تحقيقات وتقارير

تدفق السلاح إلى جنوب السودان ..هؤلاء تحـت دائـرة الاتهام


في صراع محموم بدأ وخارج نطاق المصداقية ، تتبارى صحف امريكية كبرى بهدف عرقلة رفع العقوبات عن البلاد من خلال نشرها تقارير لا تتوخى فيها الموضوعية، من بينها تقرير لصحيفة الواشنطن بوست بتاريخ السابع من سبتمبر الجاري كتبه الصحفي ( Sam Mednick) ،

يحرض فيه على عدم رفع العقوبات ويتهم فيه السودان بتسليح أطراف النزاع في جنوب السودان.. وتتزامن تلك التقارير في عدد من كبريات الصحف الأمريكية والمواقع الالكترونية مع اقتراب موعد اتخاذ إجراء بخصوص رفع العقوبات بحلول الثاني عشر من اكتوبر القادم. إلا ان واقع الملف يؤكد تورط دول بعينها في تدفق السلاح الى جوبا على رأسها اسرائيل واوغندا. وبينما أعلنت تل أبيب اغسطس الماضي أنها لا تعتبر ذلك مخالفة ولا تغذية للحرب .. لا تنكر يوغندا ذلك.. إلا ان صحفاً امريكية كبرى تتعمد عدم فتح تلك الملفات وتخصيص مساحات على صفحات ما يجعلها بعيدة عن مجال الموضوعية.
تقرير الواشنطن بوست
وذهب تقرير الواشنطن بوست إلى ان السودان ظل يمد أطراف النزاع في دولة الجنوب التي تعيش حرباً اهلية طاحنة راح ضحيتها آلاف الأشخاص . بينما في الواقع نجد ان كل تقارير المنظمة الدولية والمنظمات ذات الصلة أكدت تدفق السلاح الى الجنوب من دول الجوار ومن دولة اسرائيل وأوكرانيا بشكل رئيس بالإضافة الى تورط مصر ودول اخرى في تسليح مليشيات هناك من بينها الجيش الشعبي. إلا ان تلك الجهات لا تتهم على صفحات الصحف الأمريكية من بينها بالطبع الواشنطن بوست.  
ووفقاً لتقارير الأمم المتحدة ، فأن جيش جنوب السودان يستخدم الأسلحة الاسرائيلية في حربه الأهلية، من بداية الصراع هناك.
وخلال العام 2015م مع تصاعد حدة القتال في دولة الجنوب ،نقلت صحيفة “هآرتس” تقريراً لمجلس الأمن الدولي حول النزاع في الجنوب جاء فيه “ان صورا أظهرت ضباطا وجنودا من جنوب السودان يستخدمون بنادق هجومية اسرائيلية من ماركة (ايس)، وهي نسخة متقدمة من بندقية (غليل) تتنج من قبل سلاح الصناعات الإسرائيلي.
تل أبيب تعترف
في ردها على التماس قدم إلى المحكمة العليا بشأن بيع أسلحة إسرائيلية إلى جنوب السودان، قالت النيابة العامة الاسرائيلية الشهر الماضي، إنه “لا يوجد دليل يثبت أن أي شخص أو هيئة إسرائيلية قد ارتكبت مخالفة جنائية في تصدير الأسلحة إلى جنوب السودان.
وكان 54 إسرائيليا قدموا في مايو الماضي التماسا للعليا لفتح تحقيق جنائي ضد المتورطين بتصدير السلاح إلى جنوب السودان، وذلك بشبهة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. ويتصل الالتماس بصفقة تم فيها بيع بنادق من طراز “غاليلي” ACE” ” من إنتاج إسرائيلي للمليشيات الحكومية في جنوب السودان.
وقد استخدمت هذه البنادق لشن هجوم على أبناء قبيلة النوير في العام 2013، مع بدء الحرب الأهلية هناك. وادعى الملتمسون حسب موقع (عرب 48 ) أن المسؤولين في السلطات الإسرائيلية الذين عملوا في هذا الشأن , كان يجب عليهم أن يدركوا الخطر الكامن في تصدير البنادق. وجاء في الالتماس “هل يوجد موظف واحد في وزارة الخارجية والأمن يبدو له معقولا أن رئيس دولة يقدم طلبا شخصيا لشراء بنادق للمليشيات الخاصة به؟”.وقدمت الدولة، عن طريق النيابة العامة، يوم أمس، ردها على الالتماس، والذي طلبت فيه رفضه.
واستند الرد إلى رسالة بعثت بها رئيسة المجال الجنائي في النيابة العامة، راحل مطر، جاء فيها أنه “لا يوجد أي دليل على حصول خطأ في اعتبارات الجهات ذات الصلة”.وأضافت أنه “لا يوجد أي دليل على أن أفعال جهة إسرائيلية ما تثير شبهات بارتكاب جريمة جنائية، بشأن الادعاءات بأن المسؤولين عن التصدير الأمني ارتكبوا جريمة المساعدة في جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية، حيث أن هذه المخالفة تقتضي أن يكون هناك إدراك بذلك، وأن يكون الهدف هو مساعدة المجرم الأساسي”.
تورط إسرائيلي
وحسب الصحيفة, فأن وزارة الدفاع، التي تشرف على صناعة الدفاع الاسرائيلية الممتدة والمتوسعة بشكل كبير، رفضت التعليق على مبيعات الأسلحة مع اية دولة بعينها… رغم تورطها في بيع صفقات الى دول تعاني حروباً أهلية طاحنة, وأشارت الصحيفة الى ان الحرب الأهلية في جنوب السودان ارتكبت خلالها انتهاكات لحقوق الإنسان، بما في ذلك استخدام الجنود الأطفال.
ووفقا للتقرير، فإن جميع فروع قوات الأمن في جنوب السودان تستخدم البندقية (إيس)، في معركتها ضد المتمردين المحليين.
وقد اتهم الجانبان بانتهاك حقوق الإنسان في الحرب التي دامت عامين، في ادعاءات موثقة بالتطهير العرقي والاغتصاب المنهجي وتجنيد الأطفال وغيرهم. واستناداً الى تقرير الصحيفة فإن ايتاي ماك المحامي الإسرائيلي الذي يقود تهمة بيع الأسلحة الى الدولة الافريقية الوليدة, قال لصحيفة التايمز الإسرائيلية إن الدولة اليهودية تزود جنوب السودان بالأسلحة والذخائر والتدريب.
وتعمل مجموعة محلية للضغط على وزارة الدفاع للحصول على إجابات، مع محاولة دفع أيضا التشريع الذي يعرقل صفقات الأسلحة المزعومة الى الأمام.
واستناداً إلى هآرتس، فإن تدفق الأسلحة من إسرائيل لا يقتصر فقط على دولة جنوب السودان.. إذ يرى البعض أن الأسلحة والتدريب والمعدات لتغذية صراع مستمر مع السودان – وهو عدو مشترك مع إسرائيل.
وتبقى البيانات المتعلقة بمبيعات الأسلحة إلى بلدان محددة سرية، ولكن المبيعات الإجمالية لأفريقيا زادت بشكل كبير في السنوات التي تلت تشكيل جنوب السودان.
وفي العام 2009 باعت إسرائيل أسلحة بقيمة 71 مليون دولار للقارة الإفريقية. وفي العام 2013، زاد هذا العدد أكثر من ثلاثة أضعاف ليصل إلى 223 مليون دولار، وبلغ 318 مليون دولار في عام 2014.
وحسب مجلة فورن بوليسي، فإن دولة أوغندا تعد مورداً رئيساً للأسلحة إلى جنوب السودان، ومن المعتقد أنها تشتري أسلحة من إسرائيل وغيرها من البلدان، نيابة عن حكومة جنوب السودان. وحسب تقرير المجلة بتاريخ أغسطس 2016م سعت حكومة جنوب السودان أيضاً لشراء أربع طائرات هليكوبتر هجومية إضافية بقيمة 35.7 مليون دولار أميركي، من شركة مقرها كمبالا يطلق عليها «بوساسي لوجيستيك».
ولم يتضح ما إذا كانت تلك الصفقة قد تمت أم لا. وأشار التقرير الى ان الولايات المتحدة تعتبر إحدى العقبات التي تحول دون فرض حظر أسلحة على جنوب السودان…
وفي سبيل ذلك قدم المسؤولون الأميركيون مبررات مختلفة، من بينها أن حظر السلاح من شأنه أن يحفز الحكومة على تصعيد الحرب، وأن حظر السلاح لن ينجح إلا إذا وافقت الدول المجاورة لجنوب السودان على الالتزام بذلك.

إنعام عامر
الانتباهة