تحقيقات وتقارير

الصراع الطائفي.. موقف السودان


من يتابع ما يجري في العالم عن كثب، خاصة تطورات ما بات يطلق عليه، الصراع السني، الشيعي، والذي تحول مؤخرا من صراع سياسي الي حرب شرسة داست في طريقها أبرياء.. يكتشف كيف انه استحوذ علي اهتمام الرأي العام في منطقة الشرق الأوسط .هذا الإهتمام أخذ اشكال متعددة .. علي اثر الخلافات «المذهبية» في المنطقة العربية والعالم الاسلامي، صعد الانقسام الطائفي بين السنة والشيعة مدارج.. حتي ان هناك من يتحدث عن تمدد للنفوذ الشيعي بين مجتمعات سنية بينها المجتمع السوداني، ومن يري أن سياسة المحاور هي الطاغية، أسئلة كثيرة ومتداخلة تخلقت … في السودان هناك من يسأل هل اصبحت البلاد جزءاً من صراع عقدي بين السنة والشيعة.

أعلنت الحكومة السودانية وعلى لسان وزير خارجيتها إبراهيم غندور قطع العلاقة كلياً مع طهران، وهو ما جعل عدداً من المراقبين يذهبون بالقول الى أن هناك ضغوطاً مورست على الحكومة السودانية.هل يمكن القول بإن تلك الخطوة تعني الدخول العلني في مربع (السنة)، في مواجهة منابع المد الشيعي، أم أنها خطوة لإنهاء المقاطعة الإقتصادية والبنكية من قبل مصارف خليجية، رفضت في ذلك الوقت التعامل مع الإعتمادات البنكية الواردة من الخرطوم، خصوصاً وأن الحكومة السودانية عانت من عزلة عربية بسبب التقارب والعلاقة الحميمة التي جمعتها مع طهران.الخبير في قضايا الشرق الأوسط الأستاذ محمد الفاتح يجيب على هذه التساؤلات بصورة مغايرة، مطالباً بضرورة لفت الإنتباه إلى الخيط الرفيع ما بين الخلاف والصراع.. يشير الفاتح إلى أن مايجري بين السنة والشيعة، إن قصد به الخلاف فذلك الخلاف هو مذهبي قديم، ويضيف: هذا الخلاف تم لجمه منذ قرون بين السنة والشيعة، وتعايش الطرفان لفترة طويلة يعزران بعضهما البعض. أما في حالة النظر الى الأمر على أساس أنه (صراع)، يقول الفاتح إن الأمر كله يعتبر من صناعة (المشروع الأمريكي الصهيوني)، لخلق فتنة بين بلدان الإسلام، معتبراً أن ما يسمى بالربيع العربي كان أكبر أكذوبة صدقها العرب والمسلمين، مرجعاً ذلك إلى كون الربيع العربي هو جزء من مخطط المشروع الصهيوني الأمريكي في المنطقة، وهو ما اعتبره مدخلاً لدس الفتنة المذهبية بين الشيعة والسنة.

وفي معرض إجابته على السؤال: هل السودان جزء من الصراع السني الشيعي؟ يشير الفاتح إلى أن ذلك يمكن أن يُتحسس من خلال التحالفات الاستراتيجية التي أبرمتها الحكومة، معتبراً أن الحكومة حسمت موقفها منذ فترة ليست بالقصيرة، من خلال طرد الطاقم الدبلوماسي الإيراني في الخرطوم.

وبرر الفاتح قوله هذا بإن تلك التحالفات التي دخل فيها السودان لبست ثوب السنة، متسائلاً: ماهي علاقة أمريكا وإسرائيل بالسنة والشيعة؟ واعتبر أن أمريكا وإسرائيل استطاعا أن يدحرجا الدول الخليجية وغيرها، لإثارة فتنة مذهبية بين المسلمين واستنزاف قدراتهم المادية، معتبراً أن صراع أمريكا وإسرائيل ضد إيران هو سياسي وليس مذهبياً، وأن السودان إنقاد إلى التحالف الخليجي بطريقة برغماتية.

الدكتور محمد علي الجزولي المنسق العام لتيار الأمة الواحدة، يرى أن التمدد الشيعي بات واضحاً في السودان، مستشهداً بوجود عدد من الأجسام الشيعية والتي تم طرد الظاهر منها مؤخراً. ويتخوف الجزولي من التمدد الفكري الشيعي، وموضحاً بأن السودان أقر بموقفه أمام العالم، بطرده لكل السلك الدبلوماسي الإيراني، وبذلك يعتبر الجزولي أن السودان صار في المربع السني في مواجهة الشيعة..

الجدير بالذكر أن المجتمع السوداني ظل موسوماً بطبيعته الصوفية، بيد أن تطورات الأوضاع في المنطقة من صراع مذهبي حاد جعل عدداً من المراقبين، يخشون على المجتمع السوداني من الدخول في براثن الصراع المذهبي، فهل يمكن القول بإن المجتمع السوداني الذي يغلب عليه طابع التصوف، مهدد بدخول حلبة الصراع المذهبي، هذا السؤال يجيب عليه أستاذ علم الأديان البروفيسور النور التجاني، الذي قطع بالحديث بأن المجتمع السوداني مازال بعيداً من طبيعة الصراع المذهبي المتفشي في المنطقة بصورة مخيفة، مشيراً إلى أن الخطورة تكمن في إنقياد المجتمع وتدحرجه نحو هاوية الصراع من خلال نافذة (صوفية أنصار سنة)، موضحاً أن ذات النافذة استغلها الغرب في فتنة الشيعة والسنة، لافتاً إلى أن الطائفتين كانتا في خلاف مذهبي ويعزران بعضهما البعض، إلا أن دخول الغرب كطرف ثالث بينهم صنع الجفوة بينهم، وأرقمهم على خوض الحروب من خلال نافذة الخلاف المذهبي، وناشد التجاني خلال حديثه لآخر لحظة، جميع فئات المجتمع السودانية وخص منها طوائفه الدينية بالحفاظ على الإرث العقائدي المتسامح، وإيصاد كل الطرق التي تؤدي إلى معترك الصراعات المذهبية.

تقرير:محمد داؤود
اخر لحظة