تحقيقات وتقارير

باقون.. الولاة.. الاستمرار بفرمان رئاسي


نفى رئيس الجمهورية، عمر البشير، الأنباء القائلة بقرارات وشيكة بتغيير عدد من الولاة، وقطع في لقاء جمعه بالقوى السياسية بولاية جنوب دارفور، بعدم وجود أي نية لتغيير الولاة، واصفاً الحديث عن تغيير الولاة بأنه (كلام جرايد).
وكانت الأنباء قد تواترت الآونة الأخيرة بأن رئيس الجمهورية سيقوم بتوقيع مراسيم رئاسية تتضمن إجراء تغييرات واسعة في الولاة.
وارتكزت تلك الأنباء على موجة الخلافات التي تضرب عدداً من الولاة ونواب المجالس التشريعية، لا سيما أن هذه الخلافات والاحتجاجات وصلت مرحلة رفع مذكرات وشكاوى للمركز مطالبين بإعفاء الولاة، كما حدث في ولاية جنوب دارفور وغرب كردفان والجزيرة وكسلا.
وجاء رفض الرئيس بصورة واضحة لنهج هذه الشكاوى والمذكرات من قبل بعض نواب المجالس التشريعية وقيادات الحزب بالولايات بقوله: (ما في أي تغيير لأي والٍ من ولاة السودان وماجوني ناس بعمم وشالات ويقولوا لي غيّر لينا الوالي الفلاني).

أحاديث اللجنة
أقوى مؤشر تم الاستناد عليه في تغيير الولاة هو مجموعة التقارير التي رفعتها اللجنة التي كوّنها قطاع التنظيم بالمؤتمر الوطني لتقييم أداء الولاة حول مدى الفعالية وتفاعلهم من حيث الأداء التنظيمي والسياسي والأمني.
وحددت اللجنة في تقريرها خمسة ولاة أوصت بتغييرهم، غير أن هذا التقرير تم رفضه في سقوف الحزب العليا، وحسب الأنباء التي رشحت وقتذاك ما أدى لنشوب خلاف بين رئيس قطاع التنظيم د. فيصل حسن، ونائب رئيس الحزب لشؤون التنظيم عجلت بإعفاء فيصل من منصبه.

نفي مغلظ
نفى الرئيس البشير في ذات اللقاء بشدة تفويضه لأي جهة لتقييم الولاة، مؤكداً أن تغيير وعزل الولاة من سلطات رئيس الجمهورية.
ويعد ذلك رداً مبطناً على توصيات اللجنة من تقارير وصفت بالهامة جدا ًمن حيث العدد الهائل من الولاة الذين سيتم إنهاء مهامهم خلال الأيام القليلة القادمة.
وحدّد الرئيس بارومتر القياس بمدى ثقة المواطن في الوالي وجهوده وتفاعله مع الإصلاحات الكبرى التي تم إطلاقها في مجال التنمية المحلية والاستقرار، حيث يتم الاعتماد عليها في قياس الرضا الشعبي أو عدمه، وليس نسبة للاحتجاجات المسجلة في كل ولاية على حدة وعددها كمعيار ونهج يرفضه البشير، حيث وردت الإشارة إليه بصورة واضحة في قوله (ما في أي تغيير لأي والٍ من ولاة السودان وماجوني ناس بعمم وشالات ويقولوا لي غيّر لينا الوالي الفلاني).

ذات الدواعي
يتخوف كثيرون وعلى رأسهم الرئيس من (الشلليات والعصبية القبلية) والتي تقود كثيراً من قيادات الولايات إلى التكتُّل ضد الوالي بهدف إزاحته من المنصب.
ولعلّ من الأسباب الرئيسة التي جرى بموجبها التبرير للتعديل الدستوري الأخير، هو مخافة انتخاب الولاة بناء على معايير مختلة ليس من بينها الكفاءة والقدرة على خدمة الأهالي.
وبالتالي فإن ذات المسببات التي ساقت إلى التعديل الدستوري مستمرة في ما يجري ببعض الولايات حالياً من حالة رفض للولاة، على الأقل بحسب ما يراه الرئيس.

الضفة الأخرى
يرى القيادي بالمؤتمر الشعبي، وعضو المجلس الوطني كمال عمر احتجاجات المواطنين ومطالبتهم بتغيير بعض الولاة بأنه نتاج الخطأ الذي حدث في التعديل الدستوري الأخير، وقال إن ذلك لا يعبر عن رغبة المجاهير في انتخاب الولاة كحق دستوري لجماهير الولاية في اختيار الولاة ومحاسبتهم وما جعل سلطة تعيين الوالي ومحاسبته وعزله من اختصاصات الرئيس وهذا ما جعل الولاة يتبارون في إرضاء الرئيس بالحشد الجماهيري الذي أصبح معيار قياس صلاحية الوالي واستمراره في منصبه، وليس الإخفاقات التي ظهرت في أداء كثير من الولاة (إلا من رحم ربي)، إذ تبدو الإخفاقات واضحة في الأداء الخدمي والتدني الاقتصادي وأصبح الولاة يعملون لأجل الترضيات.
ويرى عمر أن المعالجة في منح المجالس التشريعية في الولايات حق مراقبة الوالي في أدائه لأن الولاة أصبحوا غير مكترثين بمراقبة المجالس الولائية في أدائهم يعملون لوحدهم مع الرئيس.
يوافق عميد كلية الدراسات الاستراتيجية بجامعة الزعيم الأزهري، آدم محمد أحمد ما ذهب إليه كمال بقوله إن ما يحدث الآن من حركة احتجاج ومذكرات مطالبة بتغيير الولاة من قبل جماهير الولايات ومجالسها التشريعية أن مكمن الخطأ جعل صلاحية تعيين الولاة ومراقبة أدائهم ومحاسبتهم وعزل من صلاحيات الرئيس وفقاً للتعديلات الدستورية الأخيرة.

مشيراً إلى أن هذه المطالبات تأتي في إطار الصراعات المتصاعدة داخل حزب المؤتمر الوطني نفسه وأصبحت واضحة في العلن ومعلومة للجميع بدليل أن المذكرة التي رفعت للرئاسة من ولاية جنوب دارفور موقعة من قبل قيادات كبيرة من حزب المؤتمر الوطني ما يعني أن حديث الرئيس معني به والي جنوب دارفور وحمل رسالة لكل المجموعات الرافضة للولاة من عضوية المؤتمر الوطني في بقية الولايات.
وقلل آدم من تأثير حركة الاحتجاجات هذه التي اعتبرها صراعات أجنحة داخل المؤتمر لا تصفية حسابات، ولذلك ليس لها معني أن تأتي من قِبل قيادات المؤتمر الوطني في الولايات طالما أنها بصمت على التعديلات الدستورية منحت الرئيس صلاحية تعيين الولاة التي (اكتووا بنارها الآن قبل الجماهير التي لم تتأثر كثيراً بما يحدث.

الخرطوم: الطيب محمد خير
الصيحة