تحقيقات وتقارير

وزير الخارجية بواشنطن .. غندور.. زيارة الأحلام لبلاد العم (سام)


حين تحركت طائرة وزير الخارجية بروفيسور ابراهيم غندور نواحي الولايات المتحدة الامريكية يوم أمس (الثلاثاء) شيعها ملايين السودانيين بدعواتهم المتوزعة بين طرفي نقيض، فالحكومة وبعضاً من القوى المعارضة مضافاً إليهم شريحة كبيرة من الأهالى مع عودة الوزير بتعهد قاطع برفع العقوبات المفروضة على البلاد، وغالبية المعارضين وتجار العملة مع التمديد من جديد.
ويقود غندور وفد السودان المشارك في اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة (الدورية)، ولكن ما يجعل الزيارة غير عادية انها تأتي على بعد شهر بالضبط من قرار مرتقب لادارة الرئيس الامريكي دونالد ترامب بشأن رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على السودان منذ العام 1997م بصورة كاملة.
ورفعت ادارة الرئيس الامريكي السابق، باراك اوباما، العقوبات المفروضة على السودان مؤقتاً، وارجات النظر في أمر رفع العقوبات بالكامل لمدى التزامه بمسارات تشمل دعم الاستقرار في دولة جنوب السودان، ومناهضة جيش الرب اليوغندي، ومكافحة الارهاب والهجرة غير الشرعية، علاوة على ضمان توصيل المساعدات الانسانية إلى المتأثرين بالحرب في ولايتي النيل الازرق وجنوب كردفان.
رأس الهرم
ينتظر أن يلتقي غندور في زيارته المهمة مسؤولين بارزين في ادارة الرئيس ترامب، على رأسهم نظيره الامريكي ريكس تيلرسون، ولم تستبعد مصادر تحدثت للزميلة (السوداني) لقاء بين ترامب وغندور والتباحث حول القضايا المشتركة لا سيما في ما يخص التقدم المحرز في المسارات الخمس التي وضعتها ادارة اوباما.
وتقول الخرطوم إنها أوفت بالتزاماتها تجاه الولايات المتحدة، وبالتالى عبرت عن صدمتها الكبيرة من قرار تمديد العقوبات واعتبرته غير مبرر بالمرة.
ودافعت واشنطن عن قرارها بالقول إنه لم يحن وقت رفع العقوبات، وذلك بالرغم من التقدم الذي احرزته الخرطوم في القضايا المثارة داخل لجنة التفاوض المشتركة بين البلدين.
وابدت ادارة ترامب ملاحظات حول السجل الحقوقي للحكومة السودانية، وطالبتها بوقف الأعمال العدائية وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية للمتضررين من الحرب.
تأييد ورفض
تريد الخرطوم أن تخرج من حالة العزلة التي وقعت في براثنها منذ العام 1997 وتوجت بوضع اسم الخرطوم في قوائم الدول الراعية للارهاب، فيما يأمل الأهالى من ان يقود رفع العقوبات إلى تقليل الضغوط المعيشية والانفلات الكبير في السوق السودانية.
بينما تطالب قوى معارضة بابقاء الخرطوم ضمن منطقة الحظر للابقاء عليها في نطاق المراقبة الامريكية، مخافة أن تستغل الحكومة السودانية القرار في التضييق على الحريات السياسية والمدنية.
أما تجار وسماسرة العملة في السوق الموازية، فيأملون في تمديد جديد، يمكنهم من زيادة غلتهم، بمضاعفة ازمة الجنيه السوداني أمام الدولار الامريكي، وكل ذلك من دون دواعٍ حقيقية بحسبان أن الاوضاع الاقتصادية إن لم تتحسن، فهي لم تتراجع، الامر الذي يؤكد أن انفلات السوق ما هو الا تعبير عن حالة جشع لا أكثر ولا أقل.
تفاؤل
يبدو مسؤول الامريكتين الأسبق، في وزارة الخارجية، السفير د.الرشيد أبوشامة متفائلاً بأن تقود الزيارة الى رفع تام للعقوبات المفروضة على السودان. منوهاً في حديثه مع (الصيحة) إن الدعوة وأهمية الاسماء المطروحة كأطراف للقاء غندور تؤكد وجود تعطي مؤشراً كافياً لما ستؤول له الامر في اكتوبر.
وحين سألناه عن وجود امكانية لأن تكون اللقاءات لغرض وضع مزيد من الاشتراطات، قال ابوشامة، إن دعوات التشاور التي تتم من الدول لمسؤولي دولة أخرى عادة ما تكون ذات طبيعية ايجابية، ولا تشبه استدعاءات وزارة الخارجية لمسؤولي البعثات الدبلوماسية بالداخل لابلاغهم احتجاجا حول امر معين.
وبجانب القضايا الثنائية، توقع أن يدور نقاش حول كوريا الشمالية، التي نفى السودان وجود صلات معها بالكلية.
المنتصف
بين العصي والجزرات الامريكية، يقف المحلل السياسي، محمد نورين، في تفسيراته للزيارة.
يقول نورين لـ (الصيحة) إن الشواهد تدلل على حدوث متغيرات ايجابية في علاقات الخرطوم وواشنطن، ولكن لا يجب أن يكون ذلك مدعاة للتفاؤل أكثر من اللازم، حيث سبق أن توقعت الحكومة قبيل أشهر رفعا تاما للعقوبات، ربما بذات امانيها التي تلت التزامها بنصوص اتفاقية السلام الشامل (نيفاشا – 2005) وقادت لانفصال جنوب السودان في العام 2011م، وقبل ذلك كله رضا الخرطوم بتوقيع اتفاقية ابوجا لسلام دارفور في العام 2006م من دون أن تخرج من دائرة العقوبات.
وطالب نورين الخرطوم باعداد خطة اقتصادية لكبح تفلتات السوق الموازية في حال جاء القرار بغير ما يريده جلّ السودانيين.
خاتماً حديثه باهمية التزام الخرطوم بالمسارات المتفق عليها مع واشنطن غض الطرف عن قرارات اكتوبر بحسبان أن النكوص عنها ذو مترتبات دولية واقليمية خطيرة.
الخبر اليقين
حسناً، حين يؤوب غندور إلى الخرطوم، سيأتي معه بالخبر اليقين، وحين يقول إنه متأكد من رفع العقوبات، ليكون هذه المرة متأكداً بنسبة 100% ومدعماً بموثق غليظ من ترامب وادارته.

الخرطوم: مقداد خالد
الصيحة