صلاح الدين عووضة

السمحة !!


*حاورته في كل شيء ذلك اليوم..

* إلا الشيء الذي أتيت خصيصاً من أجل محاورته فيه..

*كان ذلك أواخر التسعينيات في مكتب علوي يخلو من (أبهة) الأيام الخوالي..

*وكان المكتب بجوار مبنى صحيفة (الوطن) الآن..

*أو لعله هو إن لم تخني الذاكرة كما تخون أخوة المصير…حين يتفرق بهم المصير..

*أخوة السلاح…والطعام…والأحلام…والمصير..

*فالقيادي المايوي الذي حاورته وضعت الأقدار مصير أخ له بين يديه..

*وحكم عليه بالذي أحجم عنه آخرون…ورضي بذلك النميري..

*ولكنه لم يرض أن يتحدث عن ذلك الإعدام…بما أنه قام بإعدامه من ذاكرته..

*وفي تلكم الأيام الكئيبة أُعدم آخرون إلى جانب المقدم بابكر النور..

*ومن الذين أُعدموا- من المدنيين- الشفيع أحمد الشيخ..

*وهو من الذين قال نميري إنه ما كان ليعطيهم شرف الإعدام رمياً بالرصاص..

*خرج من المحاكمة مساءً وعقله شاخص نحو النهاية الحزينة..

*وشاخص- كذلك – نحو البداية السعيدة..

*نحو مساء مثل ذاك المساء شهد عقد قرانه على فتاة متفردة…ومتمردة..

*متمرة على المفاهيم البالية…لا على القيم والمثل والأخلاق..

*كانت تحكي له فضل أمها عليها في هذا الجانب..

*وكيف أنها نهرتها يوماً حين أطالت الوقوف أمام المرآة تنظر إلى وجهها..

*قالت لها (المهم ليس جمال الشعر…وإنما الذي تحته)..

*وكانت تعني جمال العقل…وكماله…ورزانته..

*ولكن عقول الذين داخل قاعة المحكمة غابت عن رؤوسهم يومذاك..

*فحكموا على من مثلوا أمامهم بأن يغيبوا عن الدنيا..

*حتى من بين الشهود- من المدنيين- من غاب عقله أيضاً…مثل معاوية سورج..

*فشهد على بعض أخوة الطعام…والأحلام…والمصير..

*ومنهم الشفيع الذي تحققت أحد أحلامه هذه في ذلكم المساء بحي العباسية..

*فقد اقترن بفتاة أحلامه (فاطنة السمحة)…بنت الأصول..

*واقترنت فاطمة هذه بذاكرتي في كلمة كتبتها عنها قبل أعوام خلت..

*عن زيارتها إلى لندن وقتها…وتوبيخها من احتفين بها..

*كن مجموعة من متحررات اليسار…احتفلن بإحدى رائدات اليسار..

*وما درين أن يسارهن ليس مثل يسارها..

*فانتفضت فيهن صائحة: (التحرير) الذي طالبنا به لا يعني (التحرر) من الأخلاق..

*ولا من العادات…والأخلاق…والمثل…والفضيلة..

*وبقيت محتفظة بعقلها داخل رأسها منذ وقفتها تلك أمام المرآة…وعتاب أمها..

*مروراً بولوجها البرلمان كأول نائبة سودانية…وعربية..

*وليس انتهاءً بتعنيفها شاربات البيرة والسجائر…من اليساريات بلندن..

*ومن ثم كان يمكن محاورتها في كل شيء..

*كل شيء…من لدن الطفولة وحتى الشيخوخة دون أن تقول لك (إلا هذا الشيء)..

*ولكن بعض من حكموا على زوجها وآخرين….(قالوا)..

*وما نقوله نحن (طبتِ بدايةً ونهاية يا سمحة !!!).

صلاح الدين عووضة
صحيفة الصيحة