زهير السراج

هذه هى العقلية التى تحكمكم (11 ): يكتلوا الكتيل ويمشوا فى جنازته !!


* الحكومة عندها موضة هذه الايام اسمها (ضعف الرقابة)، فأى مسؤول يُسئل عن مشكلة يتحدث عن (ضعف الرقابة)، وكأن المسؤول عن هذه الرقابة شبح أو كائن وهمى لا علاقة للحكومة به، مع أنها المسؤول الأول عن وجوده وفعاليته، بدءا من رقابة الرئيس على مرؤوسه داخل الوحدة الى نهاية السلم الوظيفى، مرورا بالوحدات الرقابية داخل المصلحة الحكومية، ثم المؤسسات الرقابية الحكومية الكثيرة بمختلف أنواعها على انشطة الدولة وعلى رأسها ديوان المراجع العام، والرقابة القانونية، وانتهاءا بالرقابة التشريعية على الحكومة ..إلخ، فلماذا يشتكى المسؤولون من ضعف الرقابة، إلا إذا كانت مجرد ذر للرماد فى العيون، ولماذا لا يُحاسَب الرقيب إذا أهمل فى القيام بواجبه، بدلا عن سرادقات العزاء التى يفرشها المسؤولون على (الرقابة)، إلا إذا كان موت الرقابة يعجبهم ويسر بالهم، لأنه يتيح لهم ولغيرهم العبث والسرقة والنهب، بدون أن يسألهم أو يلومهم أحد !!

* سئل وزير الصحة الاتحادى (بحر ابوقردة) عن أساب ضعف الكادر الصحى، فأجاب : “هذه إحدى النقاط التى نواجه فيها بعض الاشكالات، وتواجهنا تحديات في الرقابة، وبدأنا في مجال الدواء باصلاح ونقل الخدمات الصحية للولايات، وتأهيل الكادر، ولدينا حزمة للخدمات، ولكن لدينا قصور كبير في مجال الرقابة، وبدأنا بالعمل مع إدارة الصيدلة والسموم، وكلفناها بالرقابة، وتم تصديق ميزانية لها، لأن الرقابة الداخلية لا يمكن أن تقوى إلا بتفعيل الرقابة الخارجية التى تفتقد إليها الولايات”!!

* ونتساءل يا وزير الصحة، أين ذهبت الرقابة فى وزارة الصحة، وأين المراجعة الداخلية، والمراجعة الخارجية، وأين سلطات رؤساء الوحدات، وماذا يفعلون إن لم يراقبوا الأداء فى وحداتهم، ويضمنوا جودة العمل وتطويره ومحاسبة المقصرين، وماذا يفعل آلاف المدراء والوكلاء ووزراء الدولة المنتشرون على امتداد ارض السودان، وماذا تفعل أنت بكل السلطات الممنوحة لك كوزير اتحادى، أم انك وزير بلا سلطات، يواظب فقط على الدوام ويقبض راتبه أول كل شهر، ثم يشكو ويذرف الدموع على حاله المايل؟!

* وفى ندوة عن (استراتيجية الطيران المدنى)، كشف وزير المالية الفريق (محمد عثمان الركابي) عن توقف (130) رأس قطار سكة حديد، وفقدان آخر باخرة، فضلاً عن وجود طائرتين فقط، (شغالة بالتلتلة)، اعتبر توقف الخطوط الجوية والبحرية خصماً على قيمة الدولار، وأقر بضعف الرقابة والمحاسبة داخل مؤسسات الدولة، وتابع “مشكلتنا في البلد دي الرقابة والتقييم وضعف المحاسبة”(انتهى)!!

* تخيلوا أن من يشتكى ويذرف الدموع هو زير المالية، وكأنه خبير أجنبى أو مجرد مواطن ليس له علاقة بالحكومة وأجهزة الرقابة، رغم أنه يستطيع حسب الكرسى الذى يجلس عليه أن يراقب ويحاسب ويصدر القرارات، ولكنه لا يجد غير الشكوى والبكاء والدموع فى انتظار الفرج أو التعليمات!!

* ونختم بقرار محكمة جنايات الخرطوم شمال بمنع الصحف من نشر وقائع محاكمة (آدم عبدالله) الشهير بـ(سوداكال)، باعتبار أن النشر يؤثر على (سمعة المتهم)، حسب طلب تقدم به الدفاع عن المتهم .. فإذا كان القاضى يخشى على سمعة المتهم فى قضية لا تتجاوز تهمتى (الاحتيال والنصب) ولا تمس عرض أحد، فلماذا، لا تقتل الدولة اجهزة مراقبة ومكافحة الفساد، ثم تمشى فى جنازتها وتذرف عليها الدموع .. هذه هى العقلية التى تحكمنا وتتحكم فينا أيها السادة، فلماذا لا تنهار الدولة ويعم الفساد؟!

مناظير – زهير السراج
صحيفة الجريدة