تحقيقات وتقارير

امتحان (التدريس) .. تنقيح للمهنة أم ارتجال؟


أربع سنوات يقضيها طلاب كليات التربية في الكد والجهد من أجل الحصول على شهادة البكلاريوس التي تؤهلهم لممارسة مهنة التدريس، وينتظرون قضاء سنوات الدراسة بفارق الصبر، حتى يتمكنوا من سلك طريق العمل إلا أنهم تفاجأوا بقرار صادر من وزارة التربية والتعليم ينص على جلوس أولئك الخريجين الملتحقين في مدخل الخدمة إلى امتحان تنظيم مهنة التعليم، ووجد ذلك القرار مناهضة واسعة من المهتمين في المجال التربوي والخريجين، واعتبروا ذلك القرار تقليلاً من كليات التربية التي كما وصفوها تخرج أساتذة مؤهلين وقادرين على توصيل رسالتهم، فيما اعتبر آخرون ذلك القرار ذو فائدة إيجابية كبيرة، وتقنين لخريجي كليات التربية، فهل تلك الخطوة التي اتخذتها وزارة التربية تخدم التعليم وترتقي بالمهنة؟ أم أن هنالك أغراض أخرى لذلك القرار؟. (آخر لحظة) وضعت القرار على منضدة عدد من الخبراء وأصحاب الشأن وخرجت بالحصيلة التالية: تحقيق: ثويبة الأمين المهدي قرار تعجيزي ظل مجلس المهن يعد في مسودة تنظيم مهنة التعليم منذ عامين ووجد القرار النور، ولكنه لم يجد القبول عند كثيرين، واعتبره بعض الأساتذه بكليات التربية أنه يقدح في شأن كليات التربية لأنها تخرج أساتذه مؤهلين لممارسة المهنة، واستنكر عدد من الطلاب بجامعة الخرطوم القرار ووصفوه بالمجحف، وأنه تقليل من مستوى كليات التربية بالجامعات، ووجه الطالب أحمد ابراهيم بنبرات حادة اللوم لوزارة التربية، وقال إن الكلية تخرج أساتذه مستوفين للشروط، بما يتلقونه من منهج متخصص في الكليات، ووصف القرار بالتعجيزي للخريجين، وأضاف إذا الوزارة رأت أن خريجي التربية ضعيفو المستوى فعليهم تغيير المنهج الذي يدرس، وليس إضافة عثرات أخرى للخريجين . وأشار إلى أن شروط مجلس المهن تفاضل الدرجات العلمية بعد الجلوس للامتحان، وكذلك شروط المخدم التي تقدمها الوزارة بعد نيل الرخصة، كل هذه الفروض صعبة على من يلتحق بالعمل في مهنة التدريس، وقال إن تطبيق قرار جلوس الطلاب لامتحان تنظيم المهنة، سوف يؤدي إلى تناقص أعداد الطلاب المقدمين لكليات التربية بالجامعات . مزيداً من التأهيل وما أن وصل ذلك الخبر إلى طلاب كلية التربية بجامعة السودان، حتى بدأ الاستياء والحزن واضحاً على وجوههم، والتقينا بالطالبة آلاء عز الدين التي تدرس بجامعة السودان وعلى أعتاب التخرج من كلية التربية، وأبدت رفضا كبيراً للقرار، معتبرة أن سنين البكلاريوس كافية لتأهيل وممارسة المهنة، وطالبت الوزارة بتوضيح أسباب الجلوس لامتحان مزاولة المهنة. بينما يرى الطالب بكلية التربية قسم علم النفس قمر الدين عمر أن بعض حملة البكلاريوس والدرجات العلمية العليا غير مؤهلين لممارسة المهنة، وأن القرار ذو فائدة كبيرة، ويعتبر اختباراً وتنقيحاً لقدرات الملتحقين بمهنة التعليم، وأن الرخصة التي يحصل عليها الطالب بعد اجتيازه الامتحان تسهل له مهام مزاولة المهنة، وتخضعه لمزيد من التأهيل وتميز بين القوي والضعيف. غير مدروس ووصف مدير مدرسة الخير والبركة عبد الحفيظ محمد صالح القرار بالعشوائي وغير المدروس، واعتبر واضعي القرار بأنهم لاعلاقة لهم بالتعليم، وغير مدركين بعواقب ذلك القرار الذي سوف يؤدي إلى تضاؤل الملتحقين بكليات التربية، وطالب بتفيذ القرار وتطبيقه على أعضاء المجلس، لأنهم هم في الأساس في العملية التعليمية، مطالباً الجهات التي وضعت القانون بتطبيقه على نفسها، مبيناً أن مهنة التعليم أصبحت طاردة غير محترمة يمتهنها من لا مهنة له .. وشدد على ضرورة مراجعة القرار، وأن يخضع لذوي الخبرة والكفاءات . وذهب الأستاذ بالمعاش أسامة الشفيع في ذات الاتجاه، وقال إن القرار الذي يفضي للجلوس لامتحان المهن التربوية لايقود إلى ترقية المهنة أو العملية التربوية، موضحاً أن مهنة التعليم تحتاج لإعادة صياغة وإصلاح شامل، لافتاً إلى أن الإصلاح لا يمكن أن يكون بتلك القرارات التي وصفها بالارتجالية، داعياً للعودة إلى المعاهد والتدريب والتأهيل لإصلاح التعليم، بجانب تحسين الوضع المادي . لا يُعد منقصة ويرى عميد كلية التربية بجامعة السودان ضياء الدين محمد الحسن أن الامتحان لايعد منقصة للطالب، بل تأكيد للمعايير المطلوبة في المهنة، مشيراً لوجود معايير ينبغي أن تتوافر في أي مهنة، لافتاً إلى أن كليات التربية تخرج أساتذة مؤهلين وأكفاء، ولكن لايعني ذلك أن الخريج لايحتاج إلى مزيد من التأهيل والتدريب، وهذا مايحققه امتحان السجل التربوي، وأضاف أن مهنة التدريس تحتاج إلى قدر عالٍ من الكفاءة والخبرة، وأوضح أن تطبيق ذلك القرار سوف يبدأ من العام 2018م وهو نتاج مؤتمر التعليم العام، والهدف منه هو تنقيح مهنة التعليم . امتحان موحد وكشف رئيس اتحاد المهن التربوية للمعلمين أحمد عبد الكريم الحميدي عن تقدم (7) آلاف طالب وطالبة للالتحاق بمهنة التدريس في هذا العام، وقرر المجلس أن يتم القبول بعد اجتياز امتحان المهنة بالترتيب والاتفاق مع لجنة الاختيار ووزارة التربية والتعليم، وقال إن أغلبية المتقدمين من الخريجين الذين يفتقدون للخبرة، وأشار إلى أن الامتحان سوف يشتمل على ثلاثة محاور هي: (تخصصي -تربوي – معلومات عامة) وقال إن الامتحان وضع وفق أسس تربوية وتعليمية، ويتم التوزيع على حسب درجات التفوق والنجاح، وبالنسبة للمعاينات فستكون بصورة موحدة لكل السودان، مبيناً أن الذين يعملون في حقل التعليم، تمنح لهم رخصة مؤقتة لحين خضوعهم للامتحان، لافتاً إلى أن أصحاب التخصصات الأخرى يطالبون بشهادات دبلوم من كليات التربية للجلوس للامتحان، حتى يتم تعيينهم بطرق رسمية بعيدة عن الوساطات والمحسوبية . شهادة خبرة وقال عضو مجلس المهن التربوية محمد عثمان عبادي إن عملية التعليم أصبحت تخضع للحظ والصدف، فلذلك كان لابد من وجود منهجية علمية متمثلة في جلوس المتقدمين لامتحان السجل التربوي، لفلترة الكفاءات، وقال إن حقل التعليم يخرج أجيال للمستقبل، وتحقيق آمال أمة لذلك كان من الضروري وضع قوانين لقياس سقف الكفاءات، باعتبار أن مهنة التعليم هي أم المهن، والحقل الذي تصنع فيه الكفاءات والقدرات، وأن المجلس يقوم بمنح الرخصة، والتي تعتبر خبرة لحاملها . جباية أموال ومن ناحية اقتصادية قال الخبير الاقتصادي كمال كرار إن الغرض من القرار هو جباية أموال، وأضاف أن الامتحان يقدح ويجرح في كليات التربية، وعدم الاعتراف بها، لافتاً إلى أن امتحان السجل التربوي لايسهم في تطوير العملية التعليمية، وبالتالي تصبح الفكرة غير مجدية، موضحاً أن كليات التربية ظلت تخرِّج طلاباً مؤهلين نظرياً وعلمياً لممارسة المهنة، مشيراً للتدريب الذي يتلقاه خريجو الكليات الأخرى الذين يرغبون في ممارسة المهنة، وقال إن خريجي كليات التربية يعانون من البطالة، لأن مهنة التعليم أصبحت مفتوحة لغير المؤهلين من مجندي الخدمه الوطنية، ودعا كرار لتأهيل المعلم عن طريق الكورسات والدورات التدريبية، وليس عن طريق الامتحان، لانه يهدر الطاقات والموارد، متخوفاً من أن يكون النجاح في الامتحان على حسب الولاء السياسي، وقال إن التربية والتعليم انهارت بفعل السياسات الحكومية بإهمال التعليم، وعدم وضع ميزانية كافية لتطوير التعليم .

اخر لحظة