داليا الياس

حنين الحروف


كل داء عضال قد تجد له دواءً..مهما كان عصياً على أهل الطب..فالأبحاث العلمية لا تتوقف..والاكتشافات الطبية تأتينا كل يوم بجديد..غير أنهم لم ولن يتمكنوا من إبتداع علاج ناجع للأمراض المعنوية المزمنة..!!كالوجد والشوق والخوف والحقد وغيرها….وسنظل نكابد علاتها طويلاً دون أمل فى الشفاء… لاسيما داء الكتابة..هذا الوباء المزمن الذي يفتك بوجداني ويقتات من دمي وأعصابي دون هوادة..ويسلمني لحالة متقدمة من الإدمان قد تقودني يوماً للجنون!!اعتزلت الكتابة لبعض الوقت لدواعي السفر والمرض وغيرها…

وتقلبت بى منابر النشر بين العديد من الصحف والمجلات المتخصصة …وعاقرت الأسافير بمختلف أنواعها طوال اليوم متنقلة مابين الواتس اب للفيس بوك وبالعكس!!! أواصل البوح بأنتظام… ثم أتوقف بعض الأوقات فى أحايين متفرقة.بيد أنني ظللت دائماً أرزح تحت وطأة حنيني للحروف والعبارات.. ولكم!أمضي يومي في (قريفة) ترديني صريعة القلق والملل والإستياء.أتململ تحت جلدي..وأفرك يديّ في حركة لا شعورية وكأنني أحاول ردع أصابعي عن معاودة القلم..وأعترف أن كل محاولاتي للدخول في بيات قسري عن البوح قد باءت بالفشل..ولم أتمكن من الانغماس كلياً في تلك الإجازة التي كنت قد قررت الاستسلام لها كلياًووضعت المخططات اللازمة لذلك.ثم ها أنذا أعود..يكاد يقتلني الظمأ لرحيق الأحبار..

وتظل رائحة الورق تزكم أنفي وتشعل أوار حنينيعدت.. لأعانق عيونكم.. وأنداح مع عقولكم.. وأجتهد في التعبير عن بعض مكنوناتكم..وأجتمع معكم كل صباح على المودة والتقدير لنتباحث في شأن مشاعرناوأبعاد علاقاتنا الاجتماعية والكثير من تفاصيلنا السياسية وأوضاعنا الاقتصادية.عدت.. مسكونة بالوله والحماس..تتزاحم العبارات على شفتيّ..ويزدحم رأسي بالأفكار والخواطر والأشعار.عدت.. لأجدد ولائي لكم ولحروفي..وانحيازي التام لهذا الطقس الداخلي الفريد الذي يستوطن روحيويحرك غريزة الإسهاب بأعماقي فتظل العبارات تصطخب داخليحتى تعلن ميلاد النصوص الغالية.فشكراً لكل من أرسل مستفسراً ذات يوم عن غيابي.. ولكل من اتصل متفقداً حين تنقلت بين الإصدارات والصحفً..

ولكل من استشعر للحظة بعض الاشتياق لمقالاتي.شكراً لأنخاب المحبة والولاء التي نظل نتبادلها معاً..وللثقة وحسن الظن والتقدير.ها أنا أرضخ لسطوة القلم..وأركض نحوكم فوق السطور..وأسكب في كل صباح بعضاً من روحي على المقالات..وأريق ماء الصدق والموضوعية على صفحات الصحف.دمتم.. ودام وجودكم العامر بالضوء في حياتي..لا شفاني الله من هذا المرض النبيل وزادني عشقاً وإدماناً للحروف.* تلويح:«ياريتني لو أقدر أقول فيك الكلام الما انكتب.. وأجلي المقاطع بالدهب» هاشم صديق

اندياح – داليا الياس
صحيفة آخر لحظة