تحقيقات وتقارير

آثار رفع العقوبات…


ظهر وزير الخارجية بروفسير إبراهيم غندور في أول منبر إعلامي عقب رفع العقوبات أمس، بقاعة الشهيد الزبير، الندوة نظمتها (عصبة الكرام الثقافية) تحت عنوان (الآثار المترتبة على رفع العقوبات الأمريكية)، المنبر استضاف شخصيات لها وزنها في ثلاثة محاور (سياسي، خدمي، واقتصادي)، الندوة الحاشدة جمعت لأول مرة غندور، ورئيس حركة الإصلاح الآن غازي صلاح الدين، ووزير الصحة بالخر طوم مأمون حميدة، ووزير المالية الأسبق عبد الرحيم حمدي، وعدد من السفراء والسياسيين، في منبر واحد . دعم مفاجأةغندور في استهلالية حديثه فند تقرير الخارجية الأمريكية القائل بأن الحوار بين البلدين استغرق (16) شهراً، وقال إن الحوار امتد لسنوات طويلة، وأضاف هناك فرق بين الحوار في السابق والحالي، بيد أن الحوار في بداياته كانت تقوم به مؤسسات بعينها، وأن الحوار الحالي شاركت فيه جميع مؤسسات الدولة تحت إشراف رئاسة الجمهورية، ولم ينس غندور دور دول ساهمت في رفع العقوبات، بادئاً بالدول العربية (السعودية، الإمارات، قطر، عمان، الكويت) بجانب (أثيوبيا، الإيقاد، الاتحاد الافريقي، الجامعة العربية، ثامبو امبيكي، منظمات التعاون الاسلامي، روسيا) والدعم الأخير الذي وصفه غندور بالمفاجأة، والذي أتى من الاتحاد الأوربي مباشرة، وأكد أن الاتحاد التزم برفع العقوبات، وأوفد مبعوثه عدة مرات إلى أمريكا من أجل رفع الحظر، وكشف عن مساهمات من وزارات خارجتي النرويج وبريطانيا في هذا الإنجاز، وقال إن رحلته الأخيرة إلى الولايات المتحدة وجدهم في انتظاره بتقرير عن تفاوضهم مع الخارجية الأمريكية .سرية المفاوضاتغندور قال: رفع الحصار هو ضربة البداية في العلاقات مع الولايات وليست النهاية، وسنفتح الطريق للتعامل مع الولايات المتحدة والمجتمع الدولي، بعد أن كانت العقوبات حاجزاً أمام أي انطلاق لمرحلة جديدة، وكشف الرجل عن اهتمامهم برفع العقوبات أكثر من سحب اسم السودان من الدول الراعية للإرهاب، وقال ركزنا على العقوبات لأن تأثيرها على المواطن أكبر، واضاف الوزير أن المرحلة الثانية في الحوار ستبدأ في نوفمبر، وأن من أولوياتها رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب، وعدد من آثار وجوده ضمن القائمة اجملها في ثلاثة نقاط، الأولى لا يسمح للسودان باستجلاب السلاح من الولايات المتحدة، ثانياً لا يتاح للبلاد الدعم التنموي، أو المنح أو الغروض، ثالثاً قضية الديون والتي حلها بيد أمريكا، وعن الانضمام لمنظمة التجارة الدولية قال غندور إن دول كثيرة دعمتنا في الانضمام لها، بجانب الاتحاد الأوربي والإفريقي، ولكن الولايات تعمدت تعطل الانضمام باستفهامات فنية، وقطع الرجل بأن الحوار مع أمريكا لم يتطرق لأي بند خارج المسارات الخمسة، ولم يتطرق لأي علاقات مع دول أو إبعاد شخص أو اي جهة، واختتم وزير الخارجية حديثه قائلاً (السرية ساهمت كثيراً في رفع العقوبات، حيث عقد 22 اجتماعاً بالسودان ولم يعلم به أحد) . ظروف عالميةقرار فرض العقوبات على البلاد كان فيه كثير من التشفي السياسي وعدم الاعتبار للضعفاء، هذا ما أكده رئيس حركة الاصلاح الآن غازي صلاح الدين العتباني، ورأى أن الحوار استقام في الفترة الأخيرة لظروف عالمية استجدت في الوقت الحالي، ذكر منها التحولات العالمية بين روسيا والولايات المتحدة، ووصف العتباني بدايات الحوار التي قال إنه كان شاهداً عليها بـ(شختك بختك) حيث كانت الأجندة بيد طرف واحد، ولكن الأجندة الآن أصبحت مشتركة، وقال غازي (إذا أبعدتنا أمريكا فالنتقرب من الله)، وعد خطوة رفع الحصار بالمكسب النوعي، وليست مكسباً ضخماً، حيث وضعت الطرفين في مسار حتمي، بيد أنه في شهر ما سيتحقق التفاهم وهذا هو المطلوب، واختتم العتباني بأن المتبقي أكثر مما أنجز في الحوار مع أمريكا . تطبيع حقيقيومن جانبه برأ وزير المالية الأسبق عبد الرحيم حمدي الانقاذ من تدمير السكة حديد، مؤكداً أن الرئيس الأسبق جعفر نميري هو من استقصد تدميرها في عام (76) بسبب خلافات بينه وبين قبيلة الشايقية بحسب قوله، وقال (إنعل أبو السكة حديد) رداً على مداخلة أثناء الندوة، في وقت رفض التعليق على ما آلت إليه الخطوط الجوية السودانية (سودانير) في عهد الانقاذ، وقال إن العقوبات لها أكثر من 33 عاماً، ولم ترفع حتى اليوم، وحذر من استمراريتها حال عدم الجدية والسعي للتطبيع مع أمريكا، وقطع حمدي بأن أي محاولة لإعفاء الديون يجب أن تكون بقرار سياسي، بمعنى أن الديون غير قابلة للمعالجة اقتصادياً، داعياً في الوقت ذاته إلى عدم الانشغال بها حالياً، أما فيما يتعلق بالإرهاب فقد قارن الرجل بين وضع السودان ودول أخرى لها علاقات جيدة مع أمريكا، رغم أنها مضمنة في قائمة الدول الراعية للإرهاب، وضرب مثالاً بسوريا وكوريا الشمالية وإيران، وخلص في حديثه إلى أن وضع البلاد ضمن قائمة الإرهاب أمر سياسي بحت، متوقعاً حدوث بعض (المعاكسات) إلى أن تتم عملية التطبيع الحقيقي . تحرير الصرف حمدي لم يكتف بتبرئة الإنقاذ عن تدمير السكة حديد فحسب، بل دافع عن سياساتها التى انتهجتها خلال فترة العقوبات في اتجهاها للزراعة، واعتمادها على موارد المغتربين، فضلاً عن استخراج النفط، وكانه يريد أن يقول (آخر العلاج الكي) في تلك الفترة، وذلك قبل انتقاده استمرار الدولة في سياساتها النقدية الانكماشية والتى كانت تخنق الاقتصاد، وقال إن الحكومة تدعي أنها عملت على استقرار الاقتصاد، التى كانت سبباً في أن تتحصل الضرائب نسبة لا تتجاوز 4% من إجمالى الربط الكلي لها، واعتبره دليلاً على إصابة الاقتصاد الكلي بما يسمى بالركود التضخمي، والذي تمخض عنه ارتفاع أسعار الدولار، واستنكر حمدي تصريحات وزير المالية الركابي بعزمه على ملاحقة قطاعات خدمية بالضرائب، و قال أتمنى ألا ينجح في ذلك، مما دفع حمدي لتجديد دعوته بتحرير أسعار الصرف، وقال إن أسعار الصرف قد تحررت بالفعل، مطالباً بتغيير السياسات المالية إلى أخرى انفتاحية، إلى جانب خصخصة المؤسسات بخروج الدولة نهائياً من السوق .العامل النفسيفيما قلل وزير الصحة بولاية الخرطوم مأمون حميدة من أثر العقوبات على قطاع الصحة، لجهة أن الأدوية كانت ترد للبلاد من منظمات دولية إبان فترة العقوبات، في وقت شكا فيه من المقاطعة الأروبية التى كانت الأكثر تاثيراً على البلاد من الأمريكية، وذلك عندما توقفت شركات دواء من التعامل مع السودان، خوفاً على مصالحها مع الولايات المتحدة، عدا بعض أدوية الكلى التي كانت تأتي من أوروبا على استحياء، مما فتح الباب مشرعاً للتعامل مع الوسطاء، الأمر الذي حرم البلاد من الحصول على الخيار الأفضل، وتابع حميدة أن القطاع الأكثر تأثراً به كان قطاع التعليم الذي حرم من التمويل التنموي للتعليم، والذي حال دون الاستفادة من البعثات التعليمية، من فرص عالمية مثل (قيتس فاونديشن)، رافضاً أن يوضع البحث العلمي في خانات الرفاهية بل اعتبره يأتي في المرحلة الثالثة بعد التعليم والصحة، مشيراً إلى أن العامل النفسي كان سبباً في عدم الاستفادة من الدعم التنموي المقدم من بعض الجهات في تلك الفترة .

اخر لحظة.