حوارات ولقاءات

كمال عمر : “علي الحاج” دعا لعشائه كل من خان “الترابي” وهؤلاء ليسوا مناسبين


المقدمة:
حينما يجتمع صحفي ومحامي درجة الغليان واضحة، فينبغي أن نقرأ إفادات مختلفة وجريئة ومثل عادته كان الأستاذ المحامي “كمال عمر” يطرح أجوبته نظيفة وخالية من التردد، بلغة سليمة وبراهين منوَّعة وتاريخ لإدانة الشاطئ الأخر، كانت المياه ضحلة في شؤون الحزب ومستقبل البلد وعالم الإسلاميين، وبعد جولة متشاكسة جداً وأنا بالباب يوعدني بتلك الروح الواثقة قائلاً لي جملة خطيرة، إن الشيخ الراحل الترابي (سلَّمه) كل ملفات الكبار، من خان ومن قتل ومن قام بالتسويف ومن بدَّل ومن نهب، رفض تفاصيل الملفات، ناظراً نحو الأرض وكأنه يقاوم نفسه أن لا يفصح أكثر.

× صرتم بعد رحيل “الترابي” مثل اليتامى؟.
– نعم، نحن في حالة (يتم) سياسي لا مفر منه، بل كل الساحة السياسية صارت بعده في حالة (يتم) وبالأخص الحوار ومخرجاته ونتائجه.
– × والحريات كمان؟.
– – دي دفنوها مع “الترابي” وخلاص.
– × كنت نشيط جداً في منظومة (7+7) تدافع عن المؤتمر الوطني وعن الحوار؟.
– – لكل حدث حديث، وكنا نظن أن المؤتمر الوطني كان صادقاً.
– × (لسه في ناس بتتكلم عن المخرجات والحريات)؟.
– – كنت في لجمة الحريات وحسب علمي أن موضوع الحريات وئد تماماً وبفعل فاعل.
– ×(بفعل فاعل)؟.
– – وهو معلوم للساحة السياسية وخاصة لأحزاب المعارضة.
– ×(أنت متشائم جداً)؟.
– – (ما شايف أي مستقبل للحريات).
– × هناك أصوات ما زالت مؤمنة بالفكرة وتنادي بالحريات؟.
– – حتى تلك قد أفرغت من معناها.
– × من الفاعل المعلوم لكل الساحة السياسية؟.
– – لجنة “بدرية” أحالت المخرجات في الشق الدستوري إلى قانونيات صوتية وهلامية.
– × كييييييييييف؟.
– – يعني الحماية الدستورية للحريات غير موجودة، بل الدستور قام بحماية الأجهزة الأمنية من حماية ورخصة للاعتداء على الحريات.
– × في النفق شمعة صغيرة؟.
– – ما في أي أمل في مثل هذه النظرة.
– × لا تحلم بعالم سعيد؟.
– – نعم، لا تحلموا بعالم سعيد.
– × أنت موجود بالمجلس الوطني ويمكن أن تفعل الكثير؟.
– – لا يمكن أن تنجز هذه الحكومة أي خطوات لدعم الحريات.
– × خلاص؟.
– – أيوا خلاص الحريات (باي باي).
– × نشرح التشاؤم لنفهم بقية الصورة؟.
– – مجلس الوزراء حسب القانون هو من يتقدَّم بمسألة الحريات، ولكن مجلس الوزراء شغال خدمات.
– × على أية حال لا يمكن إنكار أن هناك شغل؟.
– – سمعنا ببرنامج إصلاح الدولة، لكن المؤتمر الوطني هو من ينفِّذ تلك الرؤية (فما المرجو منه) وكل الوزراء من خارجه هم عبارة عن أتباع له وحلفاء وكل ذلك لم يكن متفق عليه.
– × كيف انشغلتم ليسحب منكم البساط ويسرق جوهر الحوار؟.
– -كنا في إحاطة تامة بكل شيء، ولكن اللجنة التنسيقية تم حلها وتحوَّلت إلى لجان تابعة للمؤتمر الوطني برئاسة رئيس الجمهورية وهو من يدعوها.
– × ذات يوم لجنة (7+7) ملأت دنيانا السياسية؟.
– – واليوم دا هي عبارة عن مكتب تابع للمؤتمر الوطني، وأعضاؤها موظفين حكوميين يحصلون على امتيازاتهم ويصمتون.
– × (شيء عجيب)؟.
– -(ياخ ديل ما فيهم رجا).
– × غشوكم، ودي السياسة؟.
– – وما زلت أتذكَّر كلامي مع الراحل شيخ “حسن الترابي” أسمعناه رأي المعارضة أن هؤلاء (غشاشين) وغشونا في التراضي الوطني ونيفاشا وأبوجا وفي كنانة.
– × كيف كان رده؟.
– – قال لي: لا يوجد حزب سياسي يرفض دعوة للحوار، وذكر لي ما جرى في صلح الحديبية والآيات (وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم) (دا المشهد القرآني الذي دخلنا به للحوار الوطني).
– × حتى لغتك كانت مختلفة وضربت إخوتك في المعارضة تلومهم على عدم الانضمام للحوار؟.
– – لأني كنت في المطبخ، كنت الشيف ولذلك كلامي الحالي موجع وصادر عن بيِّنة مباشرة وليست بيِّنة سماعية.
– × سجل اعتراف بصحة فهم المعارضة للمزاج الحكومي في التفاوض من أجل وفاق وطني شامل؟.
– – بعترف لها في جزئية تخوين الوطني ومع ذلك أقول: (برضو ما عندهم تجربة عميقة لتغيير النظام السياسي).
– × الآن الصورة لك واضحة؟.
– -(الشينة أنا شايفا بعيوني).
– × عامل غبار كثيف داخل المجلس الوطني؟.
– – ولن أرحم أحداً في الساحة السياسية ولا حتى حزبي المؤتمر الشعبي لو تقاعس عن معركة الحريات وهي معركة جماهير (حياة أو موت)، وكانت أخر كلمة للراحل “الترابي”، وأتمنى أن ألحق به لا مبدِّل ولا مغيِّر المبادئ التي تواثقنا عليها معه.
– × اعتذرت لدكتور “علي الحاج”؟.
– – اعتذرت لأن جسم الحزب كان لا يتحمَّل، واعتذرت عن الجانب الشخصي فقط .
– × كان اعتذاراً مكتوباً بدقة والتنازل فيه واضح جداً؟
– – الصياغة كتبها مكتب “علي الحاج” وكانت فعلاً صياغة مهينة ومذلة وسكتا عليها بسبب الأجاويد ومن أجل القضايا الكبرى.
– × كانت مذلة ثم سكتا؟.
– – تخيَّل أن أسرتي وأولادي كانوا تحت إجراء كتابة بيان احتجاج (بيان الأسرة).
– × كنا منتظرين “علي الحاج” يعمل الفرق؟.
– -(ما أظن).
– × ولكنه يعمل بطريقة مختلفة وربما فيها جدوى؟.
– – نعم (عندو طريقتو) ويؤمن بها ومن حقه التجريب.
– × هو رئيسك في الحزب؟.
– – لو بتوصلنا للحريات (مرحب بها).
– × خلاص أهدأ شوية؟.
– – لن أسكت وسأقاوم أي خط للانحراف بقضية الشعبي عن مسارها الإستراتيجي.
– × لو صرت تثير الغبار في وجه حزبك ربما يواجهك باللوائح وتفصل منه؟.
– – أنا ما زي السياسيين المنافقين في لقاءاتهم يتحدَّثوا بحديث وعند الخاصة يبدلوه وأرفع شعاري لا للتلوين والغبش من خلال الإعلام.
– × لو أغلقت الطرق لأداء مهمتك ربما تقدِّم استقالتك؟.
– – أنا من المؤسسين للحزب ونشأت فيه ولن أتركه ومستحيل أبدِّل حزب “الترابي”.
– × قلت (حزب الترابي)، أليس في ذلك منقصة للمؤسسات القائمة؟.
– – لا أزعل من سماعه، لأنني أفهم غرضهم، وحينما أقول حزب “الترابي” أقول ذلك بعزة، وهناك من مجَّدوا قياداتهم و”الترابي” أفضل من قدَّم تفكيراً مستنيراً في العصر الحديث.
– × واضح أنك غير مبسوط في الشعبي؟.
– – أنا أعمل بالحزب من 17 سنة وكنت فيه في أصعب مراحله.
– × هل أنت مبسوط فيه؟.
– – (ما مبسوط).
– × بسبب؟.
– – حركة القيادة الجديدة.
– × فصلك متوقع؟.
– – (يا ريت) و(المشتهي الحنيطير يطير) والحزب دا ما حقهم ومن لا يرغب فيني ليشرب من البحر.
– × انبرى عدد من كتاب الأعمدة للدفاع عن الدكتور “إبراهيم أحمد عمر” حينما هاجمته بقصد وضراوة؟.
– – أنا كنائب برلماني (قمت بالواجب) ولكن ماذا يقول من تبرَّع من كُتَّاب المؤتمر الوطني لضمائرهم وهم (خُدَّام للوطني في أي حتة) وهؤلاء الكُتَّاب (مساكين) واقعيين تحت ضغط المخصصات والنثريات والحوافز وأقول لهم تاريخ المحاسبة قرييييب.
– × ليس كل من يخالفك الرأي مجرماً؟.
– – الكتاب الصحفي المحترم وإن اختلفت معه في الرأي يظل محترماً وعندنا من هؤلاء كثر وقبل كدا سجنوني بسبب مقال صحفي من أجل الحريات وكرَّموني ناس “الحاج وراق” و”رشا عوض” و”فائز” وأعطوني درع الصمود.
– × هل تتشرَّف بذلك الدرع وأولئك النفر؟.
– – أعتز بهم جداً وهم جزء من هذا الوطن.
– × لم نشهد تلك المحاكمة؟.
– – كانت محكمة خاصة وما أدراك ما المحكمة الخاصة.
– × وين عمنا “السنوسي” .. لعله غرق في ذلك الشبر؟.
– – أنا أفتكر أن قرار المشاركة كله بني على (افتراضات خاطئة) بمجرد إيداع التعديلات الدستورية كمطلب إجرائي وليس للتنفيذ، والمؤتمر الشعبي أختار الإيداع وهي (الإيداع) عبارة غير مبدئية ولا تعني الحريات، وكان من رأي “الترابي” إدخال الحريات ضمن الدستور.
– – × وبعد داك حصلت المشاكل؟.
– – بل أدخلت مصداقيتنا في المحك ولذلك توليت الدفاع والهجوم في المجلس الوطني بتلك الطريقة.
– × وين “السنوسي”؟.
– – “السنوسي” دخل مستشاراً في خضم مشاركة شكلية ورمزية وهو مجتهد.
– × غرق في تغطيات شبابية؟.
– – ليس وحده، بل كل المساعدين عدا “إبراهيم محمود” لأنه نائب رئيس الحزب الحاكم وما يقوم به يعتبر إنجازاً.
– × حدِّثني من يعرف ببواطن الأمور أن “إبراهيم السنوسي” أصلاً يحب العساكر؟.
– – نعم، هو يحب الرئيس مع محبة شيخ “حسن” وحينما رحل الأخير بقيت محبة الرئيس ورجحت الكفة فوراً.
– × هل كان متنازع مثلاً؟.
– – متنازع نعم.
– × بالله؟.
– – وفي تقديري يحفظ لشيخ “السنوسي” أنه لعب دوراً أساسياً بعد رحيل “الترابي” وقاتل بجوار الشيخ وسجن وقدَّم تضحيات وهو طبعاً رجل جسور.
– × دا تعويض؟.
– – دي الحقيقة الباقية، حمل أوزار الانتقال وحافظ على الحزب وحافظ علينا.
– × هل يتم تنويركم من الأمين العام لرحلاته الخارجية؟.
– -طبعاً.
– × أنتم طبعاً (كحزب) واقفين مع القطريين؟.
– – لأنها مظلومة والشعبي مشارك مع الحياد الحالي.
– × البروف عند الإسلاميين شخصية هادئة وليس بمستوى الملاسنات؟.
– – ما عندي معاهو مشكلة شخصية ولا أنا من أبناء جيله، بالعكس هو شيخ كبير ولديه تاريخ، ولذلك ننصحه وعليه أن يتحمَّل وزر الأخطاء.
– × لسه في موقفك؟.
– – وعلى موقفي، وأنا لم أتهمه في ذمته، بل تحدَّثت عن الامتيازات والمخصصات والسفر و(دي ما وظيفتو).
– × قلت كلام جارح شوية؟.
– – قلت إنه تحوَّل بيته لمعرض لموزين بسبب المخصصات والبلد مليانة سرطانات وكوليرا ومعلمة يسقط بها مرحاض مدرسي غير مؤهل.
– × البلد كلها كدا؟.
– – نعم، حتى رؤساء اللجان، سيارتان.
– × أنت منعوم بسيارات؟.
– – والله زوجتي وبناتي (يركبن) ركشة.
– × الكل يؤكد أنك جديد على الإسلاميين والحركة؟.
– – ووصلت لوظيفة حساسة، العلاقات السياسية والأمانة السياسية ومثلي “أحمد سليمان” المحامي جاء من اليسار وبقي من أشطر (5) في الحركة، مع أني لم أكن يساراً ولا بعثياً.
– × لكن ما أخو قديم؟.
– – والحاجة دي ما عاملة لي عقدة ولا هي مذمَّة ومتصالح مع نفسي والشعب السوداني أداني مكانة خاصة.
– × لم يدعوك لعشاء “علي الحاج”؟.
– – نعم، لم يدعوني.
– × ربما الدعوة فيها إزعاج للقصر؟.
– – ستكون مزعجة لو تطوَّرت باسم الأخوان القدامى، لأنه توجد حركة عالمية ضد الأخوان.
– × ورأيك في العشاء؟.
– – العشاء المناسب يجمع الإسلاميين مع أهل اليسار والبعثيين والقوميين وربما “علي الحاج” لديه رؤية مختلفة.
– × العشاء كان محضوراً؟.
– – الأمين العام للمؤتمر الشعبي حرص ودعا كل من خان الشيخ “الترابي” ومعي ملفات سلَّمني لها الراحل “الترابي” عن الكبار، من قتل ومن سرق ومن خان.

حوار – صديق دلاى
المجهر السياسي


‫2 تعليقات