تحقيقات وتقارير

نذر خلاف بين الخلفاء أراضي المراغنة .. انقلاب إداري بسبب الاستثمارات


ظلت أراضي المراغنة أو ما يعرف اصطلاحاً عند العامة بأراضي السادة ومنتشرة في كثير من أصقاع شرق السودان وشماله، محل جدل سواء داخل البيت الختمي أو حتى فيما بين العامة.

وتتعدد الروايات حول الطريقة التي تم بها امتلاك هذه الأراضي وأشهرها حيازتهم في شكل هبات كزعماء دينيين من أتباعهم ومريديهم تقرباً وتبركاً بحسب ما يقوله كثيرون.

من ضمن أولئك الكثيرين يطل خليفة الشيخ الطيب بأم مرحي، الخليفة عبد الرحيم محمد صالح لـ (الصيحة) بأن السيد على عندما مرّ في الشمالية كان أتباعه يهبون له الأراضي كل حسب استطاعته لذلك تجد معظم الأراضي التي حازها المراغنة في الشمالية عبارة عن هدايا وأعطيات حسب الثقافة المجتمعية باعتبار الأرض أقيم هدية يمكن أن تقدم، وبهذا وضع المراغنة أياديهم على أراضي واسعة.

بجانب أراضي أخرى – والكلام للخليفة – يتم عرضها للخلفاء فيقومون بشرائها. بخلاف ذلك يقول الخلفية، علي نايل: إن هذه الأراضي حدت ببعض المتعلمين أصحاب الخلاف السياسي أو الفكري مع المراغنة على أنها هبات من المستعمر، لإثبات فرضية اتهامهم بأنهم متعاونون مع المستعمر.

مصادرات وعودة

هذا اللغط جعل هذه الأملاك عرضة للمصادرة بسبب الخلافات السياسية لأكثر من مرة، الأولى على أيام مايو حيث قامت الحكومة بمصادرة أملاك السادة المراغنة رغم أن السيد محمد عثمان كان من المؤيدين لمايو وعضواً في مجلس الشعب إلا أن أراضيهم صودرت كمبدأ لشعارات مايو في محاربة الرجعية، إلا أنها أعيدت إليهم في الديمقراطية الثالثة، ومن ثم صادرت الإنقاذ في العام 1991م ممتلكات المراغنة في الخرطوم والشمالية وكسلا بعدما ترأس الميرغني التجمع الوطني الديمقراطي المعارض ورفع شعار (سلم.. تسلم) ثم صالحته في اتفاق القاهرة الشهير قبيل اتفاقية السلام الشامل “نيفاشا” وأرجعت إليه كل أملاكه في الخرطوم، مع التعويض المجزي.

نذر مواجهة

رغم ضخامة الأراضي المملوكة للمراغنة والحديث الدائر حول كيفية أيلولتها إليهم سواء عن طريق الهبات أو الشراء إلا أن الثبات أن هذه الأراضي ترك المراغنة أمر إدارتها لخلفائهم خاصة في الشمالية، وظل هؤلاء الخلفاء طبقاً للخليفة علي نايل مع الخليفة عبد الرحيم محمد صالح في إفادتهما لـ (الصيحة) بأن هذه الأراضي تدار بواسطة خلفاء الطريقة الختمية. وفي مقابل هذا لم تكن الأسرة المرغنية تأخذ إدارة عائد هذه الأراضي بطريقة محاسبة دقيقة إذ على الدوام الخلفاء ووكلائهم يأخذون عائد هذه الأراضي، يعطوا للسادة النذر اليسير منها لجهة أن هؤلاء المراغنة لم يكونوا طوال الفترة الماضية غير نشطين في استثمار الأراضي وفلاحتها ولا يهتمون بالريع العائد منها.

ورغم الزهد الذي يبديه المراغنة لم يستبعد الخليفة عبد الرحيم وجود نزاعات واختلافات بين أهل البيت لكنها ليست ظاهرة للعلن لأن عندهم ما يعرف بالخلافة الراسية فخليفة (السيد علي) الموجود هو الذي يكون مسؤولاً عن إدارة الطريقة والأملاك مشيراً إلى أن مولانا محمد عثمان كان موكلاً شقيقه السيد أحمد لإدارة الأملاك ومعه مجموعة من الخلفاء وأبنائهم الذين تنتقل إليهم إدارة هذه الأملاك بالوراثة. لكن متوقع رغم ذلك أن عملية إدارة هذه الأملاك بهذه الطريقة قد تحدث تراكمات تؤدي لخلافات بمرور الزمن وأيضاً على طريقة الإشراف من قبل الخلفاء.

في خطوة تعد الأولى من نوعها في طريقة إدارة أراضي وأملاك المراغنة التي ظلت تدار عبر خلفائهم ومريديهم طوال الحقب الماضية يبدو أن الجيل الجديد من أبنائهم اتجه إلى تغيير طريقة إدارة هذه الأراضي وزيادة عائدها بالدخول في مجال الاستثمار بدلاً من تركها دون إجراءات تأمينية في إدارتها ما يجعلها عرضة للمصادرة بسبب الكيد السياسي. إذ تم مؤخراً الاتفاق بين حكومة ولاية كسلا ممثلة في وزارة التخطيط العمراني وأسرة السيد الحسن الميرغني للاستثمار في أراضي المراغنة بمنطقة جبل مكرام، وتقدر بنحو ألفي قطعة بإنشاء عدد من المُخطّطات السكنية بمواصفات مُدن متكاملة يتم تمليكها للمواطنين. وتوقع الخليفة عبد الرحيم أن يقود دخول هذه الأملاك لمجال الاستثمار لتصعيد هذه الخلافات بين المراغنة حول الأراضي لاسيما بين أبناء الجيل الجديد، بل وبين المراغنة وخلفائهم في ما يخص إدارة هذه الأملاك. وكانت هذه الخلافات مكتومة وغير ظاهرة في الفترة السابقة بسبب أن الريع لم يكن ذي بال.

انقلاب

يقول الخليفة عبد الرحيم إنه وبحسب علمه فإن غالبية الأراضي باسم السيد علي، والمراغنة هم مجموعة أسر وكل لديه أملاكه، وليست لديهم خلافات على الأرض والورثة لأن كل طرف في الأسرة له حق محدد ومعلوم. فهل دخول أراضي المراغنة لمجال الاستثمار يعتبر انقلاب لقاده الجيل الجديد من أبنائهم على إدارتها عبر الأبوية؟ وهل سيتم تقبل هذا النهج من أبناء الخلفاء الذين توارثوا إدارتها عن آبائهم وهم يتمتعون بكامل عائدها، أم سينشب خلاف بينهم وبين أسرة الميرغني حول ملكية هذه الأراضي التي ظلت أسرهم تديرها بالتقادم؟

الخرطوم: الطيب محمد خير
صحيفة الصيحة


تعليق واحد

  1. ما يعيبونه على الاسلاميين فقد سبقوهم عليه انه الفساد الذى دمر السودان، فجميعهم اجرموا فى حق الوطن والمواطن ليته ياتى علينا يوم فنقتص منهم اجمعين، فباسم التبرك انتزعوا اراضى اهلنا الطيبين وباسم الدين افسدوا وتمكنوا،