تحقيقات وتقارير

شابة سرقت منها كليتها تحت المخدر وآخر باعها تحت وطأة الفقر ..حلم الشباب للهجرة إلى أوروبا”جني للسراب والعذاب”


حلم الهجرة إلى أوروبا والتمتع برغد العيش في أرض الأحلام يراود جميع الشباب في عالمنا الثالث ويتوسلون إلى ذلك بالطرق والوسائل كافة الشرعية وغير الشرعية ولكنهم في غمرة الاندفاع على ركوب المخاطر والمغامرة ورسم الأحلام الوردية لعالم لا يوجد إلا في خيالهم، ينسون حقيقة مفادها أنت سليم الجسم، إذن أنت بضاعة جيدة! هكذا صار ينطق لسان حال تُجار الأعضاء البشرية وسماسرتها في كل مكان.
المثير أن هؤلاء (المجرمين) – وأنا أعني المعنى الحقيقي للكلمة – لديهم قدرة فذة على استغلال الوضع الاقتصادي السيئ لضحاياهم وتحويلهم بيسر من حالمين برفاهية العيش في العالم الأول(أوروبا) إلى (قطع غيار) وأعضاء تُباع هنالك في أوروبا أو حتى هنا في ذات عالمهم الغارق في البؤس لأثرياء يريدون استرداد صحتهم وعافيتهم بأي ثمن حتى ولو اضطروا لسلك أقذر الأساليب وهو خطف امرأة أو طفل لأخذ أحد أعضائه كما حدث للضحية (فاطمة) التي تورد قصتها أدناه.

الهجرة إلى أوروبا أمنية لكثير من الشباب نسبة لظروف المعيشة الصعبة وعدم توفر فرص عمل كافية في البلاد، فاطمة روت قصه حدثت لها في الإسكندرية، لم تكن كباقي الحكايات وإنما كانت عبارة عن فيلم رعب، تقول فاطمة إنها درست في جامعة السودان إدارة أعمال وتخرجت فيها عام 2014 وبعدها لم تجد عملا لكي تساعد أهلها وقررت مغادرة السودان إلى أوروبا عن طريق مصر، وقالت إنها استشارت شقيقتها المقيمة في إحدى الدول الأوروبية فوافقت لها على السفر وأرسلت لها (35) ألف جنيه وفورا بدأت في إجراءاتها، وقالت فاطمة إنها ذهبت إلى إحدى الوكالات في السوق العربي وطرحت موضوعها لصاحب الوكالة، وسرعان ما عرض لها خدماته، وبالفعل أكمل لها إجراءات السفر إلى مصر، وقالت إنها ودعت أهلها وأحبابها متجهة إلى القاهرة ومنها إلى أوروبا، وتابعت، أنها غادرت مطار الخرطوم متجهة إلى مقصدها وبعدما وصولها مكثت في فندق لفترة يومين ووجدت أحد السودانيين الذين يعملون في تهريب البشر إلى أوروبا، وقالت له إنها ترغب في السفر إلى إيطاليا، وقال لها المهرب بأنهم يقدمون هذه الخدمة للناس بصور سليمة وآمنة عبر بواخر البضائع، وقال المهرب إن التكلفة كبيرة، وهي بدورها أبدت استعدادها لدفع المبلغ شريطة أن تصل إلى إيطاليا بخير وأمان، بعدها تم تحديد دفع المبلغ وتوقيت السفر إلى الإسكندرية ومنها إلى أوروبا وكان المبلغ قدره 22 ألف جنيه مصري، وقالت فاطمة إنها دفعت المبلغ كاملا ثم اتصل عليها في اليوم الثاني لمغادرة القاهرة متوجهين إلى الإسكندرية، تحكي فاطمة أنها كانت في غاية السعادة لأنها اقتربت من تحقيق حلمها، وعندما وصلت إلى مقصدها غابت الشمس، وأضافت: بعد الوصول توجهت مباشر إلى شقة ووجدت عددا من الناس من الجنسين وأعمارهم مختلفة. وأضافت أن الحياة داخل الشقة كانت صعبة جدا وعدد الموجودين داخلها 17 شخصا، ومكثت في الشقة 37 يوما وبعدها جاء أربعة اشخاص فطلبوا منهم إجراء الفحص من أجل سلامتهم لأن الأجواء الأوروبية مختلفة تماما عن الطقس في افريقيا هكذا كان قولهم، وبدأوا أخذ عينات الدم منهم وكانت متحمسة بأنها على مشارف السفر، وبعد مرور يومين رجع المهربون إلى الشقة وقالوا لهم إنهم سيغادرون في ذات الليلة إلى إيطاليا، وطلبوا منهم الاستعداد وبعدها اختاروا أربعة أشخاص وكانت فاطمة من بينهم، وقال المهربون إن الرقابة مشددة لذلك يأخذون أربعة اشخاص فقط ثم يعود ويرحل باقي العدد، وأثناء خروجهم من الشقة وجدت عربة سوداء مظللة فركبت وبعدها بخمس دقائق تم تخديرهم بصورة سريعة عن طريق تكييف العربة، وبعدها وجدت نفسها في مكان لا يوجد سوى غرفة وسرير، وتقول فاطمة إنها وجدت نفسها متعبة ومرهقة ووجدت دما على أطراف ملابسها فحاولت أن تنهض فما استطاعت، ولم تعرف ماذا حصل لها وبعد مسافة قامت وبحثت عن هاتفها ولم تجده وكانت تملك هاتفين أحدهما في يدها والآخر في حقيبتها ولم تجد الموبايل الذي تحمله في يدها، فأخرجت الهاتف الآخر واتصلت بأحد أقاربها في القاهرة، فلم يستطع أن يصل في ذلك الوقت نسبة لبعد المسافة وكلف أحد أصدقائه لكي يصلها وأتى وذهب بها إلى أحد المستشفيات من أجل التأكد من سلامتها وأخبرهم الطبيب بأنه تم أخذ كليتها اليسرى، وقالت فاطمة إنها فقدت كل الأموال التي دفعت بجانب أهم عضو من جسدها، وبعد أن استقر بها الحال بحثت عن الأشخاص الذين خدعوها لكي تجد الناس ولم يظهر له أحد وأضافت بأنها لو كانت في السودان تتناول وجبة واحدة أفضل لها من أن تدمر نفسها بهذه الصورة وأنها لم تصدق ما حصل لها ووجهت رسالة إلى كل السودانيين بعدم الوثوق بأي شخص في مصر لأنهم صاروا جزءا من المافيا.

(طه) ـ (32) عاما سوداني الجنسيه اتخذ قرارا صعبا ولكنه ندم على قراره، بات نحيل الجسم، بينما كان في ما مضى قوي البنية فهو عامل بناء حسب قوله، أما اليوم فهو عاطل عن العمل بعد أن باع كليته بسبب الفقر قبل عام ونصف واستقر في القاهرة ولم يستطع العوده إلى البلاد.
لم يتقدم طه ورفاقه بشكاوى للجهات الأمنية المختصة لأنهم يعرفون سلفاً أن ما قاموا به قد يدخلهم السجن.
يقول طه: تعرفت بالصدفة في ساحة سوق العتبة على شاب سوداني يعرض اصطحابي لبيع كليتي مقابل ثلاثة آلاف دولار وكانت في حينها مبلغاً كبيرا من المال بل كما وصفه كان حلماً كبيرا أما الآن فهي في حكم النسيان.. يتابع طه: أقنعني ذلك الشاب السوداني لأنه من بلدي ووثقت فيه ونصحني أن بيع كلية واحدة لن يؤثر على صحتي وقال لي: ما رأيك أن تحصل على مبلغ ثلاثة آلاف دولار لتبني مستقبلك مقابل بيع كليتك لشخص مريض؟ وذهبت معه لكنني اليوم لا استطيع أن أبذل أقل مجهود. وقال: تكفل السماسرة بمبالغ الإقامة في شقة لفترة نقاهة، وتابع طه: تم دفع المبلغ نقداً أخذت جزءاً من المبلغ عند مطابقة الفحوصات بيني وبين الشخص الآخر في المستشفى حيث أجريت الفحوص والجزء الآخر بعد خروج الشخص المريض الذي كان ممداً على سرير وأنا على سرير آخر بجانبه. يتساءل طه: لماذا أشتكي عليهم؟ لا يوجد قانون يعاقبهم إنهم معروفون ويتجولون دائما في ساحة سوق العتبة؟ وأضاف طه: حتى المبلغ لم استفد منه فقد ضاع في العلاج وبعض الاحتياجات، لذلك أوصي جميع إخوتي في السودان خاصة أن نعمة الصحة لا تشترى بمال أو كنز لذلك حافظوا على صحتكم وعدم ممارسة التصرفات الخاطئة من أجل المال لأن المال لن يفيدك من غير الصحة.

اليوم التالي.