تحقيقات وتقارير

مواطنو جنوب السودان.. شبح الحرب وطول المنفى


تسببت الحرب الأهلية التي لازالت تدور رحاها بدولة جنوب السودان ومنذ إندلاعها في أقل من ثلاث سنوات عن الإنفصال، في مقتل عشرات الآلاف ونزوح الملايين من المواطنين. ووصفت العديد من المنظمات الدولية معاناة شعب جنوب السودان بأنها لا يمكن تصورها، وأنهم قريبون من الهاوية بسبب العنف.

وأضحت أزمة اللاجئين في جنوب السودان الآن الأسرع نموا في العالم بحسب إحصاءات الأمم المتحدة، وتشير هذه الاحصاءات إلى أن عدد اللاجئين من دولة جنوب السودان وصل إلى نحو مليونين، لجأ منهم مئات الآلاف للسودان.

إستحالة العودة

ومؤخراً إستبعد المفوض الأعلى للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي عودة اللاجئين الفارين من النزاع في جنوب السودان في وقت قريب، مشيرا إلى إمكان بقائهم مدة طويلة بعيدا من بلادهم. ودعا غراندي حشود اللاجئين في مخيم النمر بولاية شرق دارفور الى أن يكونوا “أقوياء ويتحلوا بالأمل”، مؤكدا أن الوقت حان لينهي قادة جنوب السودان حربا لا تزال مشتعلة.

وقال غراندي “لوكالة فرانس برس” أثناء جولة أجراها في المخيم، “علي الاعتراف بأن أمام اللاجئين الذين يفرون كل يوم (منفى طويل الأمد)، وأضاف إن الأمل معقود على تحرك قيادة جنوب السودان والمعارضة فيها قبل كل شيء وعليهم التصرف بمسؤولية والتفكير في شعبهم وليس فقط بأنفسهم.

وأشاد غراندي بالخرطوم لفتحها عددا من “الممرات الإنسانية” لايصال المساعدات مباشرة من السودان إلى جارها الجنوبي ولاستضافتها مئات الآلاف من اللاجئين.

ودعا إلى ضرورة تطوير “نماذج جديدة” لمساعدة اللاجئين، بدلا من ابقائهم في المخيمات. وقال في وقت تواجه الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الإغاثية أزمة في الموارد. وأضاف أنه سيكون من الأفضل دعم الاقتصاد المحلي والبنى التحتية كون ذلك “سيعود بالفائدة على اللاجئين أيضا”.

إحصائيات

وتشير احصاءات الأمم المتحدة إلى أن عدد اللاجئين من جنوب السودان وصل إلى نحو مليونين، لجأ أكثر من 430 ألفا منهم إلى السودان. وكان مكتب المفوضية السامية لشئون اللاجئين التابع للامم المتحدة، قد أكد سابقاً ان السودان يستضيف حاليا ربع لاجئي دولة جنوب السودان على مستوى الاقليم.

وافادت المفوضية في نشرة دورية أصدرتها خلال شهر مايو الماضي ان عدد اللاجئين زاد بنسبة 32% منذ نهاية العام “2016”. بينما تشير الاحصاءات أن عدد اللاجئين من دولة جنوب السودان الذين عبروا الى داخل الاراضي السودانية منذ اندلاع الاحداث في ديسمبر 2013 فاق مئات الآلاف.

واضافت :” لقد سجلت منطقة شرق دارفور و النيل الابيض اعلى معدلات في عدد النازحين بنسبة وصلت الى 68% ، وبذلك يكون السودان قد استضاف في اراضيه ربع لاجئي جنوب السودان الموجودين في دول الاقليم.

نمو سريع

وأضحت أزمة اللاجئين في جنوب السودان الآن الأسرع نموا في العالم. وبحسب بيان صحفي لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، جاء على لسان المتحدث باسم المفوضية بابار بالوش في مؤتمر صحفي: أن معدل النزوح الجديد ينذر بالخطر، ويمثل عبئا مستحيلا. وقال إن اللاجئين يفرون إلى السودان وإثيوبيا وكينيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وجمهورية أفريقيا الوسطى. ونصفهم تقريبا عبروا الحدود إلى أوغندا، حيث أصبح الوضع الآن في شمال البلاد حرجا.”

وتابع المتحدث الرسمي قائلا إنه حتى وقت قريب وصل معدل الوافدين الجدد لأوغندا إلى حوالي ألفي شخص يوميا، وبلغ التدفق ذروته في فبراير الماضي بمعدل أكثر من 6 آلاف في يوم واحد.

قلق أممي

ويبدو أن الأمم المتحدة قد أصابها القلق جراء النزوح والأوضاع بدولة جنوب السودان، فقد أعربت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في السودان مارتا رويداس عن قلق المنظمة الدولية إزاء التدفق المتواصل للاجئين من دولة جنوب السودان إلى السودان.

وأكدت في مؤتمر صحفي عقد مؤخراً على ضرورة إيصال المساعدات للمتضررين من المجاعة في مناطقهم في جنوب السودان حتى لا تتضاعف أعداد القادمين إلى السودان.

وقالت “نحن في الأمم المتحدة نعبر عن عميق قلقنا من الزيادات المضطردة والتدفق المستمر من دولة جنوب السودان لا سيما وأنهم يأتون إلينا وهم يعيشون ظروفا صعبة بعد شعورهم بعدم توفر الأمن والغذاء الكافيين في موطنهم”.

وأوضحت أن قرار الحكومة السودانية الذي أصدرته بفتح مسارات جديدة، سيسهل كثيرا إيصال المساعدات إلى هؤلاء المحتاجين حتى لا تزداد أعداد القادمين إلى السودان.

ويرى مراقبون “إن الصراع الدائر فى جنوب السودان يجبر المدنيين على مغادرة منازلهم بأعداد قياسية، وأوضحوا أن الحالة في جنوب السودان مازالت تزداد سوءا مع مزيج من الصراعات والجفاف والمجاعة، وبما يؤدى إلى مزيد من النزوح والهجرة السريعة للسكان الفارين من واحدة من أشد الأزمات فى العالم”.

smc