تحقيقات وتقارير

بعد زيارة البشير للمملكة العربية السعودية وموافقته على التواصل الإيجابي مع “واشنطن”.. ماذا تعني الخطوة بالنسبة للخرطوم؟


عادت الرياض مجدداً للعب دور أكبر وأكثر فاعلية، في إطار مساعيها الداعمة لرفع العقوبات عن السودان. وما يؤكد ذلك، حديث الحكومة السودانية الذي قالت فيه إن المشير عمر البشير رئيس الجمهورية وافق على طلب سعودي بالاستمرار في (التواصل الإيجابي) مع حكومة الولايات المتحدة الأمريكية، وأجهزتها الرسمية، من أجل الرفع النهائي للعقوبات عن الخرطوم، وموافقة البشير على الطلب السعودي تعني عمليا أنه تراجع عن قراره القاضي بتجميد لجنة التفاوض مع واشنطن حتى الثاني عشر من أكتوبر المقبل، والذي جاء كردة فعل على قرار الإدارة الأمريكية، الذي مددت فيه مهلة النظر في رفع العقوبات لثلاثة أشهر. وفيما يبدو أن المملكة العربية السعودية بإمكانها أن تحدث اختراقا في هذا الاتجاه، وذلك للعلاقات الوطيدة التي تربطها مع واشنطن، وما يدعم هذه الفرضية زيارة (دونالد ترامب) الرئيس الأمريكي للرياض الشهر قبل الماضي، وحضوره للقمة الإسلامية الأمريكية التي حضرها عدد من الزعماء العرب والأفارقة.
وأفاد بيان مشترك صدر عقب مباحثات جرت في العاصمة السعودية (الرياض)، بين البشير وخادم الحرمين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي العهد محمد بن سلمان أمس الأول (الثلاثاء)، تلاه البروفيسور إبراهيم غندور وزير الخارجية السوداني، “إنه واستجابة لطلب القيادة في السعودية، وافق رئيس الجمهورية على الاستمرار في التواصل الإيجابي مع الحكومة والأجهزة الرسمية الأمريكية خلال الفترة القادمة، من أجل الرفع النهائي للعقوبات المفروضة على السودان، بالإضافة إلى رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وحل كافة الإشكالات القائمة بين البلدين”. وأكد الجانبان أهمية محاربة الإرهاب والتطرف وتمويله، باعتباره يمثل الخطر الأكبر على المجتمعات المسالمة في كل أنحاء العالم والتزامهما بكل القرارات الدولية في هذا الشأن.
وفي ذات المنحى، أكدت المملكة العربية السعودية أن جهودها مستمرة لتحسين علاقات السودان مع الولايات المتحدة الأمريكية ورفع العقوبات المفروضة عليه، وأعلنت مواصلة التشاور السياسي بين البلدين لتعزيز وتطوير العلاقات الثنائية في كافة المجالات.
وفي السياق، قال عادل الجبير وزير الخارجية السعودي، في تصريحات صحفية مشتركة مع نظيره السوداني إبراهيم غندور، مساء (الثلاثاء) نقلتها وكالة الأنباء السعودية، إن مباحثات العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان مع الرئيس السوداني عمر البشير، كانت (بناءة ومثمرة). وأوضح الجبير أن المملكة العربية السعودية تعمل مع السودان لتحسين علاقاته مع الولايات المتحدة الأمريكية، ورفع العقوبات المفروضة عليه، ورفع اسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب.
وبالنسبة للجبير فإنه يعتقد أن السودان حقق مجالات كبيرة للوصول إلى رفع هذه العقوبات ورفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب. وتابع الجبير: “نحن مستمرون في جهودنا بالتنسيق مع الأشقاء في السودان وغيرهم من الأشقاء في المنطقة، لإيجاد حل لهذا الوضع، لكي يعود إلى وضعه الطبيعي ولكي يستطيع السودان أن يركز على التنمية وعلى الاقتصاد وعلى الازدهار”. وأوضح الجبير أن المباحثات تطرقت لقضايا المنطقة والعلاقات الثنائية ومواجهة الإرهاب والتطرف، مؤكداً أن السعودية والسودان تربطهما علاقات تاريخية واستراتيجية في كافة المجالات، وأضاف الجبير قائلاً: “البلدان شريكان أساسيان في التحالف الإسلامي لمواجهة الإرهاب والتطرف، وشركاء في التحالف من أجل دعم الشرعية في اليمن، كما أن البلدين شريكان في العمل لمواجهة الإرهاب والتطرف وتمويله في المجالات كافة”.
وأجرى المشير عمر البشير رئيس الجمهورية، الاثنين الماضي، مباحثات مع ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بقصر البحر في إبوظبي، تصدرت أجندتها العلاقات بين البلدين والتطورات على الساحتين الإقليمية والدولية. وقالت وكالة الأنباء الإماراتية إن البشير وابن زايد ناقشا تحديات المنطقة وفي مقدمتها التطرف والإرهاب، وأنجع سبل مكافحة التنظيمات الإرهابية وتجفيف منابع تمويلها ومنابر دعمها. ووصفت الوكالة زيارة الرئيس السوداني بـ(الأخوية).
يذكر أن الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية لعبتا دوراً مقدراً لرفع العقوبات عن السودان. ولكن فيما يبدو أن موافقة المشير عمر البشير رئيس الجمهورية على التواصل الإيجابي مع (واشنطن) خلال زيارته الحالية للسعودية، تعني بالنسبة للخرطوم الكثير والكثير، وربما تكشف الأيام القادمة أسرار تلك الزيارة.

الخرطوم – عبد الرحمن العاجب
اليوم التالي