تحقيقات وتقارير

من الوزارة إلى الإدارة .. تنفيذيو(الإنقاذ) .. أحاديث الكفاءة والمكافآت


أن تكون (إنقاذياً) فذلك يعني أن تلاحقك الكاميرات والأقلام والسنان (كان متوظف .. وكان متوقف). ففي حالة الوظيفة ستكون شغل الناس، ليس لأنك من الحاكمين فحسب، ولكن لكونك تشغل من المهام عامها، وعليه سيتحول أمر إزاحتك لاحقاً ولو على نحو إداري أو راتب مثار تساؤلات كثيرة، وسيزداد النهم لو كان خروجك من الباب لتطل على الناس من نافذة أخرى.

كثيرون شغلوا الناس ردحاً من الزمان، على أيام العز والصولجان، ثم صارت خطاويهم ما بعد المنصب التنفيذي ذاتها محل اشتغال وانشغال الإعلام الذي هو في ذلك شأنه شأن العامة يسأل عما ينتويه المسؤول بعدما يعود إلى غمار الناس، فما بالك لو بدا أنه حاز مكافاة على نهاية الخدمة بالتحول إلى منصب ثانٍ.

أخر اولئك الرجال كان وزير المعادن السابق محمد صادق الكاروري، الذي غادر المنصب بعدما منّى الناس بأن يحل الذهب السوداني بديلاً لنفطه، حيث قالت الزميلة (التيار) في زاويتها (شارع الصحافة) أن الوزير السابق يشد الرحال لإدارة الاستثمار بصندوق الضمان الاجتماعي.

حركة

أن تتحرك من الوزارة لداخل جهاز حكومي، فذلك بالطبع شبيه بـ (النقلية) العادية، وذلك ما حدث لبعضاً من رموز الانقاذ، التي تمرغت في المناصب، بكثرة.

لكن عدداً من أولئك الرموز انتقلوا إلى مناصب في مؤسسات ذات طبيعة خاصة، ولكن على كل حال فإن الانتقادات تطالهم بحسبان أن هذا الانتقال لم يكن ليتم لولا جرس الاسم.

رموز

حين السؤال عن أفول أقمار الإنقاذ، سنذهب بداهة إلى أين رمزها التليد علي عثمان طه، وصنوه د. نافع علي نافع.

طه، يبدوه يحاول التأقلم مع الحياة الاعتيادية، وتلمس أسعار السلع التي قال إنه ما كان يعرفها على أيام اشتغاله بالحكومة، ومع ضعف الإشارات عن أنشطته التجارية، تطل له تصريحات ذات طبيعة سياسية تشغل العالمين لفترة، ثم يعود الناس لعلك سيرة الرسميين، وتارات علك سير تسير بها الركبان ولا توصل عيراً ولا نفيراً، إن لم تكن تضل القافلة.

أما نافع علي نافع، فاختير في مجلس الأحزاب الافريقية، وإن غاب عن حراك السياسة فأنه يستظل بالمنصب، وقد وقى الله المعارضة رمضاء تصاريحه الحرّاقة، فهو في محل كله حلفاء.

وبحقيبة تعدل مساعد الرئيس، يتحرك د. عوض الجاز، بصورة تبز جميع نظرائه، حيث يمسك بملف الصين، ربما كما يتمسك الصينيون به تماماً حد منحه أحد أرفع أوسمتهم.

نماذج

من انتقلوا من الحكومة إلى الحكومة، وكأنما الأمر كله (صابون) بحسب المثال الشعبي، نجد الكاروري الذي جاءت سيرته ضمن تبويب صحفي، يعرفه أهل المهنة بأنه محل الأخبار منقوصة الأركان، أو محض (شمار)، ولكن مما ورد في المتن فالخبر أكيد، ورجل الذهب في طريقه للضمان الاجتماعي.

هناك من ذهب إلى مؤسسات خاصة، ولكن رسخ في الأذهان أنها ذات صلة بالحكومة، إن لم تكن على رباط كاثوليكي معها.

فوزير الدولة بالاتصالات سابقاً، يممت شطر مركز الخرطوم للإعلام الالكتروني الذي تقول ديباجته (نسعى جاهدين لأن نكون بوابتك المميزة دوما والمفضلة للإطلاع على أهم وأحدث الأخبار عن السودان) ولكن في المخلية الشعبية هو أحد الحاضنات الحكومية، بينما يشغل إسماعيل الحاج موسى، ومنذ سنوات، منصب رئيس مجلس ادارة الرأي العام التي يحوزها حزب المؤتمر الوطني، وأخيراً في مضرب أمثالنا فهو رجل السدود القوي، أسامة عبد الله، الرابض على عرش منظمة (سودان فاونديشن) التي تقول مسودتها أن ربانها يعمل لأجل (بناء سودان المستقبل، متخذاً من المجتمع والقطاع الخاص منصةً للانطلاق لتطوير الوطن في المجالات التنموية، دعماً للإنتاج، وسعياً لإعداد الشباب وتطوير قدراتهم لصنع سودان المستقبل وقيادته).

بين رايين

كثير من السهام تنتاش الحاكمين، وحزبهم (المؤتمر الوطني)، فهم في الذهنية المعارضة منتفعين من السلطة على أيامهم فيها، ومتكسبين من امتيازاتها عقب المغادرة بحيازة مناصب اقتصادية رفيعة سواء في القطاع الحكومي، أو شبه الحكومي، علاوة على مضاغطة الشركات الخاصة لاستيعاب من غادر ضمن علية طواقهما.

ينفي القيادي بحزب المؤتمر الوطني، د. ربيع عبد العاطي، أن يكون الوطني يكافئ من يغادر في أعقاب إنجاز مهمة حكومية معينة بمنصب آخر. وقال لـ (الصيحة) إنه غادر منذ سبع سنوات دون أن يتحول لمنصب حكومي، بالرغم من استمراره في الدفاع عن أطروحات الوطني إعلامياً، ومن وراء الكواليس.

ولما وضعنا أمامه بعض النماذج لمن تحركوا في مناصب الحكومة، قال إن هذه الحركة اعتيادية وتقوم على معايير الكفاءة والكسب والمهنة، ولا تعني أتعاب ما بعد الخدمة.

غير أن المحلل السياسي، محمد نورين، فيشير لـ (الصيحة) إلى وجود خيط رفيع بين من يحكم والمنصب، حتى وإن غادر. مضيفاً إنه درء للشبهات ينبغي أن يتحول رجالات الحزب الحاكم بعد مغادرة المنصب الحكومي إلى أعمالهم الخاصة، وليس الأعمال التي يخصهم بها المؤتمر الوطني.

شعرة رفيعة

إذاً فهي شعرة رفيعة جداً، وبالتالي سيظل رجالات الحكومة محل أنظار الناس، وكاميرات الإعلام، سواء توسدوا المنصب الرفيع، أو غادروه إلى غيره، بل ولو قال إن الإنقاذ تأكل بنيها.

الخرطوم : مقداد خالد
صحيفة الصيحة


تعليق واحد

  1. بعد هذا المقال الطويل والإهتمام بالتلاعب بالجمل والألفاظ ، كل الوزراء والمسئولين السابقين تم تعيينهم بالبرلمان فهناك النواب السابقين للرئيس وعلى رأسهم على طه . هناك حوالي 28 لجنة بالبرلمان أذكر لي لجنة واحدة لا يرأسها وزير سابق !! آخر تلك اللجان تم تفصيلها للطيب مصطفى ، كما تم مؤخراً إعادة أحد أعضاء مجلس قيادة ثورة الإنقاذ إلى منصب نائب رئيس مجلس الولايات علماً بأن المنصب لم يكن موجوداً فقد تم إستحداثه .