الطيب مصطفى

الأرض تميد من تحت أقدام الحلو !!


قبل أن يجف حبر بيان مؤتمر الحركة الشعبية (لتحرير السودان شمال) والذي طرد عقار وعرمان من منصبي الرئيس والأمين العام وأبدلهما بعبد العزيز الحلو وعمار أمون بدأت الرياح العاتية تهب على التنظيم الجديد للحركة من ولاية النيل الأزرق التي انتقلت القيادة منها إلى جنوب كردفان بل إلى جبال النوبة.

بالطبع لا أستبعد يد عقار في هذا التحرك المضاد سيما وأنه مغبون من الإطاحة به كما أنه يُعبّر عن ولاية النيل الأزرق التي كانت تقود قطاع الشمال قبل الانشقاق الأخير سيما وأن عقار الذي لا يرى الكون إلا من ثقب نفسه الأمارة خاض معركة الزعامة ورفض التنازل عن رئاسة الجبهة الثورية عند انقضاء فترة رئاسته بالمخالفة لدستور الجبهة الثورية.

كذلك فإن تفصيل القرارات على أحد مكوني الحركة (جبال النوبة) مثل المطالبة بمنح حق تقرير المصير لجبال النوبة مع استثناء النيل الأزرق يعبر عن ضعف البناء المؤسسي للتنظيم الجديد وعدم الحرص على تلك الولاية مما ينم عن سذاجة سياسية هي التي تسهل من القضاء على الحركة في طورها الجديد .

لست أدري والله هل هي سذاجة سياسية أم اكتئاب ألمّ بالحلو وجعله يُقدم على الانتحار سيما وأنه يعاني من مرض خطير يقال إنه في أطواره الأخيرة؟.

لم يعلم عن الحلو دهاء سياسي كالذي اشتهر به عرمان مثلا والذي ، رغم فشله الذريع في كل محطات حياته السياسية التي أهدرها في العدم ، فإنه يتمتع بقدرات كبيرة على المناورة والحركة وعقد التحالفات ، اكتسبها من خبرة طويلة في العمل السياسي منذ شبابه بل صباه الباكر، أما الحلو فبالرغم من تعليمه الجامعي فقد عرف بالانطوائية وضيق الأفق فهو عسكري قح وليس سياسياً ولا يجيد التفاوض أو المناورة ولا يتمتع بأي درجة من درجات الصبر على لأواء السياسة ومنعرجاتها ومشكلاتها.

لعل الناس يذكرون أنه بعد مصرع قرنق وتفجر بعض الخلافات بين قيادات الحركة الشعبية هاجر الحلو إلى أمريكا ولم يعد إلا بعد أن زاره عرمان وأقنعه بالعودة.!

أرجع لأقول إن مطالبة الحلو بتقرير المصير هو أكثر ما منح (المغبونين) عقار وعرمان منصة للهجوم عليه.

فقد شن عقار الذي يعتبر زعيماً للمعارضة لتنظيم الحلو حملة شعواء على بيان الحلو وركز على تقرير المصير خاصة إقامة معظم أبناء النوبة في مختلف مناطق السودان خارج جبال النوبة وقال إن ذلك سيشعل الفتنة ويطيل أمد الحرب ولن يجد سنداً إقليمياً أو دولياً سيما بعد تجربة انفصال الجنوب التي أثبتت خطل رؤية كل من ساندوا قيام الدولة الجديدة من المتعاطفين مع شعب الجنوب والمتحاملين على الشمال وشعبه فقد ثبت لهؤلاء جميعاً أن الجنوب لم يتوحّد إلا على العداء للشمال وأنه لا توجد هوية مشتركة تجمع بين قبائله المتباغضة المتنافرة المتناحرة وأن الأسباب التي جعلت المستعمر الإنجليزي يعمد إلى توحيده مع الشمال لم يطرأ عليها أي تغيير .

مما قاله عقار لإضعاف الحلو أن الدعوة إلى تقرير المصير ستضعف مشروع السودان الجديد وستنقسم الحركة سيما وأنه لا حدود جغرافية مشتركة بين جبال النوبة والنيل الأزرق وسيحدث ذلك فتنة بين أبناء جبال النوبة سيما وأن أعداداً كبيرة من أبناء النوبة يقطنون خارج منطقة جبال النوبة وتربطهم مصالح مع باقي سكان السودان وكذلك فإن تلك الدعوة ستنشئ تعبئة إثنية بين القبائل العربية وغير العربية في المنطقتين ومضى عقار إلى القول إن قضية الجنوب تختلف تاريخياً عن قضية المنطقتين مضيفاً أن الاستفتاء في الجنوب لم تشارك فيه القبائل العربية أو غير الجنوبيين أما في المنطقتين فإن الجميع سيشاركون وتحدث عن حدودهما الجغرافية مع السودان وقال إنها ليست كحدود الجنوب وغير متفق عليها.

الهجوم الضاري الذي شنه عقار على الحلو فيه كثير من المنطق ويضعف من الحلو خاصة في النيل الأزرق التي همشت بصورة غريبة من قيادات النوبة الذين ظلوا يجارون بالشكوى من التهميش.

البيان المنسوب للحلو وجد معارضة من معظم القوى والقيادات السياسية خاصة فيما يتعلق بتقرير المصير ومن أولئك مثلاً السيد الصادق المهدي الذي كان قد ساند الحلو وهجر عرمان حليفه القديم في نداء السودان، فقد قال المهدي في حوار شهير نشر في صحيفة اليوم التالي إن (الأمر في الحركة الشعبية قد آل إلى الحلو المسيطر على الميدان وأنه والحلو توصلا إلى تفاهمات حول تحركهما المستقبلي) ولكن لم يمض شهر واحد حتى أصيب المهدي بخيبة أمل وصف فيها قرار تقرير المصير بالمؤسف.

عزل الحلو نفسه تماماً من جميع القوى السياسية بموقفه من تقرير المصير كما أن لغته العنصرية شوهت من صورته إذ يصعب على أي حزب سياسي أن يقف في صف الرجل الذي انساق وراء أحقاده ومراراته. عدد من القيادات الحزبية خاصة من أبناء المنطقتين أبدت دهشتها لموقف الحلو من تقرير المصير لأنه لم يضمن في اتفاقية نيفاشا.

الطيب مصطفى
صحيفة الصيحة


تعليق واحد

  1. أما آن لهذا الحاقد أن يسكت ؟؟
    لست أدرى من أيُ بابٍ ولج هذا إلى السلطة الرابعة ؟؟ التى أصبحت موالية للسلطة بسببه وأمثاله من صحفيَ الإنقاذ
    أطال الله عمرك يا أستاذ الأجيال محجوب محمد صالح لنقرأ لك وننهل من ثقافتك
    ونرتاح من الغثيان والغثاءءء السائد