تحقيقات وتقارير

هوس اقتناء الموبايلات.. (كلو يهون من أجل أحدث الإصدارات)


تصل أسعار بعضها إلى (45) ألف جنيه

اقتناء أحدث إصدارات الهواتف وتبديلها يشكل هاجساً لدى الشباب والفتيات ويعدّونه من مظاهر التحضر والمدنية، وموضة يتباهون بها أمام زملائهم دون مراعاة لأوضاعهم المادية وأولويات حياة أسرهم.. البعض يستبدل هاتفه بصورة دورية مع الإكسسوارات في ظل معرفة الشركات المصنعة لمزاجهم ومحاولة إرضائهم بشتى الطرق وتوفير اكسسوارات بمختلف الألوان والأشكال ومن الملاحظ أن هوس الفتيات أكبر من الأولاد باقتناء الهواتف القيّمة والحديثة من شركات (آيفون وسامسونغ).. وفي الفترة الأخيرة ازداد شغف الشباب بالهواتف وأصبح البعض يقتني هواتف أسعارها خيالية مقارنة بالأوضاع الاقتصادية العامة. وأوضح “حسن حامد” (الطالب بجامعة النيلين كلية القانون) أنه يقتني هاتف (جلاكسي S8) الذي يبلغ سعره (16) ألف جنيه، وأشار إلى ولع شلته بالهواتف، وقال إنه يجيد برمجة الهواتف ويعمل في هذا المجال خلال أيام الإجازات ما يتيح له فرصة التعرف على أحدث الهواتف، موضحاً أنه شغوف بهواتف (سامسونغ) ويتابع إصداراتها باستمرار، وقال إنه يستبدل هاتفه في السنة أكثر من (10) مرات، لافتاً إلى أن إحدى زميلاته تمتلك هاتف (آيفون x256GB ) الذي يباع بـ(45) ألف جنيه باعتباره أحدث هواتف (آيفون)، وقال إن المستعمل منه يباع بـ(33) ألف جنيه، لافتاً إلى أن هذه الإصدارات يقتنيها أصحاب المحال وتجار الهواتف.

{ أسعار فلكية
في السياق، أوضح صاحب محل (اللمسة الذهبية تكنولوجي) “إبراهيم عيسى” أن أغلى هواتف آيفون وأحدثها تبلغ قيمته (45) ألف جنيه، بينما يبلغ سعر “نوت 8” (22) ألف جنيه، وأحدث هواتف هواوي (MATE9 بلص) يبلغ سعره (13) ألف جنيه، مشيراً إلى أن أناساً محددين يمتلكون هذا النوع من الهواتف باهظة الثمن.

أما “س. ل” فقالت: (أحب أجدد في الهواتف وكل ما يظهر إصدار جديد في الأسواق لازم امتلكه)، مبينة أنها تمتلك “جلاكسي نوت8” وستقوم باستبداله عندما يصدر الأحدث مباشرة، وقالت (خلال هذه السنة استبدلت جوالي أربع مرات بالإضافة إلى امتلاكي لابتوب).

في السياق، أبدى عدد من الشباب استطلعتهم (المجهر) استغرابهم من امتلاك أناس هواتف تعدّ قيمتها حلماً لعدد من الشباب، مشيرين إلى أن الأوضاع الاقتصادية لا تسمح لعامة الشعب بالحصول على وجبات غذائية، بينما آخرون يمتلكون هواتف بأسعار خرافية، عادّين ذلك لهواً وهوساً يلامس وجدان الشباب والفتيات، ويؤثر بشكل أو آخر في حياة المجتمع.

ويرى أستاذ الثقافة بمركز التراث “نور الدائم شرف الدين” أن الهاتف يشكل وسيلة اتصال، ويمكن استخدامه في الحصول على المعلومات والتواصل الاجتماعي ويشكل آلية لإحداث تنمية ثقافية وسط المجتمعات، مشيراً إلى أنه يؤثر في سلوكيات المتجمع وإذا لم يستخدم بشكل جيد يؤدي إلى التنافر، لافتاً إلى أن الدخول على الانترنت لا يحتاج إلى هاتف غالي الثمن بقدر ما يحتاج إلى هاتف يدعم الخدمة، مشيراً إلى أن الاختلاف يتمثل فقط في التطبيقات والاستخدامات من حيث الجودة، مؤكداً أن الاستخدام يتوقف على إمكانيات المستخدم في المعرفة التقنية.

{ فوائد وعيوب
في سياق متصل، أكد أبان مشرف المبيعات بشركة النفيدي الوكيل المعتمد لهواتف (سامسونغ) “أحمد رحال” أن اقتناء الهواتف الحديثة له فوائد كبيرة للمجتمع وبالمقابل له عيوب اجتماعية متمثلة في ضغوطات اقتصادية للأسر لتوفير الهواتف لأبنائهم الطلاب الذين يتأثرون بزملائهم، مشيراً إلى أن الطلاب يطمحون في الحصول على أحدث الهواتف لأن نظراءهم يمتلكونها ويشكلون ضغطاً على أسرهم. وقال “رحال” إن اقتناء الهواتف الذكية يشكل ثقافة مجتمعية ومصدراً للمعلومات واستخدامه لأغراض الترفية والتعليم، وقال إن البعض يقتني هواتف بأسعار باهظة جداً لأهميتها في استخداماتهم التجارية والتعليمية، لافتاً إلى أن البعض الآخر يستخدم هواتف بإمكانيات محدودة بغرض الاتصال والمراسلات العادية، موضحاً أن هواتف (سامسونغ نوت) ذات الإمكانيات العالية مفيدة جداً في العمل الصحفي دون النظر إلى ثمنها الغالي، وقال إن استخدام الـ(نوت) يعتمد على الشخص ومدى استفادته من الهاتف.

وأوضحت الباحثة الاجتماعية الأستاذة “ثريا إبراهيم الحاج” لـ(المجهر) تلعب التنشئة الاجتماعية دوراً كبيراً في اتجاهات الأبناء، حيث يتأثرون بالنماذج الحياتية، أي تأثرهم بالكبير، من خلال الأشخاص الذين من حولهم كالآباء والأمهات والإخوان والأصدقاء والرفاق، وهذا ما نجده في هوس البنات والأولاد بامتلاك الموبايلات غالية الأثمان، عندما يرون آباءهم وأصدقاءهم ورفاقهم يحملون أغلى أنواع الموبايلات، وتلعب القناعات والرضا بالواقع دوراً مهماً، بمعنى كلما تربى الأبناء على الرضا بالواقع وبالمستوى المعيشي الواقعي كلما قلت المحاكاة عندهم لمن هم أكثر ثراء وأرفع وضعاً اقتصادياً. وهذا ينطبق على الآباء والأمهات من ناحية قناعاتهم بالواقع الاقتصادي لأن عدم الرضا يؤدي إلى الانحراف السلوكي والسرقة وغيرها من السبل غير المشروعة في توفير المال، إضافة إلى امتلاك الموبايلات وغيرها من الأشياء.

تحقيق – آمال حسن
صحيفة المجهر السياسي