جرائم وحوادث

تفاصيل محاكمة الطالب عاصم عمر


(الإعدام شنقاً حتى الموت) هو الحكم الذي اسدلت به محكمة جنايات الخرطوم شمال محكمة الطالب عاصم عمر، وهي واحدة من أخطر قضايا الرأي العام، ولعل ذلك الزخم الذي اكتسبته المحاكمة جاء بسبب طرفي المحكمة (المدان والقتيل)،

فالاول كادر طلابي ينتمي لحزب المؤتمر السوداني المعارض، بينما القتيل ينتمي لمؤسسة الشرطة السودانية الشهيد حسام الدين عيسى التابع لشرطة عمليات ولاية الخرطوم، وهي تفاصيل محاكمة استمرت لأكثر من عام ونصف العام، وفصل فيها القاضي د. عابدين حمد ضاحي، حيث جاء حكمه ايفاءً بمطلب أولياء دم الشرطي حسام الدين عيسى بالقصاص، الذي قتل في أحداث جامعة الخرطوم الأخيرة، وتعود تفاصيل الواقعة الى أحداث شهدتها الجامعة في عام 2016م بعد اصدار قرار بإحالة الجامعة من مقرها الحالي إلى منطقة سوبا وتحويل مقرها الحالي الى متحف أثري يزوره الأجانب كمبنى أثري وتاريخي.
إجراءات استثنائية
حاول المدان عاصم عمر وكعادته احالة قاعة المحكمة لمنبر سياسي وهتاف معارض للنظام، وهو ما اشاع فوضى داخل المحكمة اجبر سلطات التأمين والانضباط لإخراجه من القاعة وادخاله مرة اخرى، وتطويق المحكمة بقوات ضاربة ومدججة تحسباً لاية تفلتات محتملة، لذلك كانت اجواء من التوتر تسود المكان بالداخل والخارج، اضافة الى اغلاق الطرقات المؤدية للمحكمة تماماً، بما فيها المدخل الشمالي للمحكمة، وهو المدخل الرئيس للمحكمة، وطالبت الشرطة الحضور باستخدام المدخل الشرقي للمحكمة فقط ومنعت جميع الاشخاص من الدخول المحكمة عداء المحامين ووكلاء النيابات.
الحكم بالقصاص
اكتظت القاعة بالحاضرين وظل عدد كبير منهم وقوفاً طوال الجلسة، ورغم ذلك ظلت المئات خارج المحكمة تدافع منذ الساعات الاولى من الصباح، وكل اعضاء احزاب المعارضة جاءت لمؤازرة ابن المؤتمر السوداني عاصم عمر احمد في جلسة النطق بالحكم.
في القصاص حياة
بدأ القاضي د. عابدين حمد ضاحي جلسة النطق بالحكم بمناداة والد ووالدة القتيل لابداء رأيهم حول القصاص أو الدية أو العفو عن المدان، ليفاجئ محامي الدفاع المحكمة مباغتاً بالوصول إلى صلح مع أولياء الدم، إلا أن أولياء الدم لم يترددوا واعلنوا تمسكم التام بالقصاص، رافضين أي خيار سواه.
ومن جانبه أوضح قاضي المحكمة انه ثبت من خلال الاعلام الشرعي والأوراق الثبوتية أن والد ووالدة القتيل طالبا بالقصاص، في وقت استند فيه القاضي إلى قول الله تعالى :(فمن عفا واصلح فأجره على الله) حتى يطمئن الى تمسك أولياء الدم بالقصاص الذين ظلوا متمسكين برأيهم، ولم يدعوا للمحكمة خياراً سوى نص القرار الآتي : (المدان عاصم عمر أحمد تحكم عليك المحكمة بالإعدام شنقاً حتى الموت قصاصاً، وترفع الأوراق لمحكمة الاستئناف لتأكيد حكم الاعدام من عدمه بعد انتهاء المدة التي حددها القانون).
وما ان بدأ قاضي المحكمة في تلاوة القرار الذي لم يستغرق اكثر من ربع ساعة، الا وانطلقت احتجاجات هنا وهناك داخل وخارج المحكمة، الا ان الشرطة تعاملت معها واحتوتها دون وقوع خسائر في الارواح، وتمكنت الشرطة من اخلاء المنطقة المجاورة للمحكمة من قبل المارة لتعود حركة السير طبيعة بعد ربع ساعة من الحدث، حيث قام افراد الشرطة بالسيطرة على الحدث بعد بتهدئة الأمر ومنع كل المارة من العبور بالطرقات المجاورة للمحكمة، وقاموا بمنع جميع الصحافيين من دخول المحكمة لمتابعة بعض الجلسات خلاف هذه الجلسة.
إدانة المتهم
في جلسة سابقة ادانت المحكمة الطالب عاصم عمر بالقتل العمد، وعللت ذلك بأن الفعل الذي ارتكبه ان لم يكن يقصد قتل القتيل بعينه فإنه يعلم ما قد يأتي جراء ذلك الفعل، ووصفت المحكمة الفعل الذي قام به المتهم كمن يقوم بتفجير مكان عام، مما قد يؤدى الى مقتل واصابة عدد من الاشخاص دون تحديد شخص معين.
إجراءات المحاكمة
توصلت محكمة الجنايات الى ادانة المتهم تحت المادة (130) من القانون الجنائي، وذلك بعد تلاوة قرار المحكمة، وذكر القاضي في حيثيات قرار الإدانة موضحاً: بتاريخ (22/ 4/2016)، وقعت أحداث مظاهرات بيع جامعة الخرطوم، وقام بعض الطلاب بالاصطفاف في مسيرة توجهت إلى السوق العربي بالخرطوم، وفي الوقت الذي كانت فيه سيارة الشرطة تفض المتظاهرين بالقرب من مول الواحة بالخرطوم، قام المتهم برمي عبوة حارقة (ملتوف)، أدت إلى إصابة المجني عليه بحروق، وتم نقله إلى مستشفى الشرطة، وبعد مضي أسبوع فارق الحياة، وقال القاضي: بتاريخ (22/5/2016) عدلت النيابة مادة الاتهام من الأذى الجسيم إلى القتل العمد، وتم القبض على المتهم، بعد اكتمال التحريات قدمته إلى المحاكمة، وأوضح القاضي أن المحكمة استمعت لشهود الاتهام واستجوبت المتهم ووجهت له التهمة بالقتل العمد، كما استعرض القاضي إفادات شهود الاتهام، وقال إن أحد الشهود وهو زميل المجني عليه، أكد أنه تحرك مع زميله المجني عليه لاحتواء مظاهرة بيع جامعة الخرطوم، وعند وصول عربة الشرطة بالقرب من الجامع الكبير شاهد الشاهد المتهم يتحرك على بعد (100) متر وهو يحمل حقيبة على ظهره، وفجأة قام بفتحها وأخذ شيئاً من داخلها ورمى به ناحية العربة، وقال الشاهد إنه اعتقد في بادئ الأمر أنها طوبة، ولكن سرعان ما خرج منها لهب أصاب المجني عليه، وقال القاضي إن الشاهد ذكر أنه تعرف على المتهم الذي كان يرتدي (فانيلة) برتقالية وإنه تعرف إليه من ملامح وجهه، وواصل القاضي تلاوة القرار، مبيناً أن الشاهد الثاني قال ان العربة كانت تسير ببطء وإن المتهم عندما قذف بالملتوف، اعتقد أنها طوبة وأن سياج العربة سيحميهم، وأن الشاهد ذكر بأنه تعرف إلى المتهم من ملامح وجهه، بأن شعره به بوب، وأن إفادات الشاهد الثالث جاءت بنفس الإفادات، وقال القاضي إن الشاهد الرابع ألقى القبض على المتهم أثناء خروجه من الجامعة وضبط داخل الحقيبة التي يحملها ساطوراً، وإن المتهم حاول مقاومته وإنه أجرى تحريات ميدانية اتضح من خلالها أن المتهم ليست له علاقة بالجامعة، وإنه اعترف بأنه ألقى الملتوف على عربة الشرطة، وذكر القاضي أن المحكمة استمعت للشاكي وهو والد المجني عليه، وقال القاضي إن ستة من زملاء المجني عليه اتفقوا في إفاداتهم بأنه المتهم وتعرفوا عليه (البوب)، كما أكدوا أن المتهم هو الذي رمى الملتوف وأدى إلى مقتل الشرطي وأصيب (9) آخرون.
وقال القاضي: في المقابل استجوبت المتهم الذي أنكر وجوده في مكان الحادث، ودفع بعدد من شهود الدفاع من بينهم والد المتهم الذي ذكر أن ابنه تم فصله من جامعة بحري، وتحويله إلى جامعة الخرطوم، وأنه كان موجوداً في المنزل مع والده لعمل صيانة، كما أكد عدد من شهود الدفاع ذلك، في الوقت الذي أكدت زميلة المتهم أنه كان موجوداً في الجامعة، وقال القاضي إن أقوال شهود الدفاع التي أخذت أمام المحكمة لم تدون في يومية التحري، خاصة أن المتهمين كانوا يزورونه بصفة يومية، وأن المتهم لم يطلب إفاداتهم، وأوضح القاضي أن هذا أوجد نوعاً من التراخي، وأضاف أن الأخير يضعف بينة الدفاع ويشكك في أقوال الشهود، وأن تلك الإفادات تتهاوى أمام بينات الاتهام التي جاءت متماسكة وقوية عززتها القرائن، وقال القاضي عند مراجعة تقرير الطبيب الشرعي انه ذكر أن سبب الوفاة التسمم الدموي الناجم عن الحريق من الدرجة الثانية، وأن الوفاة توافرت فيها علاقة السببية التي ليس بها لبس ولا غموض، وقال القاضي إن القصد الجنائي توفر عندما ألقى المتهم عبوة حارقة على عربة الشرطة يصعب منها الخروج، وقال إن هذا يقود إلى القصد الاحتمالي، وهو أن الحرق من الوسائل القاتلة، وأن ذلك يستشف منه قتل المجني عليه مما يترتب عليه المسؤولية الجنائية عند مناقشة الدفوعات والاستثناءات الواردة في القانون الجنائي، التي تحول الجريمة إلى شبه عمد، وقال القاضي إن المتهم لم يثبت أنه كان في معركة مفاجئة أو في حالة دفاع شرعي أو استفزاز، وقال القاضي: بناءً على ما توفر من بينات، توصلت المحكمة إلى إدانة المتهم بجريمة القتل العمد، وأرجأت المحكمة النطق بالحكم وقتها نسبة لوجود إشكالية في الإعلام الشرعي تخص والدة المجني عليه.
اعتقال طبيب
اعتقلت شرطة المحكمة طبيباً قام بالتقاط عدد من الصور داخل المحكمة وطالبته بمسح اية صورة او فيديو يتعلق بالمحاكمة، واعتذر الطبيب لافراد الشرطة عن التصرف الذي بدر منه، وقال إنه لا يعلم ان التصوير فيه مخالفة لضوابط المحكمة، ليتم ادخاله في أحد مكاتب الشرطة ليمسح محتويات المحاكمة من هاتفه الجوال، ومن ثم تم إطلاق سراحه.

فوزية ضحية
الانتباهة