مقالات متنوعة

سعدية النكدية.. والعقوبات الأمريكية


الطرفة المعروفة.. تقول.. إن رجلاً من ذوي الخيال الخصب.. كان متمدداً في فراشه داخل غرفة.. فجأة دخلت عصفورة من النافذة حلقت فوق رأسه.. ومن ثم خرجت من النافذة المقابلة.. فخاطبها صديقنا ساخراً (يعني هسه عملتي شنو؟؟).. فقد دخلت وخرجت.. وبس خلاص.. لكن إن تمعنا في القصة فقد انجزت العصفورة.. فهي قد قطعت المسافة بين النافذتين تحت الظل ولم تضيع وقتها في الدوران داخل الغرفة.. وخرجت من النافذة المقابلة.. لكنها لم تتخبط بالجدران.. ولم تجد نفسها أمام ذات النافذة الأولى فتخرج من حيث أتت.

أيام إعلان الحصار.. دقت الطبول.. ورقصنا حماساً.. وقلنا (كلام كتييير).. وبالأمس عندما تم رفع العقوبات.. ساد الصمت برهة.. ربما كنا (ما مصدقين) الموضوع.. ومتوقعين أن يقال لنا.. (معاكم الكاميرا الخفية).. ما أن تأكدنا.. حتى بدأت رقاع الدعوات لحضور الاحتفالات برفع العقوبات.. وها هي الولايات تتبارى.. كل ولاية ستحتفل بطريقتها.. تعددت الاحتفالات وتنوعت الأغنيات.. والرقص واحد.. وفهل يحق لنا التساؤل (يعني هسه عملنا شنو؟؟).. كما قلت في البداية العصفورة أنجزت.. خرجت من النافذة المقابلة.. ويمكن لي أن أسرد عدة أمثلة لعصافير دخلت وأنجزت وخرجت.. إيران على سبيل المثال.. حاصرتها أمريكا سنين عددا.. بل أطلقت عليها لقب (الشيطان الأكبر).. وكانت إحدى أضلاع مثلث الشر.. أنظر الى إيران وتصدرها للعلم والبحث واقتصادها الذي لم يهتز.. كوبا مثلاً.. حاصرتها أمريكا.. ولم تدخر وسعاً في إغلاق كافة المنافذ منها وإليها.. أنظر الى حال كوبا.. تجد أفضل تعليم.. وعلاج.. وتأمين صحي.. لم يكسرها الحصار.. ولم تتخذه شماعة لتعلق عليه التقصير.. دول مثل هذه.. هل يمكن مقارنتها بحالتنا؟؟ هي التي خرجت من النافذة المقابلة.. هل فعلنا مثلها؟؟ أم ترانا أضعنا الوقت في اللف والدوران.. داخل الغرفة ذاتها.. تبادلت الجدران خبط أجسادنا.. وفي النهاية وجدنا أنفسنا أمام ذات النافذة فخرجنا من حيث الدخول.

لو كان الأمر بيدي.. لمنعت أي مظاهر احتفالية.. ولطالبت أي وزارة بتقديم رؤية واضحة للعمل في عالم ما بعد الحصار.. وكذلك أي ولاية بفعل المثل.. لكن أن يشرع الناس في الاحتفال.. وتبديد وهدر الموارد.. ونرجع تاااني.. لذات الموقع.. كدا.. يبقى أوووفر يا جماعة.. في النهاية.. وودت أن أختم بطرفة.. لو تمعنا لو جدناها تنطق حكمة.. فقد طفق أحدهم يشرح لصديقه معنى رفع العقوبات.. قائلاً (هسه لو سيد الدكان الفي شارعكم.. عفى ليك الديون كلها.. ماهيتك حتزيد؟؟ لا.. بس بتقدر تمشي مطمئن بي شارعه وتسلم عليهو كمان.. أهو دا معنى رفع العقوبات الأمريكية).. والسلام ختام.

صباحكم خير – د ناهد قرناص
صحيفة الجريدة