الفاتح جبرا

وأصبروا علينا


في أكتوبر العام 1789 اتجهت حشود الشعب الفرنسي المزمجرة الغاضبة نحو قصر فرساي حتى حاصرته، على الرغم من تمترس العسكر حوله والتواجد الكثيف لـ(قوات مكافحة الشغب) والشنو ما عارف… إلا أن الشعب الثائر على الجوع وقف أمام القصر وهو يهتف بغضب شديد وحماس بالغ وعبارات مليئة بالمعاناة التي كانت تتمثل في رهق الحياة وقسوتها والتي كان آخرها ارتفاع سعر رغيف الخبز، ما لبثت أصوات الجماهير الهادرة الغاضبة أن تناهت إلى إسماع الملكة ماري أنطوانيت، وهي في قصرها وأمامها عدد من المستشارين (الفشنك طبعن) فسألتهم
• الشعب ده غاضب مالو (بالفرنساوي طبعن)
• غاضب يا مولاتي عشان الرغيف سعرو زاد
• طيب المشكلة وين.. لو الرغيف سعرو زاد ما ياكلو كسرة (أقصد جاتوه)!
أذكر هذه القصة كلما خرجت علينا مجموعة من محدثي النعمة من المترفين و(أثرياء الغفلة) عبر وسائل الإعلام المختلفة، يدمغون هذا الشعب الصابر الحزين وهم يدلون بآرائهم البعيدة كل البعد عن معاناة أبناء جلدتهم من الشعب، متفوهين بأحاديث وتصريحات ضد المواطنين أقل ما توصف بأنها (وقحة) (متهنكرين) عليهم بلقمة عيشهم البسيطة ووضعهم المادي الفقير.
جاء في (الجريدة) أن وزير المالية السابق، النائب البرلماني علي محمود، قد جدد دعوته للمواطنين بالعودة لتناول (الكِسْره)، وعزا وصول سعر قطعتي الخبز لجنيه لجودة ما يتناوله الشعب السوداني مقارنة مع ما يأكله المواطنون في دول المنطقة، وقال: (فيكم زول مشى مصر شاف نوع القمح البياكلوه؟)، وزاد: (إنتو بتاكلو قمح على مستوى دول الاتحاد الاوروبي)، وأردف: طبقاً لـ(الجريدة): (نحن قبيل شن قلنا، قلنا تاكلو الكسره)، في إشارة لحديث سابق له بهذا الصدد عندما كان وزيراً للمالية!
إذن فالرجل ينعي ويستكثر علينا أن أكلنا (قمحاً نظيفاً) لا نستحق أن نكون من آكلته وما عارف لو كان من (الولدوهم في الدايات وحبو في البلاط) كان قال شنو؟ أما مطالبة الشعب بأكل (الكسرة) فهي مطالبة (أنطوانيت) بأكل (الجاتوة) ذااتا، فالرجل وهو وزير مالية سابق لا يعلم أن الكسرة أبهظ ثمناً من الرغيف! وهل يعلم مثل هذه المعلومات (الحياتية) من يرفل في ملايين (الدولارات)؟
وما تفوه به (علي محمود) أحسبه (حاجة بسيطة) مقارنة بما قاله أحد القياديين بالحزب الحاكم والذي صرح في نوفمبر في العام 2013 بعد رفع الدعم (المشهود) قائلاً: (رفع الدعم كان يجب تطبيقه قبل 11 عاماً ولكننا صبرنا، أن أهل السودان نسوا أنهم تمتعوا بأوضاعٍ جيدة ومعتدلة في السنوات الماضية، ونحن آثرنا أن نصبر على ذلك)! وهكذا صبر علينا هذا الرجل وأعوانه وما علينا إلا أن نلتمس منهم الصفح والغفران!
تصريحان فقط من جملة تصريحات مستفزة لمسؤولين من المفترض أن يراعوا هذه الحالة من البؤس والمسغبة والشقاء التي أدخلوا فيها المواطن الذي أصبح يعيش في دوامة من الصراع اليومي في (لقمة العيش) و(المواصلات) وثمن (الدواء) ومصاريف (الوليدات) و(أقساط الجامعات) و(حق الإيجار).. هذه (اللستة) التي تفوق دخله الشهري أضعاف أضعاف.
لقد أصبحت تصريحات بعض المسؤولين تحمل الكثير من الإزدراء والإستفزاز والتعريض بالمواطنين، والحال هكذا نرجو ونأمل من هذه الفئة من (المسؤولين اللا مسؤولين) أن تستحي على دمها وألا تُعرّض نفسها للسان أبناء هذا الشعب (القابض على الجمر) منذ سنين، نعم.. اتركوا الشعب في حاله… وإن كنتم لا تريدون الوقوف في صفه ضد خطر الفقر والمرض الذي بات يهدد حياته على الأقل اسكتوا وابتعدوا عن إغضابه وإستفزازه (وأمسكوا خشمكم عليكم)، وانشغلوا في إستثماراتكم ومشاريعكم و(دولاراتكم).. وأصبروا علينا!

• كسرة:
ماذا تجني الحكومات من إستفزاز الشعوب غير (البهدلة) بعدين؟

• كسرة تحرش: أخبار إنتهاء التحقيقات مع الدبلوماسي المتهم بالتحرش شنووووو؟

•كسرة جديدة لنج: أخبار كتب فيتنام شنو (و) يا وزير المالية ووزيرة التربية والتعليم شنو (و)… (ليها شهرين)

• كسرة ثابتة (قديمة): أخبار ملف خط هيثرو العند النائب العام شنو؟ 92 واو – (ليها سبع سنوات وثمانية شهور)؟

• كسرة ثابتة (جديدة):
أخبار تنفيذ توجيهات السيد الرئيس بخصوص ملف خط هيثرو شنو؟ 51 واو (ليها أربعة سنوات وتلاتة شهور)

ساخر سبيل – الفاتح جبرا
صحيفة الجريدة


تعليق واحد

  1. هو النائب البرلمانى على محمود قاصد يأكلو الكسرة بفتح السين والراء طبعا دى كسرتك الجننتهم بيها كل يوم كسرة كسرة لمن يوم يجو ( يكسرووك )