زهير السراج

في ستين مليون داهية !!


* لا تكاد تخلو جامعة من وجود كلية مغلقة أو طلاب مضربين أو تظاهرات، أو تدخلات قهرية لسلطات الأمن، أو تراشقات بين الطلاب والإدارة ..إلخ.

* وظل الحال هكذا منذ اغتصاب الإخوان المسلمين للسلطة قبل 28 عاماً، وإنهاء استقلالية الجامعات وتتبيعها قهراً لوزارة التعليم العالي، ووضعها تحت السيطرة المطلقة للحكومة، ونزع كل الصلاحيات والسلطات من إدارة الجامعة، حتى في أبسط الأشياء، فضلاً عن السيطرة على الداخليات ووضعها تحت سيطرة ما يعرف بـ(الصندوق القومي لرعاية الطلاب) الذي حوَّل الداخليات ومجمعات السكن الى ثكنات عسكرية تسيطر عليها وتديرها السلطات الأمنية بالكامل مما أدى لتوقف كل الأنشطة الثقافية والاجتماعية والرياضية، وتحولت الداخليات الى بيوت أشباح يسيطر عليها وحوش السُلطة!!

* كما تحولت الجامعات الى أماكن للصراع والقتال والمؤامرات، تتلاعب بها وتسيطر عليها ما تسمى بـ(الوحدات الجهادية) التابعة لتنظيم الإخوان المسلمين وحزب المؤتمر الوطني، التي تفعل كل ما يحلو لها.. تضرب وتعذب وتقتل ثم تلصق التهم بالأبرياء، وتصدر الأحكام، وكأنها دولة كاملة الصفات والسلطات، وهي في حقيقة الأمر دولة، بل أكبر من الدولة، وأكثر قوة منها.. فمن ذلك الذي يستطيع أن يفرض رأيه الفاسد على الناس بقوة السلاح غير دولة باطشة لا تحترم قانوناً ولا حقوقاً ولا حتى دين؟!
* صار كل شئ في الجامعات تحت يد هذه الوحدات، فهي التي تصدر الأوامر والتعليمات، وما على إدارة الجامعة سوى السمع والطاعة وهي خانعة وذليلة !!

* يعتقد الكثيرون أن تعليق الدراسة أو فصل الطلاب ــ وهو المشهد الذي ظل يتكرر كثيراً في الجامعات حتى صار القاعدة ــ بيد إدارة الجامعة، ولكن لمن لا يعرف ولا يعلم، فهو بالكامل في يد هذه الوحدات الجهادية ومن يقف وراءها من سلطات أمنية، وما حدث بجامعة بخت الرضا قبل أيام قليلة ليس ببعيد، فالذي فصل الطلاب، والذي أصدر الأمر باعتقال البعض، والذي وقف عائقاً أمام حل المشكلة، هم أشباح السلطة، وليس إدارة الجامعة التي لا تملك غير تنفيذ الأوامر وإلا ذهبت الى الجحيم!!

* ومما يستغرب له المرء أين ذهبت الرجولة والنخوة في السودان، وكيف تقبل إدارة جامعة أو مدير جامعة على نفسه، أن يسيِّره مجموعة أشباح من طلاب حزب المؤتمر الوطني، ويعجز عن إيقافهم عند حدهم، أو يقول لهم (لا)، ولو استدعى ذلك أن يخسر وظيفته أو حتى حياته، وما معنى أن يكون الشخص مدير جامعة منتفخ الأوداج، وهو حقير في نظر نفسه ونظر الناس، ونظر الذين يصدرون إليه الأوامر والتعليمات وهو خانع خائف ومستكين؟!

* ألا يخجل من يعتقد أنه مدير جامعة من أن يلبي أوامر مجموعة طلاب أشباح وهو يرتجف أمامهم ويكاد يتبول على نفسه من الخوف والفزع والرعب، بينما هم يصدرون إليه الأوامر والتعليمات وينظرون إليه باحتقار وسخرية، ويخاطبونه بلهجة السيد مع عبده، وهم واثقون أنه سيطيعهم، بل ربما يركع تحت أقدامهم، ويسبح بحمدهم!!
* لماذا كل هذا الخنوع والمذلة والخوف المهانة.. في ستين داهية الوظيفة ومن يمنح الوظيفة، بل والدنيا بأكملها مع هذه المذلة وهذا الخنوع والانكسار؟!

مناظير – زهير السراج
صحيفة الجريدة