صلاح الدين عووضة

الجاسوسة !!


*خرجت أطباق الثريد عقب صلاة العشاء كالعادة..

*ولكن كالعادة من غير لحم…منذ أن أُخذت البلاد بالبأساء والضراء..

*ولا أحد يسأل: وأين لحم هذا المرق ؟…فهو هناك بالداخل..

*داخل بيت الحاكم الذي لم يترك (عادة) أكله حتى في تلكم الظروف..

*أو في أحلك الظرف، حين يُؤخذ الناس بالسنين ونقص الثمرات..

*وأما الذين أُخرج لهم الثريد فهم أفراد الحراسة الخاصة..

*ويُطلق على كل واحد منهم لقب (ملازم)…لأنه يلزم دار الحاكم ولا يفارقها..

*وأحد الملازمين هؤلاء كان ذا عينين زرقاوين…وبشرة بيضاء..

*فقد أذله الحاكم بهذه الوظيفة رغم علو مكانته العسكرية- والسياسية- في السابقة..

*بيد أنه استثناه من المبيت أمام الباب كبقية الملازمين..

*وخصص له – مشكوراً- داراً…وأثاثاً…وخدماً…و(رفيقة) اختارها له غصبا..

*وكانت أرملة مصرية…سماها الناس (فاطمة البيضاء)..

*أهداها له بعد أن قضى منها وطرا…وكلفها بمهمة التجسس عليه..

*كان يوجس منه خيفة….ويشك دوماً في ولائه له..

*وفي تلك الليلة لم يأذن له بالانصراف في مثل ذلكم الوقت…كالعادة..

*أي عقب الفراغ من صلاة العشاء…وطعام العشاء..

*فقد طال زمن اجتماعه بالداخل…وزمن يقظة الملازمين بالخارج..

*وكان اجتماع الداخل يناقش قضية الساعة…رسمياً..

*وتسامر الخارج يناقش القضية ذاتها…شعبياً..

*وقضى الأول بفرض المزيد من الرسوم…والضرائب…والإتاوات…على الناس..

*واكتفى الثاني بتحميل الناس أسباب الأزمة…جراء (أفعالهم)..

*ولم يدهش الملازم لكلام زملائه الملازمين..

*فجلهم – تقريباً- ينتسبون إلى الحاكم ؛ قبلياً…وسياسياً…و(مالياً)..

*وقبيل منتصف الليل انفض الاجتماع…وخرج المجتمعون..

*وأُذن للملازم بالانصراف…فقام مسرعاً نحو داره وهو يقاوم النعاس..

*داره التي أضحت اليوم جزءاً من دار الحزب العتيق..

*وكان السكون يخيم على المدينة إلا من أنين الجوع…..هنا وهناك..

*حتى الكلاب كانت تئن من الجوع…عوضاً عن النباح..

*وقرب المكان الذي بات اليوم ملعباً رياضياً عريقاً شاهد منظراً غريباً..

*شاهد- على ضوء القمر- كتلة دهماء تضطرب..

*فلما اقترب منها رأى نسوة ينحنين فوق (شيء)…وشعورهن منسدلة على وجوههن..

*ولم يكن ذاك الشيء سوى جحش مسكين يحتضر من الجوع..

*والنسوة ينهشن لحمه – بوحشية – من شدة الجوع..

*وعندما دلف إلى منزله – مكتئباً – لم يجد فاطمة (البيضاء)…رغم تأخر الوقت..

*وبعد ساعة دخلت وهي تتحجج بزيارة أمها التي طردها..

*قالت إنها ذهبت إليها بطعام…وانتظرت حتى تهدأ حركة (الرجال) في الشارع..

*وصدقها؛ لولا إنه افتقد وريقة سرية…أتاه بها زائر سري..

*وكانت الجاسوسة سبباً في تعجيله بهروبه السري قبل تعاظم مخاوف الحاكم..

*ولكن بعد أن استغلها هي نفسها كعميل مزدوج !!!

صلاح الدين عووضة
صحيفة الصيحة


تعليق واحد

  1. المصرية عقلا وسلوكا وتفكيرا تجري في مخك الضعيف جريان الدم النهج والتفكير الأنهزامية الخوف من الحاكم الفرعون نفسها طبيعة جينية في اهلك المصريين ومن حيث لاتدري ارسلت مكنوناتك في الجاسوسة المصرية عالم الخنوع والجوع عند شعبك وليس عندنا . عالم التخابر والأستسلام للعق حذاء الحاكم هي عنكم وليس عندنا التآمر والتحريض والغدر فيكم وليس فينا التوجيه العام باضعاف قلوب وعقول الناس والسمو الأخلاقي ليست فيكم بل فينا. يارجل اكتب للمصريين وليس لنا