عالمية

حفلات طلاق تضاهي الأعراس


جرت العادة منذ آلاف السنين أن تُقام حفلات وأعراس لزفاف عروسيْن، لكن أن تجد نفسك مدعوًا لحضور حفل بمناسبة طلاق، فالأمر غير عادي.
قاعة “مزايا” للأعراس والمناسبات في منطقة الوزيرية وسط العاصمة بغداد، شهدت أولى حفلات الطلاق، في صورة لأغرب تغيير جذري تشهده الأعراف الاجتماعية في العراق.
حالة من الاستغراب والذهول أصابت صاحب القاعة نبراس العامري، حين تلقّى اتصالًا هاتفيًا من سيدة تطلب حجز القاعة لإقامة حفل طلاقها.
وفي وصف الفرح، يقول العامري إن المُطلقة منال فاهم كانت تلبس فستانًا بألوان زاهية، والحُلي تغطي عنقها، وكانت تضع مكياجًا يضاهي ذلك الذي تضعه العروس يوم زفافها.
نساء متزيّنات جئن لمشاركة منال حفل إعلان طلاقها، كنَّ يوزعن الحلوى على الحاضرات في مشهد فرح عارم. تؤكد منال أن طلاقها مشروع للعيش في حياة مختلفة أوصدت فيها الأبواب على عيش سابق تعرضت خلاله للضرب والاعتداء النفسي والجسدي على مدار سنوات.
فندق “قصر الحياة” أيضا شهد حفلا مماثلا لفتاة تبلغ من العمر 23 عاما، وهي أم لطفل ويعيشان في أسرة غنية جدا. لم تكتف المطلقة بقطعة كيك (كعكة) احتفاء بانفصالها عن زوجها، بل أقامت حفلة رقصت فيها بحماس وسعادة وحرصت على الظهور بكامل زينتها وجمالها.
وفي فندق “بابل” تكاد إحدى القاعات “تحجز على مدار الأسبوع لإقامة حفلات طلاق” تحضرها عشرات النساء اللاتي يرقصن فرحا ويشجعن الواحدة الأخرى على التخلص من أزواجهن.
وتعليقا على الظاهرة، تقول الخبيرة الاجتماعية ندى العابدي إن المجتمع العراقي لا يزال ينظر للمرأة المطلقة نظرة قاصرة، لكنه بات يتقبل وجود المطلقات فيه.
وتشير ندى العابدي إلى أنه في السنوات الأخيرة بات وجود الفتيات المطلقات تحت سن العشرين في العراق أمرا طبيعيا.
وتساند الكثير من العائلات بناتها في طلب الطلاق، ولا سيما في حال عدم تقبل الزوج، وهو ما يفسر ظاهرة رفع النساء قضايا الطلاق بدلا من الرجال.
بدوره، يؤكد الباحث الاجتماعي بوزارة العمل والشؤون الاجتماعية ثائر عمران “ارتفاع نسبة الطلاق بشكل كبير في الآونة الأخيرة” حيث أصبح اعتياديا ولا يندرج ضمن قوائم المحرمات والحياء، الخاصة بالعادات والتقاليد”.
ويعزو عمران سبب إقامة النساء حفلات طلاقهن إلى “انفتاح المجتمع على الحياة وتطورها، خاصة بعد عام 2003، وبعض النساء تعدها بمنزلة حفل تكريم، لخلاصهن من الصعوبات التي تواجههن مع أزواجهن”.
ويضيف عمران “أسباب عديدة تدفع النساء لإقامة حفلات بعد طلاقهن، كزيادة المشاكل بين الزوجين، وتمسك الزوج بعدم تفعيل خيار الطلاق”.
وسجلت حالات الطلاق ارتفاعا كبيرا في الآونة الأخيرة حتى باتت النسبة العليا بين القضايا التي تشهدها المحاكم، وهي ظاهرة يعزوها كثيرون إلى الحروب والأوضاع السيئة التي يشهدها العراق منذ 36 عاما.
ووفقا لإحصاءات رسمية صادرة عن مجلس القضاء الأعلى (حكومي) فإن نحو 20% من حالات الزواج التي جرت في السنوات العشر الأخيرة انتهت بالطلاق.
وتتحدث الأرقام الرسمية كذلك عن أن مجموع حالات الطلاق في البلاد بلغ 517 ألفا في السنوات العشر الماضية.

الجزيرة نت