تحقيقات وتقارير

الصحافة السودانية … شبح الزوال يهدد صاحبة الجلالة


واقع يوحي بأن صاحبة الجلالة في الطريق إلى حتفها، رسمه صحفيون ورؤساء تحرير وكُتَّاب ومحللون من واقع ماتشهده الساحة الإعلامية السودانية عموماً، مما دفع البعض يذهب للتأكيد بأن الصحافة الورقية تتجه نحو الزوال، إن لم تتدارك الدولة الموقف، ولم يستبعد الكثيرون أن يأتي زمان على الشعب السوداني ويجد البلاد بلا صحافة، وحينها سترسم صورة سيئة حذر البعض من حدوثها وطالب الدولة بالتعجيل لتلافي شبح الزوال، الذي لن يتضرر منه الصحفيون بقدر ما تتضرر الدولة كلياً بانهيار السلطة الرابعة في الدولة، فهل يمكن أن يأتي علينا زمان ونحن بلا صحافة، أم ستصمد الصحافة في مواجهة موجة أسعار مدخرات صناعة الصحافة، والتضييق الذي يشتكي منه الصحفيون والكتاب والناشرون، خصوصاً الإعلان الذي بات سلاحاً يستخدم في مواجهة من يشق عصا الطاعة- على حد قول الكثير من رؤساء التحرير والناشرين.

تحديات كبيرةوظلت الصحافة السودانية في مواجهة حزمة من التحديات التي تعتري طريق تقدمها في توصيل رسالتها المهنية والأخلاقية والإنسانية، تحديات بعضها إقتصادية وبعضها الآخر سياسية، فضلاً عن تحديات أمنية، مما جعل الصحافة تتأرجع عاماً بعد عام، الأمر الذي يجعلنا نطرح هذه التحديات ونضعها في منضدة قبائل الإعلاميين المختلفة، من كتاب ورؤساء تحرير وناشرين ومحررين، لمعرفة المخرج من هذه المعضلة. رئيس تحرير صحيفة التيار، بدا ناغماً من الأوضاع التي تعمل فيها الصحافة، موضحاً خلال حديثه لـ(آخر لحظة)، بأن الصحافة هي السلطة الرابعة في الدولة، وزوالها بالطبع يعني سقوط سلطة بأكملها، وهو الأمر الذي يعد بمثابة كارثة ستلحق بالدولة السودانية، وعن تغييب الإعلان الحكومي عن بعض الصحف، يشير عثمان إلى أن الإعلان الحكومي ليس بضرورة حتمية تحتاجه الصحافة، مشيراً إلى أن الصحافة إن كانت تعتمد على الإعلان الحكومي فهو بالطبع يعني ضلوع الحكومة في الصحافة، والتأثير عليها، مستشهداً بأن صحيفة التيار لها الكثير من المبالغ لدى الحكومة ولم تستلمها، مشيراً إلى محاربة ومحاباة في هذا الجانب، ومطالباً الناشرين بضرورة تأسيس شركة توزيع موحدة وأن يوحدوا الكلمة لمواجهة تحديات المرحلة التي تمر بها الصحافة، ومطالباً الصحفيين بالإلتزام بالمهنية الصحفية، وعن الدور الذي يجب أن تلعبه الحكومة في دعمها لمدخلات صناعة الصحافة الورقية، كما تفعل الدول المتقدمة والديمقراطية التي تعي أهمية الصحافة في المجتمع، فإن عثمان قال:(عقيدة الحكومة تعمل على محاربة الصحافة، وبالتالي لست متعشماً في أن تلعب دوراً إيجابياً تجاه الصحافة).

إتحاد للناشرين:ناشر صحيفة ورئيس تحرير صحيفة (البعث السوداني) المهندس محمد وداعة، يرى أنه ليس من الغرابة بمكان أن يأتي زمان على الناس ويجدون الدولة بلا صحافة، ويرى بأن هذا اليوم قريب جداً، في ظل التحديات التي تواجهها الصحافة، مشيراً إلى أن الحكومة تحارب الصحف بكل الوسائل، من خلال التضييق الأمني وحرب الإعلان، الذي قال إن توزيعه يتم بصورة غير واضحة، وأبدى وداعة تأسفه لعدم وجود إتحاد للناشرين، مطالباً بضرورة الشروع فيه فوراً لخدمة قضايا الصحافة ومواجهة تحدياتها، ومطالباً الدولة برفع يدها عن الصحافة حتى يتسنى لها أن تلعب دورها المنوط بها.

سياسة وصحافة: ويشير الصحفي والناشط في الحريات الصحفية (لؤي عبدالرحمن)، إلى أن البيئة السياسية ألقت بظلاها على الواقع الصحفي، مشيراً إلى أن الصحافة السودانية تعمل في ظل أوضاع سياسية متردية، لا يمكن أن ينظر إلى علتها دون النظر إلى المشهد السياسي، مؤكداً أن إرتفاع أسعار الطباعة التي تؤثر في مسيرة الصحافة السودانية، يرجع إلى إرتفاع في مدخرات صناعة الصحافة نفسها، موضحاً بوجود مضايقات أمنية تعتري طريق الصحافة، ومطالباً بضرورة توفير المناخ العام الذي يصلح لممارسة المهنة، وداعياً الصحفيين لممارسة الصحافة بإحترافية مهنية عالية، معتبراً أن القيود الأمنية تعيق مسيرة الصحافة، ومبيناً أن من حق الصحفيين أن ينتموا إلى أي تيار سياسي دون أن يترتب عليه تضييق أمني.. وأوضح لؤي بأن الوسط الصحفي ينقسم إلى صحفيين موالين للحكومة وآخرين معارضين لها، وصحفيين مهنيين لا تنظيمات، الأمر الذي عده ولد حالة حادة من الإستقطاب والضغائن والإستهداف. بالمقابل فإن ناشري الصحف أصدروا بياناً أوضحوا من خلاله موقفهم من الزيادات المفاجأة التي بلغت نسبة (16)%، موضحين أن الصحافة في خطر في ظل تصاعد أسعار الطباعة، ومطالبين رئاسة الجمهورية بضرورة التدخل العاجل لمعالجة القضية، ومتخوفين من أن تكون السلطة الرابعة في خبر كان في يوم من الأيام، إن استمرت بذات الأوضاع.

محمد داؤود
اخر لحظة