اقتصاد وأعمال

هل يعوض الذهب فقد البترول في السودان؟


كاد الاقتصاد السوداني الذي فقد معظم ثروته النفطية عند انفصال جنوب السودان عام 2011 أن ينزلق إلى حافة الانهيار، قبل أن تمتد إليه يد الذهب، فقللت كثيرا أثر صدمة فقدان البترول الذي كان يمثل معظم واردات الموازنة العامة.

وبعد مضي نحو خمس سنوات على تصاعد وتيرة اكتشافات الذهب في البلاد، فهل يتمكن المعدن النفيس من إعادة الاقتصاد السوداني إلى طريق النمو.

يقطع خبراء اقتصاد بإمكانية نجاح هذا المعدن في أن يحل مكان البترول، مشترطين تعديل السياسات الحالية حول الشراء والتصدير، ووقف التهريب الكبير الذي يشهده القطاع.

وظل قطاع التعدين بشقيه التقليدي والحديث يشهد تقدما ملحوظا في الإنتاج والتصدير، حيث قفز الإنتاج في 2016 -حسب تقارير رسمية – إلى 93 طنا، دخلت البنك المركزي موارد بيع 30.8 طنا بعائدات بلغت قيمتها 1.232 مليار دولار. بينما تقدر القيمة الكلية للذهب المنتج بـ3.566 مليارات دولار.

كما بلغ إنتاج الذهب في النصف الأول من العام الجاري خمسين طنا من المخطط له والمقدر بمئة طن. في حين يخطط لإنتاج 110 أطنان من الذهب خلال عام 2018.

أحد مواقع التنقيب عن الذهب حيث آلات لمطاحن الذهب (الجزيرة)

صادرات المعادن
وارتفعت قيمة صادرات المعادن خلال النصف الأول من العام الجاري، وفق تقرير لوزارة المعادن إلى 833 مليون دولار، حيث حاز الذهب على النصيب الأكبر منها بمبلغ 815 مليون دولار.

ووفق وزير المعادن السوداني هاشم علي سالم فإن الحكومة السودانية تتوقع أن ترتفع عائدات الذهب لتبلغ ستة مليارات دولار في العام الواحد.

وظل قطاع الذهب جاذبا للشركات المحلية والأجنبية، حيث بلغ عددها حتى الآن -وفق وزارة المعادن- نحو 630 شركة، تضم ثلاث فئات: شركات تعدين امتياز، وصغيرة، ومخلفات تعدين تقليدي.

 التوم: بقدر ما تمكن البترول من إنعاش الاقتصاد فإن الذهب يمكنه لعب الدور نفسه

توقعات
الخبير الاقتصادي علي إبراهيم توقع أن يسهم الذهب في استعادة الاقتصاد السوداني عافيته إذا أحسنت إدارة قطاعه بالصورة المثلى، مقترحا أن تتعامل الحكومة مع الذهب بمثل ما فعلت مع البترول باستجلاب شركات عملاقة ذات رؤوس أموال كبيرة تتمكن من زيادة الإنتاج وتضمن تصديره عبر القنوات الرسمية.

ووفقا لتقرير صادر عن وزارة المعادن، تلقته الجزيرة نت، فقد تم التعاقد مع 22 شركة جديدة، من بينها شركة ميروغولد الروسية، للتنقيب عن الذهب في ولاية نهر النيل (شمالي السودان)، مع إصدار 181 رخصة استكشاف خلال النصف الأول من العام الجاري.

ويتفق الخبير الاقتصادي عبد الرحيم عيسى مع سابقه في قدرة الذهب على تحسين الاقتصاد السوداني، لكنه انتقد بشدة ما وصفها بالطريقة البدائية التي يدار بها قطاع الذهب.

وحسب اعتقاده، فإن الذهب تحول من مورد احتياطي إلى سلعة خاضعة للعرض والطلب، “الأمر الذي أدى إلى مضاربات أثرت على سوق النقد الأجنبي”.

ويدعو في تعليقه للجزيرة نت إلى تغيير السياسات المتبعة في إدارة قطاع المعادن، “وأن يعتمد الذهب كاحتياطي يتم شراؤه وتصديره عبر بنك السودان المركزي لضمان وصول عائداته إلى خزينة الدولة”.

وفي الاتجاه ذاته، يذهب الخبير الاقتصادي بابكر محمد توم إلى أنه بقدر ما تمكن البترول من إنعاش الاقتصاد السوداني، فإن بمقدور الذهب لعب ذلك الدور، “بل يستطيع الذهب معالجة الأزمة الحالية في النقد الأجنبي”.

عماد عبد الهادي-الخرطوم

المصدر : الجزيرة