جعفر عباس

لهذه الأسباب قد يرفع ترامب العقوبات


أتوقع أن ترفع الحكومة الأمريكية العقوبات المفروضة على الحكومة السودانية وهذا التوقع لا يقوم على أي معطيات سياسية موضوعية، بل على أن رأس الحكومة الأمريكية شخص مسطح، وربما لم يسمع بالسودان إلا خلال الأشهر الخمسة الماضية وحتى لو سمع بالسودان فمن المؤكد أنه لم يسمع بدارفور أو دار حمر.
وكي يرفع الرئيس دونالد ترامب العقوبات، تلك لابد لشخص ما قريب منه أن يقول له، إن هناك بلدا اسمه السودان، ما قصر معنا وأعطانا كل معلومة طلبناها عن القريب والبعيد وما عنده «صواريخ» غير الهلال والمريخ، والاتنين فشنك، وما يقال عن أن لديه معملا نوويا في كريمة غير صحيح، لأنه مجرد مصنع يقوم بتحويل نواة التمر الى علف، وصحيح ان المصنع كان شيوعيا غرسه السوفييت في ديار الشايقية، ولكن كما تعلم السوفييت نفسهم حقهم راح، ولو قال ذلك الشخص لترامب أن الممثل جورج كلوني في حالة صدام مع الحكومة السودانية، فسيقرر ترامب على الفور اعتبار حكومتنا صديقة، لأنه يكره أهل هوليوود، وأهل الصحافة لأنهم عادوه منذ ان قدم نفسه مرشحا للرئاسة.
علينا أن نكف عن الوهم بأن بلادنا مستهدفة بسبب موقعها الاستراتيجي وثرواتها الكامنة (هناك فعلا ثروات سودانية حقيقية كامنة في بنوك أجنبية)، فلا موقعنا استراتيجي بمقاييس الجغرافيا السياسية في عالم اليوم، ولو كانت لدينا ثروة كامنة أو مكشوفة لسعت واشنطن للتقرُّب، لا النأي منا، وبالتالي يكون الرهان على ان يفهم ترامب بأن رفع العقوبات عن الحكومة السودانية لن يضر بلاده (ولن ينفعها، تماما كما ان فرض العقوبات لم ينفعها في شيء)، وبالتالي يكون منطق إقناع ترامب برفع العقوبات، هي العبارة التي صارت مسهوكة في عصر «الإنقاذ»: في ميزان حسناتك.كالتي تقال لكل من يقرض السودان مالا (وتعني ان السداد غير وارد)
وأعود وأنصح الحكومة مجددا بالكف عن تصوير رفع العقوبات بأنه سيحدث نقلة إعجازية إيجابية في كل المجالات، ومن ذلك الزعم بأن «بنك السودانر هو أكثرالمستفيدين من رفع العقوبات الأمريكيةعلى السودان، لأنه عانى من قلةعائداته من الدولار، بسبب العقوبات،مماأدى الى خسائركبيرة،عندما تحولت البلاد من التعامل بالدولار الى اليورو، وماترتب عليه من منع التمويل الذي أدى إلى إضاعة فرص تمويل كبيرة مع أسواق مالية»
هذه الفقرة بين علامات التنصيص منقولة حرفيا من تصريح لاقتصادي كبير يشغل منصبا حكوميا كبيرا، ولكنه لم يشرح لنا كيف أن رفع العقوبات سيزيد من عائدات بنك السودان من الدولار!! هل للبنك بموجب قانون تأسيسه وتسييره عائدات؟ ومن أين؟ وهل رفع العقوبات سيعني فتح «بلف» معلوم لدى المسؤول الكبير، فتتدفق الدولارات على بنك السودان؟ وهل اليورو عملة أي كلام بحيث يقود التعامل بها الى خسائر، والذي يعلمه تلميذ الروضة السوداني حتى قبل ان يرتدي روب «التخرج»، أنه ما من عملات صعبة تدخل خزينة أي بلد إلا من عائد صادراته، ونحن نصدر شوية خرفان وصمغ ونستورد الأكل والملابس والأدوية والكرز والعنب البناتي والبصات المصابة بإعاقات حركية، ورغم النيل الجاري منذ ملايين السنين منا من ذوي اليسار من يستورد ماء الشرب خوف التهلكة إذا شرب من ماء النهر او البئر، وأعطت الحكومة واردات السلع الاستفزازية الأولوية، وهكذا وكلما استشرى داء لم نجد الدواء، ولكننا نجد الأجبان السويسرية والجاكتات الإيطالية، وعيال المدارس تنقصهم الكتب والكراريس، ولكن هناك ملايين مخصصة لعطور باريس
ومن أغرب ما قرأته للدكتور هيثم محمد فتحي المستشار الاقتصادي برئاسة الوزراء،أن رفع الحظرعن التعاملات المصرفية سوف يقلل الفساد في مجال المشتريات،لأن الكثيرمن المؤسسات الحكومية والخاصة،تضطرللتعامل عبروسطاء لاستجلاب التقانات أوقطع الغيارالأمريكية.
بالله؟ يعني حتى الفساد من تحت رأس أمريكا، ويقتصر فقط على المشتريات من الخارج؟

جعفر عباس – الصحاقه


تعليق واحد

  1. الاستاذ جعفر عباس ابو الجعافر متعك الله بالصحة والعافية
    والله انت فاكهة الصحافة ……….. احب تحليلاتك الرائعه
    دمت بخير يا عزيز