها ،

ودعم السودان للمبادرة الكويتية التي لم تؤتِ أُكلها بعد ، فهناك قضايا ثنائية مُلحة وموضوعات تستحق أن يتم حولها التفاكر بين السودان والإمارات والسعودية على ضوء التطورات الجديدة في المنطقة .

> ويدور همس قد يتحول الى جهر ، بأن مشاركة السودان في عاصفة الحزم وبقاء القوات السودانية في اليمن او رجوعها وأوبتها إلى أرض الوطن ، هو من أهم ما تناولته هذه الزيارة المهمة التي عندما أعلنت كانت الكويت إحدى محطاتها ، لكنها تحولت الى دولتين مهمتين في عاصفة الحزم، وهما منشغلتان في الملف اليمني ، وقفز موضوع القوات السودانية المتواجدة في أرض اليمن وفي الحدود السعودية اليمنية ، بعد أن تغيرت الأولويات في منطقة الخليج ، وتبدل العدو بالنسبة للسعودية والإمارات والبحرين من محاربة الحوثيين الى مقاطعة وحصار دولة قطر ، وتغيرت توجهات الخطاب السياسي والإعلامي في وسائل الإعلام السعودية والإماراتية الى جهة أخرى كانت حتى الأمس القريب شريك في محاربة الحوثيين ..!

> ويجترح ويطرح كثيرون سؤالاً مهماً ، هل التزامات السودان في مشاركته الفاعلة ودور قواته في عاصفة الحزم والتحالف الإسلامي لمكافحة الإرهاب ، تلقي عليه بالتزامات إضافية في هذا التحالف الذي تقوده المملكة ..؟ فإذا كانت هناك بالفعل التزامات وإطار فضفاض للتحالف ضد الإرهاب ، يندرج تحت هذا الائتمار التحالفي مع تغير العقيدة القتالية في أهم دول الخليج التي تقود هذا التحالف العسكري ، فلا مبرر للسودان أان يُبقي قواته هناك وهو في موقف الحياد ودعم الوساطة بين الأشقاء في الخليج . أن يبقي قواته اذا كانت أهداف الحرب قد تغيرت او صار الحوثيين ومسألة إعادة الشرعية في اليمن شيئاً ثانوياً ، فالملاحظ أن الحملة الإعلامية التي تُشن على قطر وفي فترة وجيزة تساوي عشرة أضعاف الحملة الإعلامية التي شُنت على الحوثيين والرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح .

> هذا السؤال مطروح بكثافة وقوة في الأوساط السياسية السودانية وزاد من طرحه أن السودان لم يجنِ الكثير من ذلك، خاصة أن دول التحالف الكبرى عجزت عن استثمار نفوذها ومكانتها في الولايات المتحدة من مساعدة السودان والتدخل لدى الإدارة الأمريكية والرئيس دونالد ترامب لرفع العقوبات المفروضة على بلادنا ، وقد جاء قرار الرئيس الأمريكي مخيباً للآمال وداعماً للهواجس التي تقول إن هذه الدول لو تدخلت بما لديها من علاقات قوية مع الأمريكيين لأسهمت في دفع الرئيس ترامب نحو القرار الصحيح ..

> وشيء آخر يقال هنا وهناك في مجالس السياسة السودانية ، إن التقاطعات القائمة بين موقف السودان من اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر وقواته ، وبين الدولتين الشقيقتين في الخليج ، ربما يكون هو الأخطر في الراهن الماثل ، فحفتر عدو للسودان ويسعى بدعمه اللامحدود من مصر الى توظيف حركات دارفور ومرتزقته من البلدان الإفريقية الى الإضرار بالسودان وتهديد أمنه ، فلا يمكن أن تكون للسودان قوات تدافع عن الشرعية اليمنية وعن دول الخليج ، بينما تدعم دول الخليج قوات وجماعة في ليبيا تعمل على تهديد أمن السودان وإسقاط نظامه القائم …!
> فإما أن نكون جميعاً نحمل ذات الحرص على بعضنا ومواجهة التحديات معاً ومراعاة مصالحنا العليا واستقرارنا وفق مفهوم واحد ومنطلقات متفق عليها ، وإلا فلا ..!

> اذا كانت هذه الآراء يتم تداولها في الداخل السوداني بهذه الكيفية ، فإن القيادة السياسية للبلاد ممثلة في الرئيس البشير ، تكون بلا شك أكثر وعياً وإدراكاً لهذه الحقائق التي ينبغي نقاشها مع الأشقاء في الخليج ، مصالح السودان تكمن في تهدئة الأوضاع العربية وإنهاء الأزمة الخليجية بالحوار وإعادة اللحمة العربية كما كانت وإبعاد شبح القطيعة والحرب عن الفضاء العربي الواسع الفسيح ، وليس من مصلحتنا الإبقاء على الأوضاع كما هي نقاتل هناك مع حلفائنا ، بينما يقتلنا هنا حلفاء حلفائنا …!!

الصادق الرزيقي
صحيفة الإنتباهة

Exit mobile version