تحقيقات وتقارير

تصفية القيادات.. حركة عبد الواحد “تفني نفسها بنفسها”


أعاد نبأ تصفية القيادي بحركة تحرير السوان (جناح عبد الواحد) عبد الله ابراهيم الملقب “بعبد الله أرو ” إلى الأذهان مسلسل الإغتيالات الذي ظلت تمارسه حركات التمرد ضد منسوبيها، لإبعاد كل من يشكل خطراً على القيادة سواء بالإعتراض على الممارسات داخلها أو لأسباب عنصرية بحتة. ولما كانت تكوينات الحركات المسلحة لا تعترف بممارسة الديمقراطية أصبحت التصفيات أداة من أدواتها في إقصاء كل من يخالف أوامر قادتها.

حاولت الحركة عبر بيان مقتضب تصوير وفاة عبد الله أرو بانها عادية حدثت نتيجة التسمم الذي ادي بدوره الى هبوط حاد في الدورة الدموية، غير ان القيادي المنشق عن الحركة مرسال ارباب اتهم عبد الواحد نور بتصفية عبد الله أرو. واشار الى ان بعض القيادات الأهلية وعناصر من حركة عبد الواحد قدروا ان عملية التسمم التى لحقت بالقتيل تمت عبر تخطيط من قيادة الحركة ولم تكن مجرد حادثة عادية كما حاولت الحركة اظهارها.

حركة عبد الواحد نور كغيرها من الحركات المتمردة فقدت سيطرتها على الميدان وكذلك مواقعها الإستراتيجية واصبحت تخشي من الإنشقاقات وإنضمام قادتها الي السلام الأمر الذي دعاها الي محاولة إخضاع وترهيب من تبقي من قياداتها العسكرية سالكة جميع السبل حتي وأن كانت التصفيات الجسدية ، خاصة وأنها تري أن إنضمام اي من قياداتها للسلام بمثابة إنتصار للحكومة ، ويدرك عبد الواحد أن ماتبقي من قوي حركته ماهي الا مجموعة بسيطة بقيادة تتمركز في أراضي جنوب السودان بعد أن انفصلوا عن الحركة نهائياً.

وفي رصيد الحركات المتمردة تاريخ طويل في استخدام اسلوب التصفيات تجاه كل من يحالف القيادة في الرأي وكذلك من يحاول الإنضمام لعميلة السلام.

وسبق ان اصدر عبد الواحد توجيهات بتشديد الرقابة والحراسة على من تبقي من القيادات العسكرية للحركة منعاً لانحيازهم للسلام ، كما ان حادثة “تسجيل الإفلاس” لم تكن ببعيدة عن الأذهان اذ قام عبد الواحد بتجميد عضوية كم من تسول له نفسه الحديث عن اوضاع الحركة المادية.

ويوضح محمد حسن عبد الله الباحث في شؤون الحركات المسلحة أن الحركات يغيب عنها منهج القبول بالآخر وتضيق فيها مساحات الحريات ، فالحركات المسلحة تحتكم بقانون البقاء للأقوى ولا تحكمها ضوابط أو قوانين فكل شيء فيها مباح بدعوى الثورية، وفي هذا الإطار تغيب العدالة والحرية ويسود القتل والتعذيب داخلها فهي تحتكم بقانون الغابة والتصفيات داخلها تتم لكل مجموعة أو فرد يخرج من أطر تفكير الحركة.

ويرى عبد الله أن هذه التصفيات تؤثر على الحركات المسلحة وتضعف من أدائها الميداني وكثير من الهزائم التي تتلقاها الحركات المتمردة سببها تراجع معنويات المقاتلين داخلها ، وأشار إلى أن الهزائم الأخيرة التي تلقتها الحركات سببها الرئيسي هو وجود خلل داخلها أثر على معنويات جنودها، مضيفاً أن حركات التمرد أصبحت متفرقة الآراء حتى على مستوى قيادتها العليا، معتبراً أن سلوك الحركات في ممارسة التصفيات وغياب المنهج والرؤى الواضحة التي تجعل كل رأي يؤخذ به كلها أسباب أدت لانحسار هذه الحركات.

ويبدو ان الحركات المسلحة ظلت تنتهج التصفيات نتيجة للتنافس الشخصي وفقاً لفلسفتها الدموية في ممارسة عملها السياسي والعسكري، واصبح هذا منهج جميع الحركات المتمردة التي تغيب الديمقراطية داخلها ، ويري المراقبون أن التصفيات داخل التمرد تدل على ضعف الحركات والتي باتت تفني نفسها بنفسها، مؤكدين أن ضعف المباديء والأهداف داخل الحركات المسلحة يقودها إلى إستخدام مثل هذه الأساليب مما يتسبب في ضعفعها واضمحلالها تدريجياً.

معلوم ان أن التصفيات تسببت في اختلافات وسط بعض أبناء القبائل الذين التحقوا بالحركات المسلحة. وبالنظر الي منطقة جبل مرة ندرك أنه لم يتبقي فيها قوي موازية للدولة فجميع مجتمعها اصبح يؤمن بالسلام خاصة بعد الممارسات السالبة الذي ظلت تمارسها حركة عبد الواحد تجاه المواطنين . الأمر الذي يدل على أن الحركة قد خسرت جميع كروتها في الداخل والخارج ولم يتبقي امامها سوي محاولة الحفاظ على ماتبقي من قياداتها ومنعهم من الإنضمام الى السلام او حتى التذمر من الأوضاع السيئة التى تمر بها الحركة التى اصبحت تعاني من الإحتقان الداخلى والتهميش الدولى.

smc