الصادق الرزيقي

الروهينغا وإفريقيا الوسطى


انشغل العالم العربي والإسلامي بهمومه ومشكلاته المعقدة وصراعات الكبار كالأزمة الخليجية وما يجري في سوريا والعراق واليمن وليبيا، ونسي أو تناسى الكثير من الأزمات التي كان ينبغي ان يتداعى لها الجميع بالحمى والسهر،

فالقضية الفلسطينية مثلاً، تراجعت إلى دون المطلوب في واجهة وصدارة الاهتمامات للرأي العام العربي والإسلامي، ولم تعد تثير الكثير من المتابعة والشغب لوجود خطط ممنهجة للتسوية والتطبيع ومحو الارض المحتلة من الكان الصهيوني والمسجد الاقصي اولى القبلتين من الذاكرة الحية للأمة، بجانب كل ذلك المأساة التي تعيشها شعوب عربية وإسلامية يجري تنميطها وجعلها شيئاً طبيعياً نشاهده على شاشات الفضائيات ونحن نتسلى بالمكسرات وشرب القهوة والقهقهة والغوص في العالم الافتراضي على الهواتف الذكية.

> لكن مع هذا الركام وتزاحم الأضداد، تبدو هناك صور لا تزول من مأساتين ومحنتين لا بد من وخز ضمائرتنا وتوجيه اهتماماتنا السياسية نحوها، مثل قضية الروهينغا في ميانمار وقد بلغت حالة من البشاعة لا يقبلها ضمير حي في العالم وسط صمت المسلمين والعواصم المسلمة الا قليل منها حركها ضعف الايمان بالحديث، وهي بالفعل مذابح وجرائم مستفظعة أمام سمع وبصر العالم، تتطلب مواقف صارمة وصلبة لوقف الدم المنهمر وازهاق ارواح المسلمين في ميانمار التي سبق ان نجت من عقوبات دولية في مجلس الأمن الدولي، ولو عملت المجموعة الاسلامية والعربية وبعض المنصفين في العالم لتوقفت هذه المذابح ونجا شعب الروهينغا من التهجير القسري والطرد من دياره وقطع نسله كما يتم الآن.

> أزمة ومحنة اخرى تعنينا نحن في السودان، وللأسف نتحمل نحن دول جوار افريقيا الوسطى المسلمة جزءاً كبيراً من وزرها بسبب قراءة غير سليمة وتحرك ضعيف من جانبنا في السنوات الماضية، وهي في خاصرتنا، فما يجري للمسلمين في افريقيا الوسطى مع تجدد استهدافهم وقتلهم بواسطة مليشيا (أنتي بالاكا) المسيحية المدعومة من الحكومة في بانقي والتي يشرف الفاتيكان على عملها كما تقول مصادر عليمة في اطار هدف معروف لمنع تمدد الجماعات المسلمة في افريقيا وجعلها كما قال الاستعمار سابقاً قارة مسيحية، ما يجري في افريقيا الوسطى لهو أمر بالغ الخطورة يتطلب لعب دور ايجابي لوقف ما يتعرض له المسلمون هناك، الذين عندما وصلوا للسلطة عبر حركة (سيليكا) في مارس 2014م بقيادة الرئيس اسابق ميشيل دجوكوديا، تآمر المجتمع الدولي والقوى الاقليمية على اخراجهم من الحكم بالتعاون مع المليشيات المسيحية المتطرفة، ولم يجدوا سنداً من احد، وقتل قيادات الحركة ورموز المسلمين في شوارع بانقي وفي المدن الاخرى، ولم تنجح التسوية التي تمت للازمة الا بعد ان اضعف المسلمون في هذا البلد ووضعوا تحت رحمة خصومهم المتربصين بهم، وليس صحيحاً ان المجتمع في افريقيا الوسطى يعيش حالة من التسامح الديني والعرقي، ولا يمكن ان نتوهم ان قبول الآخرين بوجود جزء من الشعب على عقيدة الاسلام هو امر مقبول في واحد من اغنى البلاد الإفريقية بالموارد الطبيعية مثل الماس واليورانيوم، خاصة ان هذه الموارد والمواد المهمة والثمينة توجد في مناطق المسلمين وفي الاجزاء الشمالية والشرقية المتاخمة للحدود السودانية، وتوجد روابط وعلاقات وتداخلات قبلية بين سكان الاجزاء الشمالية والغربية والشرقية لإفريقيا الوسطى مع السودان وتشاد.

> مع فرار عد كبير من المسلمين من مناطقهم الى دول الجوار وتقاعس المجتمع الدولي عن القيام بواجباته واخفاق بعثة (مينوسكا) الاممية الموجودة في افريقيا الوسطي، وتواطؤ دول اوروبية خاصة فرنسا والفاتيكان في دعم المذابح ضد المسلمين وهم اكثر من17% من عدد السكان كما تقول الاحصاءات الغربية، يجب أن يكون هناك تحرك فاعل وسريع من دول اسلامية وافريقية لوقف المجازر وترتيب البيت الداخلي لهذا البلد، والحذر مما تقوم به بعض الدول الأوروبية التي تعبث بمكونات الدول الإفريقية السكانية، وحتى لا يتكرر ما حدث في رواندا.

الصادق الرزيقي
صحيفة الإنتباهة