رأي ومقالات

عام التأهيل !!


اختلفا في شيء كان يتحرك بعيداً عنهما.. قال أحدهم : ( ذاك نسر)، فصاح الآخر نافياً : ( تلك ماعز)..واحتدم السجال حول الشئ المجهول، ثم تراهنا بأن يدفع الخاسر مبلغاَ للآخر.. و ذهباً إلى الشئ، ولا يزال السجال مشتعلاَ : نسر، ماعز، نسر، ماعز .. إلى أن وصلاَ مكان الشئ الذي طار بمجرد اقترابهما منه، وحلق في الفضاء ..فرح من تكهن بانه كان نسراَ، وطالب الآخر بدفع مبلغ الرهان، ولكنه تفاجأ بالآخر يصيح فيه : ( ياخ حتى لوطارت، برضو غنماية)..إنها المكابرة و إدمان الجدال العقيم ..!!

:: وقبل أسبوع، بفضائية ( السودانية 24)، تبادل الدكتور أحمد قاسم رئيس الهيئة القومية للطرق والجسور و المهندس أحمد آدم المدير العام لهيئة الطرق والجسور بالخرطوم، تبادلا سجالاً حول كبري النيل الأزرق .. قررت السلطات الهندسية بالولاية إغلاق الكبري لمدة عام للصيانة، ووهذا ما استنكره منه الدكتور أحمد قاسم رئيس مجلس إدارة الهيئة القومية للطرق والجسور، واصفاً قرار الاغلاق بالمستفز، ومضيفاً : ( لايوجد مبرر لإغلاق الجسر وتعذيب المواطنين لمدة عام)، و أضاف بالنص : (الحديث عن وجود مخاطر تحتِّم إغلاق الجسر لمدة عام، كلام مستفز وفيه تهويل وتضخيم غير حقيقي)..!!

:: عقب سجالهما، قصدت موقع العمل باحثاً عن بعض الحقائق ثم لمعرفة ما يحدث .. وهناك، فوق الجسر، وجدت أن السير على الأقدام محفوف بمخاطر آليات العمل التي تغلق المسار تماماً، هذا مع إستحالة قطعها بعربة، ولهذا أيقنت بان حديث الدكتور أحمد قاسم لم يكن منطقياً .. قاسم كان قد اقترح – في البرنامج – الصيانة دون اغلاق الكبري أو اغلاقه يومي الجمعة والسبت وساعات الليل، وهذا ما يبدو مستحيلاً في موقع العمل الضاج بالآليات و تلال الرمال والأسمنت والأخشاب وغيرها من مخلفات عمليات التأهيل ..ما يحدث ليس مجرد صيانة أو (بوهية)، بل إعادة تأهيل ..!!

:: فالعمل، حسب الفريق الهندسي، يمضي على مدار اليوم حتى تتم عملية تأهيل الجسر في الزمن المحدد.. وعُمر هذا الجسر (109 سنة)، ويبلغ طوله (597.7متراً)،علي أربعة مسارات، منها مسارين للسيارات وثالث لعبور القطار وآخر للمشاة، والأخير هذا سوف يصبح مساراً ثالثاً للسيارات .. أي ليس محض صيانة، بل إعادة تأهيل ثم إضافة مسار ثالث للسيارات ..وتشكل الأخشاب ما تقارب ال (20%) من جسم الجسر، وقد تآكلت الأخشاب تماماً، وهذه من أكبر المخاطر .. ويشعر بالمخاطر كل من يقف على حال الأخشاب المتآكلة بعد إزالة الأسفلت، وكذلك الصدأ الذي أصاب أجزاء واسعة من حافة الجسر لحد تآكل تلك الأجزاء.. (12 شهراً)، هي فترة إعادة التأهيل بحيث يكون الجسر مغلقاً، وبعقد قيمته ( 6.000.000 مليون دولار)، وبتمويل مركزي ..!!

:: وبالمناسبة، في العام 2013، عندما كان أحمد قاسم وزيراً بوزارة التخطيط العمراني بالخرطوم، كانت حكومة الخرطوم كانت قد اتفقت مع شركة جيلبين الصينية على التمويل والتنفيذ (24 شهراً، 10.000.000 دولار)، ولم تلتزم الشركة .. أي كاد أن يغلق هذا الجسر لفترة (24 شهراً)، فلماذا يستنكر أحمد قاسم ويرفض إغلاقه لنصف تلك الفترة؟.. ولا إجابة غير أنها بعض محيرات العمل العام في بلادنا، بحيث لم يعد المواطن يًميَز المواقف السياسية القابلة للتغيير عن الآراء المهنية التي لا تقبل التغيير .. المكابرة – وإدمان الجدال العقيم – حول فترة التأهيل ( غير مجدية).. وأن يصبر البعض على ( عام التأهيل) خير من أن يبكي الجميع أطلال وضحايا (عدم التأهيل)..!!

الطاهر ساتي


تعليق واحد

  1. الاصلاح يبدأ بتعيين الاقوياء الأمناء
    معايير الانتخاب أو الاختيار للمناصب في السنة المطهرة :
    لقد حوت السنة المطهرة العديد من المعايير والقواعد والأصول في هذا المقام نذكر منها ما يلي :

    المعيار الأول : تولية من كان أهلا للولاية والحكم .
    حيث منع النبي صلى الله عليه وسلم تولية أبي ذر رضي الله عنه حينما طلب الإمارة وقال : ” قلت : يا رسول الله ! ألا تستعملني ؟ قال : فضرب بيده على منكبي . ثم قال ( يا أبا ذر ! إنك ضعيف . وإنها أمانة . وإنها يوم القيامة ، خزي وندامة . إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها” ( أخرجه مسلم وغيره ).

    المعيار الثاني : مراعاة التخصص في الولاية .
    لقد تميز بعض الصحابة رضي الله عنهم بصفات ليست عند غيرهم ولا يعني ذلك أفضلية لهم عن غيرهم وإنما هي تزكية لهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الجانب الذي ميزوا به إشارة إلى أنه يجب أن تكون لهم الريادة في ذلك والرجوع إليهم في تخصصاتهم .
    وفي ذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ” أرحم أمتي بأمتي أبو بكر وأشدهم في أمر الله عمر وأصدقهم حياء عثمان بن عفان وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل ، وأفرضهم زيد بن ثابت ، وأقرؤهم أبي بن كعب ، ولكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح ” ( أخرجه الترمذي )

    المعيار الثالث : تولية الأصلح والأكفأ .
    ثبت في السنة المطهرة أن النبي صلى الله عليه وسلم اختار بعضا من الصحابة رضي الله عنهم مع وجود الأفضل منهم لأنهم الأصلح والأكفأ