تحقيقات وتقارير

روشتة جديدة.. رفع العقوبات.. الاقتصاد من داخل دور نسوية


أجابت ندوة (رفع العقوبات ونهضة السودان) التى أقامها الاتحاد العام للمرأة السودانية يوم أمس (الخميس) “بمركز ماما” على كثير من التساؤلات المهمة فيما يختص بالمرحلة المقبلة، والمطلوب من السودان القيام به.

وعرجت الندوة على أهم القطاعات التى يمكن أن تهتم بها الخرطوم خلال الفترة القادمة.

وشهد الندوة حضور كثيف من عضوية الاتحاد العام للمرأة السودانية التى خاطبها الدكتور بابكر محمد توم رئيس اللجنة الاقتصادية الأسبق في البرلمان بجانب عدد من قيادات الاتحاد ومختصين.

يذكر أن برنامج الندوة الذي جرى توزيعه شمل قيادات من حجم الإمام الصادق المهدي، ود.غازي صلاح الدين، والسيد مبارك الفاضل، ود.بدر الدين محمود، علي محمود عبدالرسول، علاوة على د.سهير صلاح.

إشادة بالحكومة

أبرزت الندوة حجم الدمار الكبير الذى حاق بالقطاعات الاقتصادية المختلفة، خاصة قطاع النقل والزراعة والتجارة والتعليم والصحة بعد أن رفض المجتمع الدولى إمداد السودان بالتقانات الحديثة اللازمة لتطوير القطاعات المختلفة.

وقالت ممثل مفوضية الايرادات د.آمنة أبكر إن الحكومة السودانية رغم الحصار استطاعت القيام بدور حيوى ومهم للحفاظ على استمرار النشاط الاقتصادى، رغم العقبات حتى لا يتوقف. فعمدت الى اعمال كثير من القوانين والاجراءات المحلية، حتى تضمن استمرار النشاط وحيويته، رغم أن بعض الاجراءات كانت قاسية إلا أن المواطن السودان كان متفهماً لها.

وأشادت بالاجراءات التى قامت بها الحكومة وتوسعها في مجال التعليم، رغم توقف المنح والقروض الخارجية، كما أشارت الى توقف كل العون السلعى من قبل المؤسسات العالمية التى تختص بالمعونات للداخليات والمجتمعات الفقيرة. إلا أنها رأت أن تلك الاجراءات كانت قاسية، وخلقت مشاكل في عدد من الولايات تأثر بها المجتمع السوداني، وازدادت حدة الفقر وهجرة المواطنين من الريف الى المدنية، توقف من خلالها الانتاج، واعتمدت غالبية المهن على المهن الهامشية دون الانتاجية، فتحوَّل الشعب السودانى من منتج الى مستهلك. كل ذلك بسبب الاجراءات التى اتخذتها أمريكا وأصبحت عالمية، رغم أنها أحادية الجانب.

أزمة خانقة

يقول الخبير الاقتصادي، ورئيس اللجنة الاقتصادية الأسبق في البرلمان د.بابكر محمد توم بوجود تقسيمات للإجراءات التى اتخذتها واشنطن ضد السودان، وبدأت منذ العام 1993 بضمه في قائمة الارهاب، ومن ثم المقاطعة المالية التى تمت في العام 1997 الأمر الذى تطور الى اجراءات عقابية من كافة الدول العالمية، بسبب فرض عقوبات مالية على أية دولة تتعامل مع السودان، مما أدى لمزيد من الضغوط على السودان، ثم عرج التوم الى الواقع التجاري، ووصفه انه انقطاع تام، رغم استثناء بعض السلع مثل القطن، ولكن الانقطاع التجاري ساهم بصورة كبيرة في رفع تكلفة السلع المستوردة عبر طرق أخرى تزيد من تكلفتها، وبالتالى ترفع من قيمة السلعة في السوق. وقال حتى الأنشطة العالمية فيما يتعلق بالمساهمات في التكتلات الإقليمية والدولية وجد السودان نفسه محاصراً لن يستطيع التحاويل إليها مما ضاعف من التكلفة.

وأشار الى أن تعاظم الحروب في بعض الولايات أيضاً أدى لفقدان كثير من المنتجين لأراضيهم واتجهوا أيضاً الى الاستهلاك، ما زاد من فاتورة الاستيراد سنوياً، بجانب ادخال قانون سلام دافور في الأمر. الأمر الذى منع أيضاً القروض والمنح واعفاء الديون.

ميزان

يرى د.بابكر محمد توم أن غلاء السلع سببه ارتفاع تكلفة الاستيراد، ولكنه يقول إذا لم يكن هنالك صادر فإن الأمر لن ينصلح لأن السودان يستورد سنوياً (9) مليارات دولار، ويصدر في حدود (4) مليارات دولار. وهذه فجوة كبيرة تحتاج الى جهد وعمل. وبالتالي الأمر أثر بصورة مباشرة على غلاء الأسعار لأن السودان يتعامل مع مؤسسات صغير بتكلفة عالية، ويسعى لتوفير بعض الأشياء الضرورية. وقال الآن نستورد السكر بسبب عدم وجود تأهيل للمصانع، كما أن كل مصانع النسيج توقفت بسبب الحظر الأمريكى في الوقت الذى كل ما يحدث هو بسبب الحصار الأمريكى.

واستعرض التوم ما يتميز به السودان في السابق من ميزات ولاتزال ــ حسب قوله ــ إلا أنها تحتاج الى روشتة ناجعة للخروج من دائرة الفقر، وزيادة البطالة، واجتذاب التقانة الأمريكية. وقال لو عادت المياه الى مجاريها، ستزيد العملية الإنتاجية.

واعتبر بابكر رفع العقوبات الاقتصادية عن السودان لفشل الدبلوماسية الأمريكية في التعامل مع السودان، خاصة بعد انفصال الجنوب والحروب في دارفور، وقال نعتقد أن البداية الموفقة لرفع العقوبات قناعة منهم بأن السودان له دور كبير في تثبيت تجارة البشر والتهريب.

ويرى التوم أنه آن الآوان لانسياب السلع الى أميركا، ودخول أخرى أيضاً منها. وقال الآن حالة البيات الشتوى انتفت تماماً ولا بد من اعطاء الثقة كاملة للقطاع الخاص ليقوم بدوره، وينهض مع تعديل القوانين الجاذبة للاستثمار، والتى تسهل العمل التجاري، وألا تكون هنالك ثغرات باعتبار أن القطاع الخاص هو المعني بالترويج للاستثمارات، وجذبها الى الداخل. مشيراً الى التدمير الذى لحق بالصناعةاإلا أنه رأى أنها تحتاج لإعادة، خاصة القطاع غير المنظَّم الذى يمثل حوالى 60 % من القطاع الخاص.

ويقول” نحن في حاجه الى قوانين واضحة المعالم في كل القطاعات، مثل الثروة الحيوانية، والزراعة، والمعادن، والصناعات الصغيرة والمتوسطة. مبيناً أن نسبة التضخم مرتفعة والبطالة ايضاً. وقال هذه مؤشرات تحتاج الى جهود. ولابد من تشجيع وتوفير مدخلات الإنتاج ومطلوبات الإنتاج في ذات الوقت. معتبراً أن السودان البلد الوحيد الذى يستخدم أسمدة بصورة أقل من دول العالم، وقال لا يمكن أن يكون لدينا 150 مليون رأس ماشية، ونستورد الألبان. إذاً لابد من الاهتمام المباشر بالسلالات، كما أننا في حاجة الى تمويل طويل الأجل، وتوظيف السفارات، والجاليات في الخارج كي تقوم بدورها كاملاً في التواصل وخلق علاقات مع المراسلين والبنوك، وفتح نوافذ للتعامل مع العالم. كما أننا أيضاً نحتاج الى الاستثمار وتشغيله ومعالجة مشاكل الأراضي عبر خريطة استثمارية موجَّهة لكل القطاعات.

الخرطوم: عاصم اسماعيل
صحيفة الصيحة