رأي ومقالات

الخط الموازي ..في فقه التعازي


أعلم عزيزي القارئ ان هناك مسلمات في العقل الباطن السوداني ..لا يقبل المساس بها ..حتى ولو بعد حين ..رغم تعاقب الفصول ..والازمان ..لا زال للتعازي و(عصر الفراش) مكانة مقدسة على كل الاصعدة ..لا يختلف باختلاف القبيلة او الجندر ..او السن ..او الحالة الاجتماعية ..لذلك سنحاول في هذه الجمعة تناول بعض الخطوط الموازية التي قد تساعد في تخطي بعض العقبات التي قد تصادف البعض نتيجة عدم التوفيق في اداء الالتزامات المجتمعية .

الحالة الاولى: الدين الهالك ..وهي التعازي القديمة التي يعتقد البعض انها قد تسقط بالتقادم ..فيحدث احيانا ان يغيب المرء لسنوات ..ويحضر لقضاء اجازة بين الأهل والاحباب ..يتفاجئ بوجود قائمة طويلة تتضمن كل من قضى نحبه خلال غيابه ..فيقضي كل الاجازة متجولا بين البيوت ..خاصة ان كان المرحوم ساكن بغداد وفي كل بلد (سوالو ولاد) ..في هذه الحالة ..يمكن للمرء ان يقضي اجازته عادي ..ولكنه يلتزم بقول لكل من يلتقيه (البركة فيكم في جميع موتاكم) ..هذه الامر يسري على حملة الواي كروموسوم ..لكن ما أقدر أضمن ردة فعل حملة الاكس كروموسوم ..مع ملاحظة ان هذه الحالة لا تسري على التعزية التي لم يحول عليها الحول ..ذلك ان هناك قانون ساري المفعول هو (البكاء لي حولو بجيب زولو).

الحالة الثانية : العزاء غير المدبر ..وهو ان تلتقي احدهم مصادفة ..فتبادر بالتعزية ..وتعتذر بانك كنت (من دربك دا ماشي عليهو) ..وانك لولا الظروف القاهرة ..كان (وصلتو) في بيتو ..اعلم عزيزي القارئ ان هذه الحالة قد تنفع مع الكثيرين من الشعب السوداني الطيب ..الا اذا كنت من ذوي الحظ التعيس (الهردبيس) فتقع في شر أعمالك كما حدث لصديقتي مها ..اذ صادفت احدى زميلاتنا وقامت بتعزيتها في احد اقاربها ..ولكن بعد حين التقتها مرة اخرى ..فما كان من الزميلة الا توجيه اللوم لها بأنها لم تقم بتعزيتها ..عندما قالت لها مها (تتذكري لما اتلاقينا في عزومة سامية وقلت ليك البركة فيكم؟؟) الزميلة (ديك تعزية ما معتمدة لازم تجيني البيت) ..ردت مها مباشرة (ما معتمدة كيف؟؟ ناقصة دمغة ولا توقيع؟).

الحالة الثالثة: العزاء الاسفيري ..وهو من البدع المستحدثة ..اذ يكتب احدهم معلنا وفاة احد الاقارب ..فينهال عليه المتابعون بالتعزية وتخفيف المصاب ..فتكتب انت معزيا بصدق ..وربما بعثت رسالة في الخاص ..لتعزز موقفك ..وبعد ذلك تعمل خروج وانت مرتاح الضمير ..نود لفت انتباهك ان العزاء الاسفيري ..غير مبرئ للذمة ..وله مدة صلاحية محددة ..لو لم تلحقها بالذهاب شخصيا ..او أضعف الايمان الاتصال هاتفيا باهل المتوفي ..تأكد انه سيتم الغاء الاجراء ..وربما وصل الامر الى درجة اللوم المباشر والمعاملة بالمثل ….والبادئ اظلم ..نود التنويه انه يستثنى من ذلك العزاء بالرسائل الصوتية في الواتساب ..ذلك ان هناك بعض الشرائح المجتمعية التي تصنفها كشكل من أشكال العزاء المعتمدة ..خاصة ان خالط الرسالة بعض البكاء و(النخجي)…

ملحوظة هامة جدا : الرسائل النصية عبر الهاتف (SMS) معتمدة وهي مستثناه من قوانين اللوم الاسفيري .

د. ناهد قرناص


تعليق واحد

  1. الحل ينتهي العزاء بانتهاء الدفن . اتمنى ان يتفق الجميع ( رجال ونساء) على هذا ونخلص من الهم والغم دا .