تحقيقات وتقارير

الأمطار والنيل بالخرطوم..حبـس الأنفـاس


في الساعات الأولى من فجر أمس السبت, بدأت الأمطار في ولاية الخرطوم تعيد ذات المشاهد التي تعرضت لها الولاية في أنحاء متفرقة، وقبل أن تجف تلك الآثار التي تحول معظمها وسط الأحياء إلى برك آسنة, تجددت بأمطار استمرت لساعات..

وعند حوالي التاسعة صباحاً، تغيرت الملامح وامتلأت الشوارع والطرقات، وظلت المياه ما بين القديمة والجديدة تبحث عن مصارف غذتها النفايات بكتل (لا تسر الناظرين). بدأت جولة (الإنتباهة) بمشاهد شح المواصلات، بل انعدامها خاصة المؤدية للخرطوم، وقد لاحظنا أن هناك ارتباطاً بين انعدام المواصلات وهطول الأمطار وإن كانت خفيفة، وهو ما كان محور سؤال، أجاب عنه بعض المواطنين بأن السبب يعود إلى المواطنين أنفسهم والذين يخرجون عادة في وقت واحد، مع قلة المواعين الناقلة فإنه يحدث اكتظاظ بالمواقف وشح بالمواصلات، فيما يرى عدد من قائدي المركبات أن السبب هو رداءة الطرق وخوفهم على مركباتهم من السقوط في الحفر التي تغمرها المياه وسوء المواقف والتخطيط الهندسي الذي تظهر عيوبه مع الأمطار، إضافة الى مخاطر أخرى تتعرض لها مركباتهم من انزلاقات وتسبيب الحوادث، فيختارون عدم العمل مما ينتج عنه انعدام المواصلات.
في موقف كركر
توجهنا بدورنا إلى موقف كركر ، وبالفعل وجدنا ما أشار إليه بعض قائدي المركبات، فالموقف شبه خال من المركبات، وتتوسطه برك مياه تجمعت من هنا وهناك، بعض الأرضيات مغطاة تماماً بالمياه، ولا تجد طريقاً للتصريف.هناك مجموعة من المواطنين يتحدثون الى مسؤول كان يقوم بجولة ميدانية، وعندما اقتربنا منهم وجدنا أنهم مع وفد رفيع من قيادات محلية الخرطوم، حيث دار حديث حول خطة شاملة تعتزم المحلية إنفاذها بشأن إعادة تأهيل موقف كركر ومعالجة الأخطاء الهندسية التي صاحبت تشييده في وقت سابق، ونتج عنها سوء في تصريف مياه الأمطار، مما انعكس تردياً في البيئة الداخلية للموقف وتراكم لمياه الأمطار والتي تشهدها الخرطوم سنوياً .
معتمد محلية الخرطوم فريق ركن أحمد علي عثمان ابو شنب, في تصريحات سابقة عقب تفقده عمليات تصريف مياه الأمطار بالموقف, تناول خلالها عمل خطة تهدف لمعالجة الإشكالات تشمل إزالة التعديات والأخطاء الهندسية في مواقع بعض الأكشاك والمحلات التجارية. وأشار المعتمد الى استمرار المعالجات الحالية لتصريف مياه الأمطار عن طريق التناكر .
مع المواطنين
تحدث عدد من المواطنين لـ(الإنتباهة) حول إشكالات الأمطار بالعاصمة. وقال المواطن (م .ب)، إن حديث المسؤولين بوزارة البنى التحتية في وسائل الإعلام للاستهلاك السياسي فقط، وإن الواقع المتردي للعاصمة بسبب سوء التخطيط ، مستشهداً بالوقوف على الطريق المسفلت وهو مغطى بالمياه، وقال إن المياه تأكل جنبات الطريق وتضعفه ثم تهلكه.
يقول محمد علي سائق مركبة عامة, إن البيئة بموقف كركر متردية للغاية ولا يوجد تصريف للمياه ودائما ما تكون المعالجات آنية كالشفط, وحالياً هذه المعالجة معدومة، وهذا أمر مؤسف وتقصير واضح.
موقف الأمطار
أثرت الأمطار التي هطلت صباح أمس في أنحاء متفرقة بالعاصمة، حيث امتلأ نفق جامعة الخرطوم بالمياه مما أدى لتوقف الحركة تماماً، وفي محلية جبل أولياء تأثرت منطقة الحراز الشقيلاب بارتفاع منسوب النيل الذي فاض بصورة خطيرة هددت المساكن والزرع وممتلكات المواطنين، وهو ما قاد الدفاع المدني لإعلانها منطقة طوارئ، وفي تصريح خاص لـ(الإنتباهة) قال الفريق شرطة هاشم حسين عبد المجيد مدير الإدارة العامة للدفاع المدني، إن الوضع بمنطقة الشقيلاب يتطلب حذراً واستعداداً دائماً وقال إنهم خلال وقوفهم على المنطقة ميدانياً اتضح ان النيل الأبيض فاض بمعدلات عالية الى أن اقترب من حرم المنازل، الأمر الذي يشكل خطراً على المواطنين حال هطول أي أمطار أو زيادة في منسوب النيل، إلا انه أكد استعداد قوات الدفاع المدني التام ووضع قواته في حالة استعداد قصوى للتدخل السريع واحتواء أي تداعيات محتملة، وفيما يتعلق بتراكم المياه داخل نفق جامعة الخرطوم, أوضح هاشم أن قوات الدفاع المدني وبآلياتها المتخصصة تمكنت من سحب المياه واستئناف الحركة في وقت وجيز, مطمئناً على الأوضاع في توتي والتي قال إنها الآن لا تعاني من أي مخاطر، وفي رده حول طائرة المطار قال قائد الدفاع المدني إن الطائرة انجرفت بسبب الأمطار دون حدوث أية خسائر وتمت معالجة أمرها دون إعاقة حركة الطيران، وأشاد بالمبادرات المجتمعية واللجان الأهلية والشباب والطلاب والشرطة الشعبية في التصدي لمخاطر الأمطار والسيول والفيضان، داعياً المواطنين بأخذ الحيطة والحذر والابتعاد بمساكنهم عن حرم الأنهار ومجاري السيول حتى لا يعرضوا حياتهم للخطر.
(13) ارتكاز نيلي
ارتفاع منسوب النيل دعا قوات الدفاع المدني ، لرفع حالات الاستعداد القصوى، وتعزيز قوات العمليات والتدخل السريع بارتكازات غرف الطوارئ بالنيلين الأبيض والأزرق إضافة إلى نشر (13) ارتكازاً للإنقاذ النهري موزعة على شواطئ النيل بالخرطوم وبحري وشرق النيل وأم درمان. وكانت قيادات الدفاع المدني بولاية الخرطوم بقيادة اللواء محمد البشرى قد تفقدت الأوضاع بجزيرة توتي واطمأنت على الاستعدادات ومراقبة ارتفاع معدلات المنسوب المتصاعد, ووجه بإنشاء ارتكاز جديد للمتابعة والمراقبة بالمنطقة الغربية من الجزيرة، منوهاً المواطنين من خطورة النيل وأخذ الحيطة والحذر حفاظاً على الأرواح والممتلكات.

الخرطوم: علي الصادق البصير
الانتباهة