مقالات متنوعة

الشتارة.. .في تصريحات الوزارة


لا تزال الفكرة تراودني.. وكل يوم تختمر في عقلي.. (إنشاء مركز تدريب للتصريحات الوزارية).. ذلك انه وعند كل مطلع شمس.. يخرج علينا أحد الوزراء بتصريح مهبب وفي قمة الشتارة.. حتى تجدنا نقول (دا وزير معانا دا؟؟).. تابع الجميع قضية ستات الشاي ومنعهن من العمل في شارع النيل.. تجمعن وحاولن توصيل الاحتجاج للمسؤولين.. فما كان من السيدة الوزيرة إلا أن خرجت وقالت: (منع ستات الشاي من العمل لأن ذلك يؤثر على السياحة).. عليكم الله دي ما قمة الشتارة؟؟ نساء يبحثن عن لقمة العيش ورسوم مدارس وعلاج مرضى.. كيف تتم مخاطبتهم هكذا؟؟ بالجد غلبني عديل كدا افهم كيف تفكر سعادتها. هل حدث أن فكرت السيدة الوزيرة..

أن هذه المرأة التي تجلس ساعات طوال.. تحت ظروف بيئة صعبة جدا.. لا يمكنها في أغلب الأحوال (قضاء حاجتها).. تلفحها أشعة الشمس.. تتراكم عليها الأتربة.. وفوق ذلك كله تجدها تستمع الى قصص الكثيرين.. بابتسامة.. ولم يحدث مرة إن سألها أحدهم.. ما الذي يجري في حياتك؟؟ هل فكرت الوزيرة.. أن هذه الإنسانة مضطرة الى هذا العمل.. ولو وجدت غيره لما ترددت؟؟.. أما عن قصة ترويج المخدرات دي.. أصلاً ما واقعة لي.. لكن فلنقل أن هناك من يفعلن ذلك.. هل هذا سبب كافي لنقضي على أعمال البقية.. وكل واحدة منهن تحمل مأساة أسرة . هل فكرت السيدة الوزيرة.. بأن ظاهرة ستات الشاي هي نتيجة لأشياء كثيرة مترابطة.. لو كانت هناك صناعة جيدة.. لربما استوعبت هؤلاء النسوة في شكل عمالة بسيطة..

لو كان هناك وظائف كافية لربما استوعب هؤلاء الخريجين الذين يلتفون حولها جالسين طوال اليوم بلا شغل ولا مشغلة.. لو كانت الزراعة جيدة اذ ربما مكثت كثير منهن في الريف ولم تفكر في النزوح الى كرش الفيل.. لو استمر الكلام على هذا النسق.. لن تكفينا مجلدات.. لكن ماذا تفعل امرأة مات عنها زوجها.. أو طلقها وهرب.. تاركاً لها أفواه مفتوحة وجوع كافر وزمن لا يرحم.. كان من الممكن دراسة الظاهرة.. واستدعاء لكل الجهات المختصة.. وزارة التعليم العالي التي فتحت جامعات في أي شارع تحت بند ثورة التعليم..

وتلقائيا امتلأ الشارع بحملة البكالوريوس.. ألذين لا يجدون عملاً في المقابل.. انتهت من حملة البلومات الفنية والوسيطة.. والنتيجة.. عطالة بلا حدود.. ولا أمل في التوظيف إلا عبر (التنظيم) أو (الواسطة).. والمحصلة (بنبر ) بالقرب من أي ست شاي حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً.. وزارة الرعاية الاجتماعية.. التي تصرح كل مرة بأن الفقراء عددهم كذا وكذا.. نود أن نقول لك أفضل لك حساب عدد الأغنياء.. لأن الفقر طال الجميع.. ولم يستثني أحداً.. لذلك عندما يصدر تصريح ويقول: (أوقفنا مهنة عمل الشاي.. لأنها تؤثر على السياحة) هذه لغة لا نفهمها.. وكنا حتى وقت قريب نعتقد أنكم تشاركوننا ذات المفهوم. أحدهم أوقف البص السياحي في بدايات عهده.. في ذلك الزمن كانت تذكرته ضعف تذكرة الحافلة العادية.. لكن صديقنا لم يتوقع ذلك.. عندما طالبة الكمساري بسعر التذكرة.. مد يده بالسعر العادي..

فما كان من الكمساري إلا أن قال له: (لا.. تدفع تاني قدرها.. دا بص سياحي).. صاحبنا (سياحي؟؟ كيف يعني؟؟).. تلفت حوله ليجد الوجوه العادية لسودانيين.. لكنه دفع التذكرة وجلس حتى وصل مقصده.. التفت للجميع وقال لهم: (أها.. إن شاء الله بلدنا عجبتكم).. أها يا سعادة الوزيرة.. بعد كشة هؤلاء النسوة..

السياح تبعك..

إن شاء الله البلد عجبتهم.

صباحكم خير – د ناهد قرناص
صحيفة الجريدة


‫2 تعليقات

  1. هي دي السياحة يا سعادة الوزيرة. ست الشاي ظاهرة فريدة بشوية نطافة و عدة احسن حتكون حاذبة للسواح

  2. مقال ممتاز ، الا ليت من تخاطبين يسمعون انات من قطع عيشهم لاسباب يمكن معالجتها مع قليل من التنظيم والقوانين