حوارات ولقاءات

“الأمين عبد الرازق” : مبادرتنا طعمها مختلف.. ونحن حزب “جوكر”


كان مقر حزب المؤتمر الشعبي يومها لا يخلو من الأخوات وبضعة رجال، ربما يحضرون ورشة تنظيمية، انتحينا مكتباً طرفياً في الفيلا الواقعة جنوب شارع “أوماك” بحي “المنشية” العريق، بدا الأمين السياسي للمؤتمر الشعبي “الأمين عبد الرازق”، في عجلة من أمره بعض الشيء لذا لم يستغرق حوارنا كثيراً، لكنه تحدث بالكثير والمثير لـ(المجهر)، لم يترك سؤالاً إلا وأكرمنا بالإجابة عنه مفصلاً..

{ مبادرة المؤتمر الشعبي لإيقاف الحرب ولقاء عدد من الأحزاب السياسية مجرد استهلاك سياسي؟
_ الهدف من المبادرة هو إيقاف الحرب وتحقيق السلام، وقمنا بوضع برمجة للقاء الأحزاب على ثلاث مجموعات، أولها اللقاء بأحزاب المعارضة التي لم تشارك في الحوار الوطني ولا الحكومة، لذلك التقينا بأحزاب الأمة القومي، الشيوعي، البعث العربي الاشتراكي، الوطني الاتحادي (أزرق طيبة)، الوطني الاتحادي الموحد (جلاء الأزهري) والبعث السوداني، وخلال الأيام القادمة سنلتقي ببقية الأحزاب.
{ عن ماذا أسفرت هذه اللقاءات؟ حزب الأمة قال إن لقاءكم به لم يكن رسمياً إنما مجرد معايدة لا أكثر؟
_ نحن سميناها لقاءات تشاورية، لم نحمل مبادرة مكتوبة إلى أي حزب سياسي، لأننا لا نرغب في ذلك، بل نريدها مبادرة قومية، وليست مبادرة المؤتمر الشعبي، أي أننا نطمح لأن يتفقوا جميعهم على ورقة واحدة يطلقون عليها مبادرة كل الناس.. بعد نهاية المرحلة الأولى سنقابل أحزاب حكومة الوفاق الوطني، هؤلاء لدينا معهم اتفاق حول مخرجات الحوار الوطني، وبعدها يتكون المجلس الأعلى للسلام، وبعدها سنمضي إلى مرحلة مقابلة الحركات المسلحة خارج السودان، وأيضاً سنقابلها لأجل التشاور، وكيف يمكن أن نحقق السلام.
{ كثرت المبادرات في هذا الشأن.. ودائماً المحصلة (صفر كبير)؟
_ نحن لم نقدم مبادرة.. “نحن عندنا طعم خاص برانا”، من قدموا المبادرات آخرون، نعلم قيمتنا في الساحة السياسية، أدعي بأن المؤتمر الشعبي هو “جوكر” السياسة السودانية، الحزب الشيوعي كان سيرفض مقابلة المؤتمر الوطني وهذا أمر معروف، لكنهم التقونا نحن، بعد اجتماع للمكتب السياسي للحزب الشيوعي الذي أجاز لقاءنا بالأغلبية، وهذا يعضد حديثنا المسبق بأن هذه الحكومة يجب ألا تكون حكومة حزب واحد. ونعتقد أن مبادرتنا قومية لا تستثني أحداً، وأيام الحوار الجميع حاولوا إقناع الأحزاب الممانعة ودعوتها للحوار ولكنهم لم يستطيعوا.. لكن نحن في مبادرتنا هذه تمكنا من لقاء الإمام “الصادق المهدي”، ولم يعارضنا، ما يعني أنهم رأوا فينا ما لم يروه في الآخرين.
{ الأمين السياسي السابق للمؤتمر الشعبي “كمال عمر”.. انتقد المبادرة قائلاً: (أي مبادرة بعيدة عن طرفي النزاع هي إهدار للوقت)؟
_ أخبرتك أننا سنقابل الحركات المسلحة، والأمين العام “علي الحاج” قابل رئيس الجمهورية ونوره بكل ما نتحدث عنه الآن، إذن المبادرة ليست بعيدة عن الحكومة ولا عن شركائنا في حكومة الحوار الوطني، وسنلتقي بالحركات المسلحة.
{ بات واضحاً أن المشاركة في الحكومة أفضت إلى حالة استقطاب مواقف داخل الشعبي.. بعض القيادات طالب بفض الشراكة ووصف “كمال عمر” موقف الشعبي بالضبابي وأنه لا معارضة ولا حكومة؟
_ نعم المؤتمر الشعبي شريك في الحكومة لكنه لم يسكت عن أخطائها وأخطاء وزرائها، وهو شريك ناصح، ولا تعني الشراكة الصمت عن الأخطاء.. وموقفنا ليس ضبابياً، بل هو موقف واضح، وأوضحناه مراراً، أننا شركاء في هذه الحكومة ونتحمل كل تبعات ما يحدث فيها، وسنعمل على إنجاح حكومة الوفاق الوطني، “لأنها دي حكومتنا”. وأعتقد أن مخرجات الحوار هي برنامجنا السياسي، لذلك حريصون على النجاح، نحن من اقترح منصب رئيس الوزراء، ونحن من نشارك في الحكومة وشاركنا في وضع البرنامج الذي قدم للبرلمان، وبأولوياته التي ذكرت على رأسها السلام، ومعايش الناس.
{ من خلال حديث “كمال عمر” بات واضحاً أن هناك جزراً معزولة داخل الحزب؟
_ غير صحيح، نحن حزب متماسك جداً، ولا يضم تيارات أو مجموعات…
{ (مقاطعة).. هناك صراع بات واضحاً بين مجموعتين بقيادة “السنوسي” و”علي الحاج”؟
_ غير صحيح.. لا يوجد ما تتحدثين به، هناك أمر واحد اسمه المؤسسات، والعلاقة جيدة بين “السنوسي” و”علي الحاج”، حيث لبى “السنوسي” دعوة عشاء في بيت الأمين العام قبل أيام، نحن حزب متماسك أي خلاف عندنا تحسمه الأجهزة، “كمال عمر” من حقه أن يقول رأيه، ولكن أجهزتنا لم تقر بأن موقفنا ضبابي، ولم تقر الخروج من الحكومة، إنما نجدد التزامنا بالشراكة.
{ حسناً.. بلسان من يتحدث “كمال عمر”؟
_ الله أعلم.. نحن حزب حريات ومن حق “كمال عمر” أن يقول ما يشاء، لسنا بحزب طائفة، ولا رئيسنا عسكري يلزمنا بالتعليمات، إنما حزب طبقة مستنيرة، أكثر من (90%) من المنتسبين للمؤتمر الشعبي هم خريجو جامعات، والآن إذا دخلت الأسافير ستجدين أحاديث أعنف مما يقوله “كمال عمر”.
{ مشاركة الشعبي في الحكومة أحدثت هزة كبيرة داخل الحزب.. ونتج عنها مجموعة من القيادات الشابة تقف على الرصيف غير راضية عن ما يحدث؟
_ لا توجد أي هزة، “ناسنا ديل ملتزمين جداً”، صحيح كان هنالك البعض ضد المشاركة، لكن أجهزة الحزب حسمت الأمر، في القطاع السياسي حسمت بالأغلبية، وحملت للأمانة العامة حسمت بـ(20-6)، وفي هيئة القيادة حسمت بـ(30-19)، وفي المؤتمر العام حسم الأمر بالأغلبية.. هذه هي الشورى والديمقراطية.. وأيضاً لدينا من يرفضون المشاركة، لكن في النهاية الحكم للمؤسسات، والمؤتمر العام هو الصوت الأعلى، وحزبنا حزب حرية وبه آراء كثيرة جداً، وليس رأي رجل واحد، ولسنا بحزب الرجل الواحد، إنما حزب الجميع.
{ أحد مظاهر الخلاف.. “كمال عمر” قال إن “الترابي” تمت خيانته ميتاً وحياً؟
_ أنا لا أرد على “كمال عمر”، لكن لا أرى أي خيانة لشيخ “حسن” فنحن تلاميذه النجباء، والأذكياء جميعنا، كما أننا الأكثر وفاء لأفكاره، والمؤتمر العام الذي انعقد فكرة شيخ “حسن”، والمنظومة الخالفة القادمة بعد عودة الحريات هي من بنات أفكار “الترابي”، ونحن أوفياء لأفكاره ومشروعه.
{ المنظومة الخالفة ماتت مع “الترابي”.. حتى الآن لم يتم توضيحها جلياً؟
_ وقتها لم يحن بعد، الشيخ “حسن الترابي” قال: “تأتي المنظومة الخالفة عندما يكون هنالك حرية أتم”، ركزي مع كلمة (أتم)، أي بمعنى حرية كاملة كما هي في بريطانيا والعالم الأول، فعندما تأتي هذه الحرية الأتم ستأتي المنظومة الخالفة، كما كتبها “الترابي”.
{ إذن.. أنتم الآن بانتظار الحرية (الأتم) لتحققوا المنظومة الخالفة؟
_ نحن نكافح لتحقيق الحرية، وأنت تعلمين أن حزب الإمام “حسن الترابي” إمام الحريات، ونحن أكثر من تحدثوا عن الحريات وطالبوا بها طيلة الفترة الماضية، ورأيت معارضتنا في البرلمان وغيرها، وعندما تبدأ دورة البرلمان الجديدة سنطالب بفتح ملف الحريات.
{ ماذا حققتم حتى الآن بمطالباتكم تلك؟
_ حققنا الكثير، الآن مخرجات الحوار الوطني تم تنفيذ الكثير منها…
{ (مقاطعة).. لم ينفذ من مخرجات الحوار سوى تشكيل حكومة الوفاق الوطني وهذا ما أقرت به معظم الأحزاب المشاركة.. هذه المخرجات احتضنتها الأدراج الموصدة؟
_ غير صحيح.. تشكيل حكومة الوفاق الوطني أليست مخرجاً؟ البرنامج الذي وضعته حكومة الوفاق التي لم يتجاوز عمرها ثلاثة أشهر، يشمل مخرجات الحوار الوطني، والآن نعمل على تنفيذها، ودخلت في إستراتيجية الدولة وبدأ تنفيذها.. كل وزارة أخذت ما يليها من المخرجات وبدأت التنفيذ.
{ بعض قيادات الشعبي تحدث عن: “أن انتخاب علي الحاج أميناً عاماً إنما هي فترة انتقالية لتنفيذ المنظومة الخالفة فقط”.. ما ردك؟
_ نظامنا الأساسي واضح جداً، أميننا العام ينتخب لمدة (4) سنوات، إذا المنظومة الخالفة جاءت قبل ذلك خير وبركة، سيحل المؤتمر الشعبي ويدمج في المنظومة الخالفة.
{ تقييمكم الكلي لحكومة الوفاق الوطني خلال الثلاثة أشهر الماضية.. هل أنتم راضون؟
_ لم نقيّمها حتى الآن، لكننا قيمنا أداء وزرائنا، ونعتقد أنه أداء ممتاز، لا يوجد تقييم حقيقي قبل (6) أشهر لأن مشاكل البلد كبيرة جداً وكثيرة، وتنفيذ المخرجات ليس بالأمر اليسير فالحوار وحده استغرق ثلاثة أعوام كاملة، لكن من المفترض أن يتم تنفيذ مخرجات الحوار حتى العام 2020م موعد الانتخابات.
{ على ذكر انتخابات 2020م.. هل سيخوضها المؤتمر الشعبي منفرداً أم متحالفاً؟
_ عندما يحين أوانها سيتضح الأمر.

حاورته- رشان أوشي
المجهر السياسي