رأي ومقالات

البنيات التحتية في ماليزيا والتجربة المستفادة


زرت ماليزيا مؤخراً، هذه الدولة التي نالت استقلالها في العام 1957 (أي بعد استقلال السودان بعام واحد) بلغت شأواً بعيداً في مجال التنمية الاقتصادية، وأصبحت في عداد الدول متوسطة النمو، المتطلعة لبلوغ مرتبة الدول متقدمة النمو.

لاحظت أن البنيات التحتية في هذا البلد من طرق واتصالات وسكك حديدية وكهرباء ومياه وصرف صحي وسطحي، قد وصلت مرحلة متقدمة جداً قاربت حد الكمال.

من الواضح أن تكلفة مثل هذه البنيات هائلة جداً فكيف تمكن هذا البلد من إنجازها؟

في المعهد العالمي للسياسات العامة والإدارة، التابع لجامعة الملايا أكبر الجامعات الماليزية، حاضرنا البروفسيور سليمان محبوب الذي يعد المخطط الاقتصادي الأول بماليزيا، قال ان البنيات التحتية في البلد تتم عن طريق التعاقدات مع القطاع الخاص بأنظمة البوت. مثلاً تقوم شركة بالاتفاق مع الحكومة بإنشاء طريق، وتتحصل تكلفة إنشاءه مع الأرباح من خلال تحصيل رسوم من العربات التي تستخدم الطريق. وبالتالي لا يتم تحميل الميزانية العامة للدولة أي نفقات.

بدأت الاحظ أن الحافلة التي تنقلنا من الفندق الى الجامعة تمر على ثلاثة نقاط تحصيل، وفي كل نقطة يتم تحصيل حوالي 5 رنجت وهو ما يعادل دولاراً أمريكياً واحداً، أي أن حافلتنا تدفع ستة دولارات في رحلتي الذهاب والإياب.

هذا المبلغ مضروباً في عشرات الآلاف من السيارات والشاحنات والحافلات التي تعبر يومياً من خلال هذا المعبر يمثل حصيلة هائلة، تتحصل من خلالها الشركة المنفذة للطريق تكاليف الانشاء، وبعدها تتحصل على الأرباح وفقاً لعقد الإدارة مع الحكومة، والذي عادة ما يكون ما بين عشرة الى عشرين عاماً حسب حجم الأعمال المنفذة.

مثال انشاء الطريق يتكرر في كافة مشروعات البنى التحتية والتي تنفذ بمستوى متقدم جداً في ماليزيا. فما الذي يمنع دولتنا من اتباع نفس الأسلوب؟

من ناحية حجم التمويل المطلوب فإن الأموال متوفرة، حيث توجد الآن على مستوى العالم الكثير من بيوتات التمويل التي يمكن أن توفر مئآت الملايين من الدولارات بفائدة لا تتجاوز 1% الى 2%.

ومن ناحية التقنيات الملائمة والقوى البشرية المطلوبة للتنفيذ فإن هذا متوفر في السودان، ويكفي أن كوبري سوبا وهو منشأة هندسية هائلة تم تنفيذها بالكامل بأيدي سودانية، فأين المشكلة إذن؟

تكمن المشكلة في المناخ الاقتصادي الغير مشجع للاستثمار في هذه المشروعات من قبل المستثمرين المحليين أو الدوليين. أهم عائق الآن هو عدم وجود التشريعات التي تحمي المستثمر وما ينفقه من مال.

التزام الدولة بالسماح للمستثمر بإخراج رأسماله مع الأرباح نقطة جوهرية إذا ما كان المستثمر أجنبياً.

أما إن كان المستثمر سودانياً فإن ضمان عدم تدخل الاعتبارات السياسية في الجدوى الاقتصادية للمشروع يعتبر أمراً جوهرياً، والمقصود بهذا أن يكون تحديد مبلغ رسوم الخدمة المقدمة مبنياً على الاعتبارات الاقتصادية فحسب، فلا يجوز أن يتدخل المجلس التشريعي مثلاً لتحديد رسوم الخدمة لمشروع نُفذ بواسطة القطاع الخاص.

معالجة مثل هذه العقبات يكون بعمل تشريع خاص بالشراكة ما بين القطاعين العام والخاص، وله مثال ونموذج لدى البنك الدولي وفي تشريعات دول مختلفة، علينا أن ننسج على منوالها، والله الموفق.

د/ عادل عبد العزيز الفكي
adilalfaki@hotmail.com


‫6 تعليقات

  1. رسوم الطرق والجبايات مطبقة من عام 89 لكن الفساد الفساد الكيزان الحرامية المفروض بأموال البترول علي كانت الخرطوم تشبه بقية عواصم العالم الثالث علي اقل

  2. يا دكتور عادل عزو قال زبدة الكلام الكيزان فسدة وفاسدين ومفسدين .. الفساد يجهض كل عمل .. والفساد ضروري لبقاء الكيزان في السلطة.. لان الفاسدين ديل حيصبحوا وقت الضرورة هم الممولين للحزب..وببساطة لا يمكن لعاقل ان يهد البيت الذي ياويه واخوانك ديل بيرضعوا من ثدي الفساد .. وظائف .. مناقصات .. تخصيص اراض زراعية وسكنية ..احتكار عقود ..تمويل .. .. هؤلاء هم الاخسرين اعمالا .. الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهو يحسبون انهم يحسنون صنعا.. 27 سنة خراب ودمار ومعاناة سيسألهم الله عنها.

  3. الرسوم والجبايات مطبقة عندنا ومن اوائل او باالأحرى الوحيدين في العالم الذين فرضوا الرسوم على زائر مريض فى المستشفى فلم نر طرقا ولا كهرباء ولامشافيا والسبب الفساد وسوء الإدارة والمنظرين من خبراء اقتصادنا الذين لم نر من دراساتهم وخبراتهم ونظرياتهم غير الخطب الرنانة ( نسمع جعجعة ولا نرى طحنا) ويقولون ما لا يفعلون . لا كما فعل البروفسير سليمان محبوب فعل ما قال وعمل بما علم ونزل به أرض الواقع .

  4. والله يا دكتور عادل مشروع الشركات بأن تقوم بأنشاء الطرق وتحصيل قيمة تكلفتها وأرباحها برسوم وبوابات فى الطريق سبق وأن اقترحنا هذه الطريقة وهى فعلا هى المطبقة فى دولة ماليزيا وبالتالى تجد كل مدن ماليزيا وشوارعها الهاى وى عملت بنفس الطريقة … بالتالى الحكومة بتكون مرتاحة من هذه الناحية والبلد بتكون اطورت وتقدمت …… الا أن حكومة بلدنا تفكيرها محدود … وكله يقوم على المجاملة والفساد…. وكان ممكن تستفيد من الشركات الصينية والكورية الجنوبية وغيرها وتنفذ نفس المشاريع ….. الا ان مسؤلى بلدنا الواحد بفكر هو الاستفيد من المشروع عن طريق شركات ومقاولين يجيبهم عن طريقه ويفيد ويستفيد ….. وأقرب مثال حى الطائف مربع 22 ولعبة معتمد الخرطوم السابق والشركة التى تخصة وعمل انترلوك فى جزء من الحى وحول منزله ولما أزاحوه من المنصب سحب نفسه ……. وبالتالى المسؤلين فى الحكومة يسعون للفساد وعدم الاهتمام وتحمل المسؤلية …… والله المستعان

  5. التجربة الماليزية سبقتها اليابان وسنغافورة في النهضة والنمو الإقتصادي ، وقد تم توجيه سؤال إلى باني نهضة ماليزيا رئيس وزرائها السابق محاذير محمد عن أكثر المستفيدين من التجربة الماليزية فقال أن السودانيين أكثر الناس سؤالاً عن التجربة الماليزية ولكنهم لم ينفذوا منها شيئاً !! أما سنغفورة فكانت أولى خطوات رئيس وزرائها نحو النهضة هي محاربة الفساد بلا هوادة فسن قوانين صارمة لمعاقبة المفسدين دون تمييز أو حصانة فقد تمت محاكمة بعض الوزراء ونشر صورهم وجرائمهم في الصحف . وكما هو معروف فإن سنغافورة تزعمت الإقتصاد العالمي وأعلى دخل للفرد في العالم لعدة سنوات ومساحتها لا تتعدي 710 كيلومتر مربع بها أكبر وأحدث المطارات والموانيء والفنادق ومصانع عملاقة وصناعات صغيرة لا يخلو دكان أو كشك في العالم من منتجاتها . وتقوم الحكومة لدينا بتحصيل ضرائب ورسوم وجبايات تفوق ما يتم تحصيله في أي دولة أخرى وهذه الرسوم والجبايات سبب رئيسي من أسباب إرتفاع أسعار السلع والمنتجات حيث يتحمل المستهلك التكلفة النهائية . ولاتقوم الحكومة بصرف جنيه واحد من هذه الأموال على توسعة وصيانة المرافق المعنية سواءً كانت مطارات أو موانيء أو طرق فهذه المرافق تفتقد للحد الأدنى من الصيانة والتوسعة والخدمات الضرورية . لايمكن لدولة أن تنهض وتتقدم بدون التخطيط السليم وتوجيه موارد الدولة لإنجاز مشاريعها وفق تلك الخطط فإن اللامبالاة والعشوائية والفساد المستشري لا يمكن أن يؤدي إلى نهضة ولا تنمية ومن يزرع الشوك لا يجني العنب . مثال قريب للطريقة التي تدار بها المرافق فإن الجهات المعنية أعلنت إستعدادتها لإستقبال المغتربين العائدين من السعودية وتم تكوين لجان ولجان إلا أن التلفزيون بث حلقة مباشرة من ميناء سواكن ميناء الركاب الرئيسي بالبلاد ! فكان الوضع مزري والخدمات صفراً والقادمون والمذيع يتصببوا عرقاً داخل صالة القدوم الضيقة لعدم وجود تكييف بسبب تعطل مولد الكهرباء والذي أفاد مدير الصالة بأنه جاري إصلاح العطل لإعادته للعمل ! ولكن كيف نقنع الأطفال الذين يصرخون من شدة الحر والرطوبة بهذا التبرير السخيف ! وقد تم تخصيص الميناء للركاب منذ مدة طويلة كانت كافية لإنشاء صالات حديثة وواسعة مزودة بجميع الخدمات وساحات ومستودعات وجميع وسائل خدمة الركاب من الرسوم والجبايات الكثيرة التي يتحصلها الميناء من الركاب وأمتعتهم وسياراتهم وقد أفاد بعض الركاب بأنهم وصلوا عبر هذه الصالة قبل ثلاث سنوات ولم يتغير شيء هذه المرة سوى زيادة المعاناة ، علماً بأن الميناء كان أساساً مخصص لتصدير المواشي ومازال يتم تصديرها حتى الآن من بعض الأرصفة . ويعاني الحجاج والمعتمرون سنوياً من سوء الخدمات وإنعدام التسهيلات ولكن لا حياة لمن تنادي .

  6. السيد الدكتور عادل تحدثنا من خارج البيت وأنت سيد المنزل . من يقوم بعمل التشريعات الخاصة بالشراكة والتشجيع على دخول رأس المال في الصناعة والزراعة والتجارة الحرة والحارة . وأنت سيد عادل ممن تمسك بكامل الصلاحيات بهذه المهمات المسئول عن الاقتصاد بالمؤتمر الوطني والمسئول عن الاستثمار بولاية الخرطوم . الزيك بفعل ما بكتب كصحفي مراقب .