صلاح احمد عبد الله

(700) مليون.. دولار!!؟


* في ملاكمة القرن فاز الملاكم الامريكي.. على خصمه الايرلندي بالضربة القاضية الفنية.. بعد نزال شرس في الجولة العاشرة التي شاهدها كل العالم.. ما عدا بعضنا لاننا (ما فاضيين) والدولار عندنا بالوفرة اللازمة في المكاتب الخاصة وحتى البيوت وداخل غرف النوم..؟!
* الفائز نال مبلغ (700) مليون دولار.. والمهزوم بالضربة القاضية فنية او غيرها نال مبلغ (100) مليون دولار.. تملكني حماس شديد وتمنيت ان اكون الفائز.. وبالعدم ان اكون المهزوم (جداً).. حتى اقضي بقية العمر بعيدا جدا عن أهل شارع المطار..!!

* استمعت واستمتعت بالخبر.. وسرحت بعيدا.. وتخيلت انني عائد للتو من مدينة (لاس فيجاس) بالولايات المتحدة وفي الحقيقة.. بدل العراقي والسروال والجلابية.. والمركوب والصديري.. مبلغ (700) كاش وانا قابع داخل طائرة خاصة عدت الاطلسي في طريقها الى مطار الخرطوم.. ومنها الى الاهل في الديوم الشرقية.. ثم المنزل الايجار في الحاج يوسف جوار المقابر..
* داخل الطائرة كان الكل في خدمتي.. من عرش الشعر حتى (طقطقة) الاصابع..وتلك تحاول ان تأكلني في فمي.. واخرى تحكي عن الف ليلة وليلة.. وانا اقول لهم (عيب) بالانجليزي الامريكي الدولاري.. انا يا سادة في بلاد المشروع الحضاري.. في بلاد القماري وشارع النيل والخرطوم التي صارت مظلمة بالليل.. خاصة بالقرب من برج الاتصالات.. حتى تسهل الاتصالات بين البشر هناك..!

* وجدت في استقبالي حشودا من الجماهير يتقدمهم اعضاء من الحزب الحاكم.. واحزاب من الكهنوت والفتات بـ(الحوار) والحركات المسلحة.. والطرق الصوفية.. واهل الرياضة يتقدمهم زعيماها الكاردينال والزول (الطوالي) رئيس.. والكل يبتسم في وجهي.. ابتسامة هي اقرب للتكشيرة التي غالبا ما يتبعها (عض) في مكان ما من اجل (700) مليون دولار.. لابد ان تدير اعتى اعناق الرجال..؟!
* حملني الموكب الهادر ليس الى الديوم.. او الحاج يوسف.. بل الى حي جديد اسمه (كافورينا) فخم الطراز والمعمار.. اشار احدهم ان هذه الفيلا هي ملكي منذ الان وانها تسع من النسوان اربعة مع الذرية المباركة ان شاء الله.. اعطاني احدهم استمارة بانني اصبحت عضوا في الحزب الحاكم وقال انت في الطائرة تم ترشيحك لامانة مال الحزب.. لانك تعرف مداخل ومخارج الدولار.. والاصلي من (بلادو) ولست مثل الذين يكنزونه في المكاتب وغرف النوم.. او يهربونه عبر المطار الى الخارج واهو انت الان تدخله الى داخل البلاد.. وابتسم ابتسامة خضراء.. والغريبة انه كان أصلعاً..

* بادلته الابتسام باندهاش.. لماذا يا ترى هؤلاء القوم يحبون هذه الاوراق الخضراء لدرجة الجنون.!
* من ذكريات الاوراق الخضراء:

(1) مجدي محجوب محمد احمد.. جرجس القس بسطس الطيار.. اركانجلو داقاو.. هي اموال وعملات خاصة بهم واهلهم.. ايام الهوس الذي انتاب البلاد.. رحمهم الله..
(2) اصبحت العملة تدار في المكاتب الخاصة.. وغرف النوم وشوارع الاسواق الخلفية..؟!
(3) علنا امام البنك الفرنسي.. ميدان ابو جنزير.. امام بنك ام درمان الوطني.. امام الجامع الكبير برج البركة.. المعلومات تقول ان الشباب الذين يقومون بهذا هم (جهات خاصة) لشركات حكومية خاصة.. لهم ارباحهم في نهاية اليوم.. ولا احد يستطيع الاقتراب منهم..!!
(4) ذات يوم قال احدهم (لو ما جينا كان الدولار وصل 20 جنيها).. اين هذا الرجل اليوم..؟!
(5) واين قرارات لجنته الاقتصادية.. التي اشبعت الناس هواناً..!!

* هل الفوضى اليوم (نظام) ام نظام حكم.. ام نظام دولة..؟!
* والدليل ان العاصمة ما زالت قذرة.. والرجل ما زال يتقلب في حكمها وادارتها ويفشل..
* فقط نريد نظام دولة.. أياً كانت هذه الدولة..!؟!

مفارقات – صلاح أحمد عبدالله
صحيفة الجريدة