رأي ومقالاتمدارات

القوات الجوية السودانية.. خطوات متسارعة نحو تفوق جوي


يتبادر إلى مسامعنا بين الحين والآخر ونحن نطالع أو نسمع عـن إستخدامات الطيران الحربي في العمليات العسكرية مصطلح التفوق الجوي (Air superiority)، والذي يمكن تعريفه بأنه سيطرة أو تفوق قوة جوية لطرف ما على القوة الجوية للطرف الآخر أثناء العمليات العسكرية، و يعرف هذا المصطلح لدى حلف الناتو بأنه درجة السيطرة في المعركة الجوية لقوة جوية على أخرى تحاول القيام بعمليات جوية تستهدف سماءها أو أرضها أو بحرها في وقت ومكان محدد بدون القدرة على الرد عليها.

– وهنا يجب توضيح الفرق بين التفوق الجوي موضوع هذا المقال ودرجات التفوق الجوي الأخري، وأعلاها السيطرة الجوية (Air supremacy) والتي تعرف بأنها السيطرة الكاملة علي الجو الذي يكون فيه سلاح العدو الجوي غير قادر علي التدخل مطلقاً، بينما يأتي التفوق الجوي في المستوى الثاني من درجات السيطرة، و في أقل درجات السيطرة الجوية يأتي مصطلح التعادل الجوي (Air parity)، وهو يعني التعادل مع قوات العدو الجوية أو تحقيق السيطرة الجوية فقط فوق مواقع القوات الصديقة، وبالعودة للتفوق الجوي نجد أنه يتيح زيادة نشاطات القصف الجوي والإمداد الجوي التكتيكي للقوات الجوية بالإضافة إلى تسهيل مهام إنزال المظليين والقوات الخاصة مما يسهل عمل القوات البرية و معداتها، ومع توفر دعم طائرات التزود بالوقود جواً يمكن زيادة عدد الطائرات المقاتلة القاذقة (طائرات التفوق الجوي) وإبقائها لمدة أطول في الجو وتحت طلب القوات البرية بشكل مستمر.

– ويرجع تاريخ البحث عن التفوق الجوي إلى بداية إستخدام الطيران في الحروب حيث أنه ومنذ بدايات القرن العشرين تنبأ العالم الإيطالي “جيوليو دوهيت” بأن الحروب المستقبلية ستحسم من الجو، وفي الحرب العالمية الأولى كان التفوق الجوي لسلاح الجو الألماني هو المفتاح للتفوق الإستخباراتي بواسطة الإستطلاع الجوي.

– ومع بداية الحرب العالمية الثانية عادت نظريات جيوليو للظهور إلى السطح بعد أن تم إهمالها لفترة من الزمن خاصة بعد تبين الفائدة الكبيرة والتأثير الإيجابي لإستخدام الطيران من قبل قوات الحلفاء حيث تمكنوا في بداية الحرب من السيطرة على الجو بواسطة طائرات وفرت السيطرة الجوية.

– وأخذ دور القوات الجوية يتعاظم بشكل مطرد منذ بداية دخولها كصنف أساسي في القوات لمسلحة مع بدايات مطلع القرن الماضي وحرص القادة العسكريون على ضرورة توفر التفوق الجوي لدى قواتهم، فعلى سبيل المثال وخلال معركة بريطانيا في الحرب العالمية الثانية تمكنت بريطانيا من منع الإنزال الألماني من خلال القتال الإنجليزي ، كما كان التفوق الجوي الإنجليزي العامل الذي مكّن الحلفاء من القيام بغارات جوية إستراتيجية علي المراكز الصناعية والمدنية الألمانية والتي عرفت بإسم روهر وديرسدن (Ruhr and Dersden)، وهما إسمي نهر ومدينة ألمانيتين تم إمطارهما بأكثر من ۳۹۰۰ طن من القنابل شديدة الإنفجار في غارات نهارية و ليلية.

– يرجح بعض المحللين العسكريين أن البحث عن التفوق الجوي كان السبب الرئيسي وراء تطوير حاملات الطائرات والتي مكّنت الطائرات من العمل في غياب وبعد القواعد الجوية الأرضية، ولعل الضربة الجوية المفاجئة والموجعة التي وجهها سلاح الجو الياباني للقوات الأمريكية في معركة “بيرل هاربر” الشهيرة خير دليل علي أهمية السعي وراء إكتساب التفوق الجوي حيث كانت حاملات الطائرات اليابانية على بعد مسافة بعيدة من أقرب القواعد الأرضية.

– ومع إزدياد الإقتناع بأهمية التفوق الجوي تبلور مفهوم من التحكم في الجو من خلال التفوق في رمي القنابل بالغارات الجوية الناجحة إلى البحث عن كيفية حماية قاذفات القنابل لتتمكن من أداء دورها بالشكل المطلوب، فظهرت للوجود الطائرات الإعتراضية والمطاردة و التي كان دورها الاساسي إعتراض وإسقاط قاذفات القنابل والحيلولة دون وصولها لأهدافها وكذلك إعتراض الطائرات المقاتلة المرافقة لقاذفات القنابل، ولعل من أشهر طائرات التفوق الجوية في الحرب العالمية الثانية طائرة (Me-109) و(FW-190) الألمانيتين ومن جانب قوات الحلفاء كانت طائرة السبيتفاير(Spitfire) البريطانية والتي صنفت حينها كطائرة مقاتلة دفاعية أساسية لسلاح الجو البريطاني صنع منها أكثر من ۲۰,۰۰۰ طائرة، أما القوات الأمريكية فقد تفوقت جوياً من خلال طائرة المرافقة المقاتلة موستانج (Mustang P-51) والتي حققت التفوق بأداء الطيران الجيد و طول المدى الذي مكنها من مرافقة القاذفات الأمريكية فوق الأراضي الألمانية حتى خلال الغارات النهارية.

– وبالرجوع إلى بداية الحرب العالمية الثانية أعطت المقاتلة اليابانية الشهيرة “زيرو” التفوق الجوي لليابان حتى خروج مقاتلات هيلكات وكورسير واللتان تفوقتا على “الزيرو” في القدرة على المناورة والتحمل و درجة الإعتمادية.

– وفي الحرب الكورية ظهرت لأول مرة الطائرات النفاثة السريعة ذات الجناح المرتد للخلف الذي يتيح المناورة في السرعات العالية وكان من أشهرها طائرة MIG-15 الروسية، و طائرة سابر F-8 الأمريكية، في مطلع الخمسينات كان التفوق الجوي من أهم السمات التي يجب أن تتمتاز بها أي طائرة مقاتلة تدخل العمليات القتالية فكان التصنيف الأمريكي للطائرة كروسيدر F-8 كطائرة تفوق جوي والتي إحتلت مكانها بعد مدة وجيزة طائرة الفانتوم الشهيرة والتي صممت أساساً كطائرة إعتراضية ذات مدى طويل وإمكانيات جيدة مكنتها من التفوق فوق سماء فيتنام في مقابل مقاتلات ميج الروسية خاصة بعد ان تفوقت الاخيرة جوياً لمدة طويلة بسبب قصر مدى MIG-15 و ضعف القدرة على المناورة في الإشتباك القريب.

– ومع بداية الستينات من القرن الماضي و مع تقهقر التفوق الجوي الأمريكي في حرب فيتنام خاصة مع ظهور طائرة MIG-21 ذات مميزات التفوق الجوي والتي قادت الأمريكان فيما بعد لتصميم طائرات F-14 وF-15 وF-16 وF-18 والتي غيرت بعض الشئ من مفهوم التفوق الجوي من ناحية تصميم الطائرات المقاتلة التي تتميز بالقدرة العالية على المناورة في الإشتباك الجوي القريب، وذلك بالعودة لتزويد المقاتلات بمدافع رشاشة ورادار قوي ومدى طيران طويل والقدرة على حمل صواريخ ذات مدى طويل للإعتراض على مسافات بعيدة.

– وفي عقد الثمانينات والذي شهد نقلة نوعية في تطور تقنية الطيران ومفاهيم ومتطلبات الحرب الحديثة سعت الولايات المتحدة للبحث عن أسلوب جديد في التفوق الجوي حيث أعطيت الأولوية إلى تطوير مقاتلة تحقق التفوق بخاصية التخفي الراداري أى بعدم تمكن العدو من إكتشافها رادارياً حيث خرجت للوجود طائرة YF-22 والتي إفتتحت عصر طائرات الجيل الخامس بسعر يصل إلى ۱۳٧ مليون دولار للطائرة الواحدة والتي إستمر تطويرها حتي نموذج الجديد F-35 ذات القدرة على التخفي والإقلاع العمودي، وبالمقابل قامت السوخوى ببعض المحاولات لتصميم طائرة تفوق ذات قدرة على التخفي ولكنها لم تظهر للوجود إعلامياً بعد.

– ولكن السوخوي عززت تواجدها بطائرة SU-30 متعددة المهام والتي إستخدمتها الهند لتعزيز تفوقها الجوي وخاصة بعد البحث في تطويرها بالتعاون مع شركة إلكترونيات طيران فرنسية – إسرائيلية، حيث تملك الهند حالياً حوالي ۱۲۰ طائرة من نفس النوع و تسعى لرفع العدد إلى ۲۳۰ طائرة.

– وبنهاية القرن الماضي ومطلع الألفية الثالثة إندلعت حرب عالمية أقطابها دول تسعى لكسب السبق في مجالات التقنية العسكرية وجنودها تحالف شركات التقنيات العسكرية وأهدافها إحتلال الأسواق العالمية المتعطشة لإمتلاك عناصر القوة والتفوق، وأصبحت الشركات المنتجة تسوق لمنتجاتها باسباغها بصفات ما هى إلا مفاتيح التفوق الجوي مثل طائرة متعددة المهام وطائرة تفوق جوي وطائرة من الجيل الخامس وغيرها حتى أن هناك جيلاً جديداً بين الجيلين الرابع والخامس سمّى الجيل ٤.٥ سرعان ما إختفى لحساب الجيل الخامس مع أن التقنية لم تتغير إلا من خلال بعض التعديلات البسيطة، ولعل من أشهر الطائرات المنافسة حالياً طائرة الرافال الفرنسية والـ SU-35 الروسية وطائرة اليورفايتر الأوروبية وغيرها.

– ولكن ومع التسارع الكبير في تطور التقنية وما تبعها من تغير بعض المفاهيم العسكرية ومع صرف المليارات على أبحاث التطوير ظلت الحلقة الأضعف هي الثمن المرتفع لمقاتلات التفوق الجوي الحديثة متعددة المهام، والتي حالت دون وصولها إلى الزبائن المفترضين كما كان متوقعاً خاصة أن طائرات التفوق الحديثة لا تطلب بأعداد كبيرة إذ يكفي عدد بسيط منها للقيام بكل المهام الجوية بفضل تقنيات إلكترونيات الطيران الحديثة و إمكانية حمل تسليح متعدد الأغراض والمدي الطويل والقدرة على التزود بالوقود في الجو.

– ورجّح بعض المحللين العسكريين أن البحث عن التفوق الجوي كان السبب الرئيسي وراء تطوير حاملات الطائرات و التي مكنت الطائرات من العمل في غياب وبعد القواعد الجوية الأرضية.

– وفي منطقتنا العربية خاصة، تموج أمواج الإضطرابات والأزمات المختلفة، ويعتبر سلاح الجو السلاح من أهم الأسلحة في المعركة، لما له من قوة تدميرية كبيرة، وقطع خطوط وإمدادات العدو، وضربه في العمق وفي أماكن حساسة جداً وإستراتيجية.

– وأخذت قواتنا الجوية قفاز التطوير وبناء قوات جوية متطورة، ولما كان للحظر من سلبيات علي القوات المسلحة كغيرها من قطاعات الدولة الحساسة، إلا أن القيادة لم ترضخ للحصار، وإتجهت للأصدقاء والحلفاء لتطوير القوات الجوية، فإمتلكت أحدث مقاتلات الجيل الرابع، ومازالت تطور قواتها، وأنشئت أكبر مجمّه لصيانة وصناعة الطيران في القارة وهو مجمّع الصافات للطيران، وأصبحت القوات الجوية تشارك في معارض خارجية بأسلحتها وطائراتها الخاصة، والآن هناك قفزات متسارعة في تكنلوجيا الطيران العسكري والمقاتلات الحديثة، وكانت عمليات #عاصفة_الحزم خير دليل علي حداثة الطائرات المستخدمة من قبل قواتنا وكفاءة الطياريين، وفي المستقبل القريب هناك المزيد من المقاتلات الحديثة التي جعلت من قواتنا الجوية تمضي بخطوات متسارعة نحو تفوق جوي.

بقلم
أسد البراري


‫9 تعليقات

  1. الحكومة تشوف موضوع رفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب وتطور سلاح الجو بعدها بطائرات أميريكية حديثة وتدريب اميريكى لطيارينا

  2. طائراتكم دى الا تصطادوا بيها عصافير
    الناس في الاف18 والاف35
    الجيش المصري اشتري 24مقاتلة جيل خامس فرنسية طراز تايفون

    استعينوا بصديق في حلله مشاكلكم دى
    اسفوخس ع الكسل

    1. أمريكا يا أخت بلادي يا صديقة

      بما ان النيل يتجه شمالا فانه من الممكن
      الاستفادة من المنطقة الموحود من المنطقة شمال حلفا
      اي ما بعد السد العال للتخلص من النفايات

      أسفوخس علي الزبالة

    2. يا مصرائيلي التايفون يوروفايتر جيل رابع مطور وليس جيل خامس يا ابنا جهلول

  3. صافات إضافة وخطوة للصناعات السودانية.. لكن للسيطرة والتفوق الجوي لابد من الإف والسو والميج والتايفون والرافال والإس ٤٠٠ للدفاع الجوي..
    استمر في اصلاح علاقاتك مع الكبار.. لتكون مثل بقية العالم..
    على الأقل نشتري من الصين..
    مصر نشطت جدا في الفترة الماضية في تحديث اسطولها الجوي والبحري لأهداف أقربها ليبيا وبترولها وأبعدها سد النهضة ودعم نظامي جوبا وأسمرا..
    ف خلينا من قصة صافات هسة وانزل الى الواقع يرحمنا ويرحمك الله..
    ولَك أن تعلم أن القروش السفاها أب دقن بتاع شركة الأقطان لوحده تكفي لشراء طائرتين بكامل عتادها من طراز سو ٣٥!!

  4. المصرى دا بكتب فى شنو ؟ و ما دخلك يا رقاص فى شان يخصنا .
    انت تجهل تماما الحديث فى هذا المجال .
    ان كنت تود الاثارة و الغيظ فحركات المصارى هذه عف عليها الزمان وولى .
    جهل وعبط بعض اخواننا من بلد الكبريهات و السياحة يصيبهم دايما بعقدة الفهلوة و البلاهة فلا ينطقون الا بمثل ما نقرا من هذا المغفل .
    فيا اخوتى لا تردوا على أمثاله فهم لا يستحقون .

  5. هههههههه قلت لي طائرات صافات
    والله دي نرميها بالنبله قوم لف ياااااخ
    وجع قلب بس