الصادق الرزيقي

إسرائيل ورفع العقوبات!!


من الادعاءات التي تثير جدالاً هذه الأيام في أوساط سياسية وإعلامية داخلية، ما يقال ويزعم عن دور إسرائيلي لعبته دولة الكيان الصهيوني أو منظمات صهيونية داخل الولايات المتحدة في رفع العقوبات عن السودان،

وقد تواترت هذه الأنباء المنكورة المستبعدة منذ الإرهاصات في ديسمبر من العام الماضي ويناير من العام الحالي، عقب قرار إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما قبيل مغادرته البيت الأبيض حول رفع العقوبات عن كاهل السودانيين، ومساء الجمعة الماضية قبيل رفع العقوبات وبعيدها، أوردت وكالة الأسوشيتد برس خبراً عن رفع العقوبات عن السودان، مدعية أن جهوداً إسرائيلية كانت وراء رفع العقوبات, والغريب أنها حاولت أن تربط هذا الدور المزعوم بالدور الذي قامت به المملكة العربية السعودية الشقيقة.

> وتزعم الأخبار التي تناقلتها وكالات الأنباء والصحف العربية والعالمية أن إسرائيل والسعودية قادتا حملة ضغط طويلة الأمد لإعادة السودان للاندماج والانخراط في المجتمع الدولي، وتورد حجة واهية بأن الهدف من ذلك تشجيع السودان للابتعاد عن إيران وقطع علاقته بتهريب السلاح إلى حركة حماس بقطاع غزة!!
ولاستجلاء هذه المعلومات وحتى لا يتم تضليل الرأي العام المحلي والداخلي، وحتى لا تدعي دولة الكيان الصهيوني مثل هذا الادعاء وتوجد آذان صاغية لهذه الاكاذيب، على الحكومة أن تقول روايتها وتعلن على الملأ حقيقة ما تم، فنحن نعلم علم اليقين وحق اليقين أن العقوبات لم يكن من المستسهل رفعها لولا انتظام الحوار السوداني الأمريكي الذي أشرف عليه الرئيس البشير شخصياً وهو يتابع مع لجنته التي كونها وتضم عدداً من الوزارات ومؤسسات وأجهزة الدولة، وكان يتولى ويتتبع معها عن كثب كل الخطوات الجارية، بجانب الجهود التي بذلتها دول الخليج كافة وهي تبدي حرصاً من البداية على مساعدة السودان في التخلص من تلك العقوبات الظالمة التي صارت اليوم جزءاً من الماضي.

> وما يمكن أن يقال ويشكل حقائق موضوعية وأدلة دامغة على أنه لا يوجد أي دور صهيوني أو يهودي في رفع العقوبات، أن كل ما عانى منه السودان منذ الاستقلال كان بسبب دول الكيان الإسرائيلي التي أعلنت استراتيجيتها مطلع الخمسينيات من القرن الماضي بدعم التمرد في جنوب السودان، والعمل على تغذيته في إطار خطتها لإضعاف دول العالم العربي ونشر الصراعات المذهبية والعرقية والجهوية، وقد نجحت مخططاتها في فصل جنوب السودان وتعمل على انفصال كردستان، بالإضافة إلى الدور الخبيث في الصحراء الغربية المغربية ودعم جبهة البوليساريو، ولم تكتف إسرائيل بدعم جنوب السودان ضد شماله، بل عملت على دعم التمرد في دارفور، ولا يمكن نكران علاقاتها بحركات التمرد الدارفورية التي فتح بعضها مكاتب في تل أبيب، وخلال فترة حكم الإنقاذ الحالية كانت كل المؤامرات ضد السودان تديرها دولة الكيان الصهيوني، وظل اللوبي اليهودي داخل الولايات المتحدة هو الأكثر تحريضاً على العقوبات وتشديدها، وكانت وسائل الإعلام الأمريكية التي يسيطر عليها اليهود تعمل على تشويه صورة السودان باستمرار حتى هذه اللحظة، بينما كان اللوبي الصهيوني يحرض الكونغرس ومجلس الشيوخ في الولايات المتحدة وفي دول الغرب ضد السودان، وكل ما اتخذته الحكومات الغربية من مواقف متشددة تم بفعل الدوائر الصهيونية، ولعل أبلغ دليل على حقيقة الموقف الصهيوني أن كل العداء ضد الخرطوم والمنظمات التي نشأت في الولايات المتحدة وأوروبا خلال أزمة دارفور كان يقف عليها غلاة الصهاينة سواء كانوا من الناشطين أو مسؤولين حكوميين في الدول الغربية، فالمنظمات التي برزت وقادت موضوع المحكمة الجنائية الدولية حتى تم اتهام الرئيس البشير هي منظمات صهيونية، والغريب والمضحك أن منظمة مثل (انقذوا دارفور Safe darfur ) ومنظمة (كفاية) و (إيجست ترست) في بريطانيا والفضاء الأوروبي، كانت تجمع أموالاً طائلة باسم ضحايا الحرب في دارفور، واتضح بعد ذلك أن الأموال التي جمعت كانت تذهب لتمويل بناء المستوطنات الصهيونية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وعندما تم تبادل الاتهامات بين أعضاء هذه المنظمات كُشفت هذه المعلومات الفاضحة، وهذا هو سبب ضعف ردود أفعالها حيال رفع العقوبات وتوقف نشاطاتها.

> الحكومة كما فعلت في السابق عندما نفت في يناير وجود أي دور إسرائيلي أو غيره في قرار رفع العقوبات ونفت بشكل قاطع وحاسم أية لقاءات تمت بين مسؤولين سودانيين وآخرين إسرائيليين، عليها ألا تترك هذه الأخبار تفرخ مزيداً من البلبلة والتضليل، ويتم استغلالها خاصة في وسائل الإعلام التي تصدر في بعض الدول، ومنها للأسف دول عربية تريد تشويه صورة السودان وتوجيه طعنة إلى ظهره بهذه الادعاءات.

الصادق الرزيقي
صحيفة الإنتباهة