حوارات ولقاءات

د. ياسر ميرغني : أطالب الفريق أول بكري بحراسة هذا القرار


عقب عودته من ماليزيا بيوم واحد وبعد غياب لفترة طويلة عن الساحة .. سجل زيارة إلى مقر (الصيحة) استغرقت ربع ساعة تحدث خلالها عن العديد من القضايا المتعلقة بملف الدواء، وذلك بعد ملاحقته عبر الاتصال الهاتفي الخميس الماضي.. حيث وجه دكتور (ياسر ميرغني عبد الرحمن ) الصيدلي المشهور ومدير إدارة الأدوية بالجمعية السودانية لحماية المستهلك العديد من الاتهامات في مواجهة أفراد بعينهم ساهموا في تأخير توطين صناعة الأدوية محلياً.
وكشف عن قصور متعمد أدى لتدهور الوضع الصحي بالبلاد.. طارحاً رؤى وأفكاراً تصحح الطريق، ومؤكداً على حماية صحة المستهلك.. حيث فتح قلبه وتحدث بشفافية ومصداقية كعادته.
*أولاً وقبل كل شيء، ما تقييمك للوضع الصحي بالبلاد؟
– يمر الوضع الصحي بمنعطف حرج، ولكن أتمنى أن يحمل لنا المستقبل كل الخير، وأن نتمكن من القضاء على كل المشكلات التي من شأنها الارتقاء بمستوى الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين، وللعلم فإن هذه الخدمات في حقيقة الأمر من أبسط الحقوق التي يكفلها الدستور.
* وهل يشعر المواطن بتلك الحقوق الدستورية في الحصول على الخدمات بما فيها الدواء دون أن يتلمس تغييراً واضحاً؟
– بالتأكيد، فهذا واضح من خلال بعض الخدمات البسيطة المقدمة هنا وهناك، كما أشير إلى مسألة في غاية الأهمية وهي أنه من الصعب بل من المستحيل أن يتم التغيير من النقيض إلى النقيض في يوم وليلة، خاصة حينما يكون هناك انطباع بتلك الصورة (القاتمة) التي ظلت عالقة في الأذهان على مدى الأزمان بأن الوضع لن يتغير، ولكني أبصم بالعشرة أن القرار الذي صدر بخصوص إيقاف استيراد الأدوية يعتبر رأس الرمح الذي يقضي على الفساد ويعمل على تصحيح الأوضاع الصحية بالبلاد عامة .
*حدثنا أكثر عن تقييمك لهذا القرار وما الذي يحتاجه؟
ـ هذا القرار محترم جدًا، ويجب أن نقف له إجلالاً، وما كنا محتاجين أن يصدر من رئيس الجمهورية لو كان المجلس القومي للأدوية والسموم التزم بتنفيذ القرارات الوزارية، فقد سبق وأن أصدرالقرار في العام (2005م) من جانب وزير الصحة آنذاك د.(أحمد بلال) ولم ينفذ الأمين العام للمجلس دكتور جمال خلف الله وقتها القرار، ولم يتم إيقاف استيراد الأدوية التي نصنع مثلها محلياً ولم يتم دعم الصناعة، كذلك أتى في العام (2011م) الأمين العام وهو دكتور حسن أحمد الإمام وأيضاً لم ينفذ حرفاً من القرار، وبهذا التهاون وعدم الاهتمام خسرنا 12عاماً لتنفيذ القرار، أما الآن وكونه صادر باسم الرئيس هذا يعني أنه سيجد حظه من التنفيذ، وسيأتي بالخير الوفير على الدواء والصناعة الوطنية والصحة عموماً بالسودان وهو يحتاج للكثير .
*بالتأكيد أن التنفيذ يتطلب وقتاً طويلاً والمشهد يقول إن الصناعة الوطنية تمر بأزمات وتفتقر لأرضية خصبة لتصنيع الأدوية؟
ـ حقيقة أقولها والله شاهد على ما أقول.. الصناعة الوطنية ما زالت بخير وأنا صيدلاني لي سبعة وعشرون عاماً أقف على العمل في الصيدلية لم ألاحظ سحب أي دواء مصنع محلي لعدم مطابقته للمواصفات، بينما تم سحب عشرات الأدوية المستوردة من مصانع أقل من مصانعنا المحلية جودة وخبرة، وأقول: لقد ظل هذا القرار متأخرًا جدًا ولم ينفذ، بل هناك قرارات رئاسية صدرت سابقاً حول تعيين موظفين وكوادر بدرجات وظيفية في المجلس، رفض الأمين العام السابق والأسبق منه تنفيذها، بالتالي أطالب بفتح تحقيق في هذا الخصوص لمعرفة لماذا تأخر تنفيذ هذه القرارات الخاصة بالدواء؟ولماذا ظلت قرارات الدواء كلها تكسر وتحيطها عمليات (الخيار والفقوس)، ولابد من معرفة لصالح من تأخرت طيلة هذه السنوات.
*تمام.. هل أفقدنا تجاهل المسؤولين لتنفيذ القرارات الرئاسية وغيرها كما أشرت الكثير؟
ـ بلا شك.. فقد تعطلنا بسبب ذلك (12) عاماً كما ذكرت سابقاً، وهذا عمر كان من الممكن أن ننجز فيه الكثير، وقد فقدنا بسببها ثلاثة مصانع وطنية كبرى الآن مملوكة بالكامل لشركات أجنبية، والأمر المؤسف أن يصنع الدواء السوداني بأيدٍ أجنبية في ظل وجود عمالقة وكوادر سودانية يستفيد من خبرتها العالم في صناعة الدواء، وأقول الحمد لله أن رئيس الجمهورية لحق المسألة بقرار قبل أن نفقد بقية المصانع من أصل (22) مصنعاً تعمل الآن منها ثلاثة مملوكة بالكامل لشركات أجنبية، وأتمنى أن يتم إيقاف الأدوية التي نستوردها والتي يوجد مثلها محلياً فوراً، كما أتمنى أن تزداد قائمة الأدوية وأن تصل نسبة الصناعة الوطنية في مجال الدواء خلال الخمس سنوات القادمة إلى (80%).
*هل تتفق معي أن الكثير من المرضى لا يثقون في الأدوية المصنعة محلياً ويتفادون شراءها وهل هذه حالة نفسية أم ماذا؟
ـ دعيني أؤكد على أن الصناعة الوطنية أجود من عشرات المصانع التي نستورد منها الدواء وهي أجود وأفيد من الأدوية (المصرية والهندية والباكستانية) وغيرها من الدول التي نستورد منها الدواء، وأرجو ألا نضطر لاستخراج جنسية للدواء، فنحن نسعى لأن ننهض بصناعتنا محلياً وأن نصدر دواءنا مثل تلك الدول، ونحن سعيدون جدًا في أن مصانعنا الآن يمكن مراقبتها وزيارتها والوصول إليها بـ(رقشة) تعرفتها لا تزيد عن عشرة جنيهات، بينما المصنع الموجود في باكستان تتم مراقبته والوصول إليه كل خمس سنوات ودعيني أذهب إلى أكثر من ذلك فهناك مصانع في لبنان كنا نستورد منها الأدوية وبعد حدوث حرب بجنوب لبنان دمرت المصانع بالكامل ورغم ذلك كان يصدر لنا الدواء، وفي النهاية عندما أرسلنا اليهم بطلبات أدوية اتضح أنه لا يوجد مصنع وأن الحرب دمرته بالكامل، بالتالي أكرر أن الصناعة الوطنية فيها فائدة للمواطن وأن الفهم الخاطئ الذي سيطر على قول ونفسية المستهلك وراءها حملة يقودها بعض من مستوردي الأدوية والأطباء وصيادلة بعينهم هدفهم هدم وإشانة سمعة الصناعة المحلية .
*طيب د. ياسر البعض يرى أن مسألة توطين صناعة الأدوية حماسة (ساي) ولا تتوفر الإمكانيات من الميكنة الرقمية والسعة الإنتاجية الضعيفة؟
ـ هذا الحديث مقصود به تدمير الصناعة، لدينا مصانع مثل مصنع (أميفارما) وهو أكبر وأجود من (90%) من المصانع المسجلة حالياً في المجلس وهو يضاهي المصانع العالمية، وكل المصانع التي نستورد منها الأدوية والموجودة بـ(الهند والأردن وسوريا ) وغيرها من الدول فإن مصنع أميفارما أجود منها، وذلك بشهادة تلك الدول، وكدليل لحديثي هناك مصانع أردنية جاءت البلاد لتصنع أدويتها بعد أن وقفت على تجربتنا الوطنية من خلال المصنع الذي أشرت إليه، وكل من يقول غير ذلك فهو ضلالي، يقف لإشعال فتيلة حرب مقصود بها تدمير الصناعة الوطنية، فالآن كل المصانع الوطنية تعمل بثلث طاقتها أي بوردية واحدة وهي مغطية السوق تماماً.
*دكتور كم يبلغ عدد المصانع الوطنية المسجلة رسمياً؟
ـ حوالي 22 مصنعاً للأدوية البشرية إلى جانب مصنع بيطري واحد ومنها ثلاثة مملوكة لشركات أجنبية .
*بعض المصنعين يشتكون من مضايقات ومعوقات تعترض طريقهم وهذا يعرقل عملية التوطين؟
ـ هذا صحيح.. ولكني أقول إن القرار الرئاسي هو المخرج ويجب أن يتم تدعيمه وحراسته، وذلك بتوفير المعينات ومنح المصنعين الدولارات لاستجلاب المواد الخام مع تخفيض الجبايات الكثيرة، خاصة أن هناك رقابة لصيقة للصناعة من قبل القائمين عليها والشيء الإيجابي أنها داخل البلاد.
*الكثير من أصحاب الشركات والصيادلة لا علم لهم بنوع أصناف الأدوية التي سيتم إيقاف استيرادها هل لديك علم بها؟
ـ أعتقد أن لمجلس القومي للأدوية والسموم حدد الأصناف ، وذكر أن هناك أصنافاً من الأدوية لم يتم استيرادها من الخارج وإنما تصنع منذ عام كامل محلياً، وهناك تسعة وتسعون صنفاً لم تستورد من الخارج وتمت تغطيتها محلياً منها (المضادات الحيوية والبنادول والفلاجيل) وغيرها.
* باعتبارك لصيقاً بملف الدواء ومراقباً للوضع ما مدى التزام الدولة بتنفيذ القرار وما الذي يضمن الاستمرارية حتى لا نواجه فجوة جديدة؟
ـ أولاً أؤكد بأنه لن تحدث أي فجوة في الدواء، لأن المصانع الوطنية ملتزمة والعاملون فيها وطنون، ولأن أصل الأصل في الصناعة المحلية، وكل الدول من حولنا نهضت بصناعتها، وأقرب مثال لذلك (سوريا) هذه البلد التي تعيش حرباً مدتها ست سنوات الآن لا تواجه مشكلة في الدواء لأنها معتمدة على الصناعة المحلية بنسبة (90%)، وأكرر قولي بأن الصناعة بخير وقادرة وأي حملة للتشكيك هي حملة مغرضة، وأي حملة من بعض الأطباء ضعاف النفوس وذلك بالاتفاقيات الخفية مع الشركات المستوردة لكتابة أصناف معينة، مقابل وعد الواحد وزوجته بالسفر إلى (شرم الشيخ)، وتخصيص مرتبات شهرية ثابتة ودولارات مدفوعة القيمة هذه إغراءات وممارسات قام بها بعض الأطباء ضعاف النفوس لصالح شركات بعينها لتدمير الصناعة الوطنية، لذلك أقول إن هذا القرار نحرسه نحن بواسطة الرقابة الحكومية وحماية المستهلك والمجتمع المدني، وسوف نكشف ونضع في القائمة السوداء كل الأطباء الذين يشككون في الصناعة الوطنية بدون أي أسباب، أقول هذا الحديث وأنا مسؤول منه أمام الله .
*جميل .. طيب الشركات التي ذكرتها هل هي معروفة لدى الجهات المختصة؟
ـ بالتأكيد معروفة، وهي محددة وتمارس الترويج غير الأخلاقي مع بعض الأطباء غير المحترمين والذين ظلوا يتلاعبون في الادوية باستمرار .
*كم يبلغ عدد الأدوية الوطنية المسجلة حتى الآن؟
ـ الآن زاد عددها ووصلت لحوالي أربعة آلاف وسبعمائة صنف دواء منها تسعمائة وعشرون مصنعة محلياً، ونحن نطالب بأن يتم منع استيرادها كافة، وأقرب مثال وأنا قادم تواً من ماليزيا لاحظت أن كل الأدوية فيها مصنعة محلياً ولم يستوردوا سوى الأدوية الاصلية التي تكتشفها الشركات وأجريت فيها بحوث، وماليزيا الآن لا توجد بها أدوية من شركات هندية أو غيرها وإنما يستوردون الدواء من شركات سويسرية وأمريكية وهي الدول التي ابتكرت الدواء، بالتالي يجب أن نستفيد من تجربة ماليزيا ونحذو حذوها في صناعة الدواء، ويجب أن نصحح مسار الاستيراد بالاعتماد على جلب الأدوية المبتكرة من الشركات صاحبة الابتكار، على أن نصنع بقية الأدوية محلياً، ولكن لابد من فتح الباب للتسجيل وزيادة عدد الكوادر والاهتمام أكثر بتوظيف الصيادلة السودانيين .
*هل تعتقد أن وزارة المالية وبنك السودان المركزي يمكن أن يلتزموا بدفع الفرق في سعر صرف الدولار؟
ـ لضمان ذلك أطالب الفريق أول بكري حسن صالح بحراسة هذا القرار، وهذا يعني أن يذهب بنفسه ليطرق الأبواب ويأتي بالدولارات، ويتابعها متابعة لصيقة وألا يترك الأمر لموظفين سبق وأن تلاعبوا في (قروش) الدواء، مع إزالة كل معوقات الصناعة الوطنية.

حوار: إنتصار فضل الله
الصيحة


تعليق واحد

  1. كلام كتيييييييييييييير كتيييييير كتيييير شدييييد .
    الله يهون من المنعطف الخطير والله الناس محتارين فى البيحصل ده مرة رقابة ومرة فرتكان ياخ بكل وضوح البلد مافيها امانة فى اى حاجة .سوف ننتظر الساعة .
    الله المستعان