تحقيقات وتقارير

مياه الشرب..أزمة تحاصر ولايات الشرق


-معاناة وضجر مستمر لحق بأهالي ولايات شرق السودان التي لطالما عرفت بإشكالاتها المتتابعة لانعدام مياه الشرب ومطالباتها المتجددة بحل أزمة المياه، لكن لم تجد مناداتها حظاً في أن يصغى لها من قبل المسؤوليين والقائمين على أمر ولاياتهم،

بل كانت الوعود هي الرد الأمثل لامتصاص غضبهم وتطمينهم بأن بوادر الحل قد لاحت في سماء، مناطقهم ليكتشفوا مع مرور السنوات أنها كانت وعوداً لا غير، وألا مكان لها في أرض الواقع، الأمر الذي دفع عدداً من المواطنين للخروج احتجاجاً بوقفات سُميت بالسلمية في الشوارع العامة والبعض الآخر منهم طرق أبواب (الإنتباهة) ليشكي حالهم ويسرد معاناتهم. وبدورنا نتطرق لقضيتهم عسى ولعل أن تخرج بإفادات حقيقية تبعث الطمأنينة في نفوس أهالي تلك الولايات .
معاناة مواطنين :
وتستمر معاناة أهالي ولايات الشرق بداية من البحر الأحمر، كسلا والقضارف نسبة لانعدام مياة الشرب، الأمر الذي أحدث الكثير من الوقفات الاحتجاجية ومطالبات دفعت الى مناضد ولاة الولايات دون النظر إليها، لتظل المشكلة قائمة الى حين الفرج بإحدى الطرق البدائية او تجرع مياه ملوثة من الترع ويقول مواطن بالبحر الأحمر لـ(الإنتباهة) إن أزمة المياة ليست الجديدة، وإنما هي قضية متجددة صعب على كافة الولاة الذين حكموا الولاية أن يحلوها ليتركوا لنا محاولة إيجاد منافذ أخرى للحصول على المياه ولم يكن أمامنا سوى أن نشترى المياه بالقدر الذي يكفي حاجتنا اليومية ليتراوح الاستعمال ما بين «2» برميل الى «3» ووصف أن شراء المياه إضافة الى الاحتياجات المعيشية الأخرى عبئاً معيشياً لا يستطيع أغلبية مواطني الولاية تحقيقه ، بينما يشكوا مواطن آخر من ولاية القضارف إنه منذ أعوام ومشكلة المياة في تفاقم الى يومنا هذا الذي انعدمت فيه المياه تماماً حيث نقوم بشراء المياه من بعض المحليات المتاخمة للولايات الأخرى والتي تحظى بفائض من المياه ولفت الى أن تقدم أهالي القضارف بمختلف محلياتها برفع مذكرات ومطالبات للجهات المسؤولة على أمل أن تحل هذه الأزمة في وقت وجيز وبشكل جذري .
حلول وانهيار :
وابتدر المواطن آدم حديثة لـ(الإنتباهة) وتكسو ملامحه الحسرة نسبة لما يعانيه مواطنو ولاية كسلا من انعدام المياة وما يتبعه من مشقة جسدية ومادية في كيفية حصولهم على برميل واحد يروي عطش أبنائهم ، ولفت الى أن المشقة أصبحت رمزاً لأهالي كسلا واعتادوا عليها بعد ما يأسوا من تدخل السلطات لحل مشكلتهم موضحاً أن المياه هي من أهم الخدمات التي يجب أن يوفرها الوالي لمواطنيه، وقال لم نطالب بتنمية ولا حياة رفاهية لأهالي الولاية، ولكن أبسط حقوقهم بتوفير مياه الشرب التي هي أساس الحياة، وأضاف إنه في عهد الوالي الأسبق إبراهيم محمود تقدم أهالي قرية حفرا بمذكرة تضمنت معاناتهم في انعدام مياه الشرب وبدوره شرع الوالي الأسبق في تنفيذ سد حفرا الذي من خلاله تخزن مياه الشرب ليكون حلاً جذرياً للأزمة، إلا أنه من أول فصل خريف وهطول الأمطار انهار السد ولم يتمكن من تخزين قطرة مياه واحدة ومن هنا تجددت الأزمة. وتعالت أصوات المواطنين لإنقاذهم من قساوة العطش، مشيراً الى يومنا هذا لم تستجب السلطات المسؤولة عن إعادة إعمار السد او إيجاد حلول أخرى، موضحاً أن شراء المياه بشكل يومي أرهق كاهل المواطنين مادياً.
جهود وتبريرات :
«الإنتباهة» طرقت أبواب المسؤولين والقائمين على أمر تلك الولايات لتؤكد ممثل ولاية كسلا بمجلس الولايات عرفة علي عوض الكريم لـ»الإنتباهة» معاناة أهالي كسلا لانعدام المياه منذ سنوات طويلة وتتفاقم يوماً تلو الآخر، الأمر الذي أرهق الأهالي بشكل واضح وخلق أجواء غير مستقرة بالولاية. ولفتت الى أن تفاقم الأزمة نتج عن ازدحام كسلا ودخول النازحين واللاجئين إليها ما يسبب كثافة سكانية وضغط عالٍ على الخدمات ما يؤثر سلبياً على المواطنين. وأضافت عرفة أن أهالي الولاية يعتمدون بشكل رئيس على مياه الخزان الجوفي (نهر القاش) الذي تتحكم فيه نسبة هطول الأمطار. فكلما كانت الأمطار غزيرة كلما طالت فترة جريان النهر لتصل أربعة أشهر، لكن المتغيرات التي طرأت على الولاية وازدحامها أدى الى نقص المياه بشكل مؤثر .
إشكالات ومقترحات :
فيما كشفت ممثل ولاية كسلا عرفة علي، عن وجود جهود وتنسيق بين الولاية وهيئة المياه خرجت باقتراح إنشاء ترعة من خزان ستيت لسد الفجوة وتفادي وقوع أزمة لمياه الشرب ولفتت عرفة في حديثها لـ»الإنتباهة» عن وجود إشكالات في شبكة إدارة المياة داعية الى تغيرها في أسرع وقت لتم تنفيذ إنشاء الترعة وحل الأزمة التي تأثر منها الإنسان والحيوان ولم تسلم منها حتى البساتين الزراعية وأشجار الفاكهة التي جفت من انعدام المياه .
صعوبة الحل
وتحسر ممثل ولاية البحر الأحمر والعضو البرلماني بمجلس الولايات حامد محمد آدم وقال لـ»الإنتباهة» مشكلة مياه بورتسودان صعُب حلها على كافة المسؤولين والضحية هو المواطن الذي يعيش حالة ضائقة ويحاول أن يتحدى الأزمات لكن من الصعب أن يحل هذه المشكلة بمفردة او من خلال شرائه برميل من المياه من التناكر او عربات «الكارو» فهذه المشكلة يجب أن يقف عليها المسؤولين والقائمين على أمر الولاية. ولفت الى وجود كثير من الوقفات الاحتجاجية التي نفذها المواطنون كلما ضاقت عليهم الأرض بما رحُبت، وقال كل تلك الاحتجاجات لم تجد أذناً صاغية «ولا حياة لمن تنادي». وأضاف في كل مرة أعرض مشكلة مياه البحر الأحمر أمام طاولة مجلس الولايات حتى تم تشكيل لجنة تتكون من رؤساء اللجان للخروج بالحل الأمثل والسريع الذي ينصب في صالح المواطن والولاية وخلال الأيام المقبلة سيحدد أول يوم للورشة ومناقشة القضية . وأشار الى أن اعتقاده الشخصي أن الحل الجذري لا يتم إلا اذا تم مد الولاية من النيل وتم إنشاء خزان ستيت المرتقب، موضحاً أهمية أن يمر النهر من عطبرة ليعبر ولايات البحر الأحمر بداية من هيا وحتى سواكن، لافتاً الى أن تلك المناطق في حاجه مساة للمياه بدلاً من أن يمر النهر بمناطق لا تحتاج للمياه ، وقال حامد «الناس تعبت من شراء المياه بالتناكر « وكشف أن قيمة التنكر الواحد وصلت الى «700» جنيه ما يقود المواطن لصرف مادي كبير. وأضاف أن الأزمة لم تقف على انعدام المياه فحسب، بل تمادت الى أن وصلت الى انقطاع التيار الكهربائي يومياً وبشكل متواصل. وقال « الخوف من انعدام المياه والكهرباء مافارقنا منذ سنوات « وحان الوقت لإيجاد الحلول المناسبة والعاجلة .
ترقب وانتظار:
لم تقف «الإنتباهة» حول ولايتي كسلا والبحر الأحمر، بل وصلت الى القضارف لكشف حقيقة وأسباب أزمة المياه ليقول ممثل الولاية بمجلس الولايات والمعتمد السابق معتصم عبدالجليل إن محليات القضارف الـ»18» تعاني أزمة مياه حادة حتى لجأ أهالي القضارف الى قرى بعيدة ومتاخمة لنهر الرهد ليتحصلوا على مياه الشرب، وأضاف معتصم في حديثة لـ»الإنتباهة» أن أهالي القضارف في حالة انتظار وترقب لمشروع معالجة المياه الذي تم توقيعة بين الحكومة وبنك جدة منذ عام 2010م ولم يرَ النور حتى اللحظة بالرغم من التكلفة المالية الكبرى التي وصلت الى «56»مليون دولار نسبة لظهور إشكالات في المواسير والشبكات المحلية التي تحتاج الى تغيير وتجديد بتكلفة مالية تصل «370» مليون جنيه، الأمر الذي أوقف العمل الى حين وجود منفذ لهذه الإشكالية وفاقم مشكلة انعدام المياه بالولاية واستمرار الأزمة ، وقال لم يكن أمام الأهالي سوى انتظار حكومة الولاية أن تفتح المحطات القديمة وتمدهم بالمياه عبر المواسير المتهالكة لمده يومين وإغلاقها مرة أخرى، مشيراً الى أن المواطن في هذا الحال منذ أكثر من ثلاث سنوات وقال ستظل الأزمة مستمرة الى حين تنفيذ مشروع معالجة مياه القضارف وليس أمامنا ولا المواطن سوى الصبر والتحمل على أمل ألا يطول الانتظار لأكثر من عام ولابد من مراعاة لأهالي الولاية وتقدير وضعهم المعيشي الذي لا يتحمل تكلفة شراء مياه يومية ولا تفي بالحاجة .

نجلاء عباس
الانتباهة