رأي ومقالات

انفصال اقليم كردستان العراقى


هاهى إسرائيل تنجح فى تنفيذ إستراتيجيتها فى الشرق الأوسط بدعمها الواضح وصراحة لإقليم كردستان لإنفصاله عن العراق . وأكبر ما يؤكده هو رفرفة الأعلام الإسرائيلية بعد إعلان نتيجة الإستفتاء بالإنفصال ومازال مسلسل تفتيت الدول العربية والإسلامية مستمراً فى المنطقة .
وقد وافق زعيم إقليم كردستان مسعود البارزانى ورحب بعودة نحو 200 ألف يهودى إسرائيلى من أصل كردى إلى الإقليم ، وهذا ما جعل دعم إسرائيل كبيراً للإنفصال لإعادة اليهود إلى كردستان.
لمحة عن إقليم كردستان :
يتألف إقليم كردستان من كافة مناطق محافظات أربيل ، السليمانية ، كركوك ، ودهوك . وتعتبر جبال همرين هى الحدود الفاصلة بين إقليم كردستان والعراق حسب البحوث التاريخية والجغرافية ، وتسكن الإقليم أغلبية كردية . ويبلغ تعداد سكانه حوال 5.5 مليون نسمة حسب إحصائية للعام 2005 م وهم يشكلون نسبة 15-20% من جملة سكان العراق .
الإستراتيجية الصهيوينة فى العراق :
الخبراء الإستراتيجيين الإسرائيليين ينظرون إلى العراق كأكبر تحدي إستراتيجي بالنسبة لهم ، ولعل هذا هو السبب في تحديد العراق كمحور لبلقنة الشرق الأوسط والعالم العربي. ففي العراق، حسب مفاهيم خطة ينون، دعا الخبراء الإستراتيجيين الإسرائيليين إلى تقسيم العراق الى دولة كردية ودولتين عربيتين، واحدة شيعية وأخرى سنية.
قامت كل من مجلة أتلانتيك في عام 2008، ومجلة القوات المسلحة التابعة للجيش الامريكي في عام 2006، بنشر خرائط عممت على نطاق واسع تتابع عن كثب الخطوط العريضة لخطة ينون. فإلى جانب تقسيم العراق، تدعو خطة ينون لتقسيم لبنان ومصر وسوريا. كما تدعو أيضا لتفكيك شمال أفريقيا وتتوقع أن تبدأ من مصر ثم تمتد إلى السودان وليبيا وبقية دول المنطقة.
قيام دولة “إسرائيل الكبرى” يتطلب “تفتيت” الدول العربية القائمة حالياً إلى دويلات صغيرة، وتعمل الخطة على فرضيتين أساسيتين حتى تكون إسرائيل قادرة على البقاء على قيد الحياة ، يجب عليها أن تفعل ما يلي:
1. تصبح قوة إمبريالية إقليمية .
2. تقوم بتقسيم المنطقة بأكملها إلى دويلات صغيرة عن طريق تفتيت جميع الدول العربية.
وكلمة “صغيرة” هنا تتوقف على التكوين العرقي أو الطائفي من كل دولة، وبالتالي، فإن الحلم الصهيوني هو قيام دول طائفية تدور في فلك إسرائيل.
ويقول ديفيد بن غوريون ( أول رئيس للوزراء فى إسرئيل ) : ” إن قوة إسرائيل ليست بسلاحها النووى ولا بترسانتها العسكرية بل هى فى تدمير مصر وسوريا والعراق ” .
إن خطة ينون * لازالت تتحرك ، وقد بدأت ترى النور فعلاً في إطار وثيقة “Clean Break”. وهي وثيقة سياسة كتبها ريتشارد بيرل ومجموعة في عام 1996 حول “إستراتيجية إسرائيلية جديده نحو سنة 2000” لبنيامين نتنياهو، رئيس وزراء إسرائيل في ذلك الوقت. وقد نشرت مجلة القوات المسلحة الأمريكية مقالاً في عام 2006 بعنوان: “حدود الدم”.. إحداها للشرق الأوسط بصورته الحالية، والأخرى للشرق الأوسط وفقاً لإقتراحات المقالة.
وبالتالي تقسيم العراق إلى ثلاث دول على نحو فعال: كردستان الحرة، السنة في العراق، والدولة الشيعية العربية .
وبعد أن وقفت ايران وتركيا مع إنفصال كردستان الا انهم الان يقفون ضدها ، وحذرت العراق الدول بعدم التعامل مع الإقليم الجديد المنفصل ،دبلوماسيا وإقتصاديا ، وعلقت تركيا ومصر لبنان الاردن رحلات طيرانها الى الإقليم .
الإنفصال ومآلاته :
27 سبتمبر 2017 كان إنتصاراً كبيراً للكيان الصهيونى بتنفيذه إحدى خططه الكبرى فى منطقة الشرق الأوسط ، وذلك بعد إعلان مفوضية الانتخابات فى اقليم كردستان 92% بتصويت الناخبين بنعم للإنفصال عن العراق.
هذه النتيجة ستمنح إسرائيل المزيد من القوة والثقة لمواصلة إستراتيجيتها ، مع التأثير على الشعوب العربية وخداعها تحت إسم الحرية ، والإستقلال من تبعيتها لدولها الأم ، وتضخيم نعرة التفرقة العنصرية والقبلية والإيدلوجية وجعلها من أسمى طموحاتهم ، ولكن هل ستجد الشعوب العربية ما ناضلت من أجله ؟! هل ستقف معها إسرائيل أم تتركها فى منتصف الطريق ؟!
نعم ستبتعد إسرائيل شيئاً فشيئاً لجعل هذه الدويلات الصغيرة محل نزاعات وصراعات مع دولها الأم ومن ثم إضعاف قوة الدولة الأم وتغلغل إسرائيل فيها لجعلها تحت سيطرتها ، وسيستمر مسلسل الإنفصالات فى المنطقة مع مرافقة لضعف الدول ثم إنهيارها ومن ثم سيطرة إسرائيل على دول المنطقة وأخيراً منطقة الشرق الأوسط بأكملها لإقامة دولتها الكبرى ( أرض الميعاد ) والتى تبدأ حدودها من دجلة والفرات فى اسيا حتى النيل فى أفريقيا .
أخيراً ومن المهم طرح السؤال : هل تعى الشعوب العربية والإسلامية لهذا التغلغل ؟! هل وضعت إستراتيجيتها لمجابهة المخطط الإسرائيلى ؟!
هل تعى قيادات وحكومات المنطقة لهذ المخطط الصهيونى التفكيكى ؟؟!! وهل وضعت إستراتيجيتها المضادة لذلك ؟!

*خطة ينون ، هي خطة إسرائيلية إستراتيجية لضمان التفوق الإقليمي الإسرائيلي.

د. شيماء عبد السميع عبد الله
باحثة فى العلاقات الدولية