سياسية

بعد مرور سنوات التحصيل الإلكتروني.. إخفاقات ومعوقات التجربة


منذ نحو ثلاث سنوات شرعت الحكومة ووزارة المالية في تبني المعاملات الإلكترونية في التحصيل عوضاً عن النظام الدفتري الورقي، وقامت وزارة المالية باستحداث نظام “أورنيك 15” الإلكتروني، ووصفت الخطوة حينها بالتحول الذي سيمكن من ضبط المال العام وإدارته بشكل شفاف وواضح، علاوة على قدرة النظام الإلكتروني على معرفة الإيرادات والمنصرفات بشكل دقيق بما يقضي على ممارسات تجنيب المال العام، في الصرف والإنفاق.
والآن بعد ثلاث سنوات من بدء التجربة يبدو المشروع مواجهاً بالعديد من التحديات التي يستلزم التغلب عليها.
ورغم النجاحات البائنة التي حققها مشروع التحصيل الإلكتروني، إلا أن الشكاوى لم تتوقف من بعض التعقيدات التي ظلت تلازمه مثل ضعف وتذبذب الشبكة خاصة في المناطق الطرفية والأرياف على مشكلات تقنية وفنية.
في تقرير المراجع العام “الطاهر عبد القيوم” الذي ألقاه بالمجلس الوطني نهاية الأسبوع المنصرم، كشف عن وجود عدد من الملاحظات، وأشار لبعضها حيث تتمثل في عدم ظهور الضمانات والاعتمادات المدفوعة من الحساب الوسيط في حسابات البنوك بالوحدات وصعوبة إلغاء التحاويل عند حدوث أخطاء وعدم إمكانية استخراج التقارير المالية الخاصة بالوحدات، ولا توجد مطابقة بين حسابات البنوك وكشوفاتها.
لعل أبرز إخفاقات ومعوقات تجربة التحصيل الإلكتروني التي أعلن عنها المراجع العام هي إشارته لوجود خلل كبير في تنفيذ مشروع الإيصال الإلكتروني للعام 2016م، وأكد وجود حالات كثيرة لإلغاء الإيصالات من قبل عدد من المتحصلين مع إمكانية استخدام الإيصال الإلكتروني مرة أخرى لتحصيل مبالغ تحول للمصلحة الشخصية وتأخير توريد المتحصلات وإخفاء بيانات الإيصال بعد فترة من الزمن، مشيراً إلى أن هذا الخلل في الإيصال الإلكتروني أدى لحدوث عدد من حالات الاعتداء على المال العام.
تنبيهات المراجع العام وعلى كونها أبرزت إخفاقات المشروع، لكنها لم تغفل الأثر الإيجابي الذي أحدثته حيث أعلن تأكيد المراجعة على أهمية المشروعين في تعزيز إيرادات الدولة وضبط المصروفات وتحديد الأولويات وأوصى بتنفيذ التوصيات وسد الثغرات ونقاط الضعف وتوفير التدريب وبناء القدرات وتمكين الوزارة من الإشراف الكامل على النظام وستسهم المراجعة بإيجابية في الدفع بالمشروع للأمام.
يقول الخبير الاقتصادي الدكتور عادل عبد المنعم إن حل معوقات مشروع التحصيل الإلكتروني تحتاج لضوابط، وقال إن ما كشف عنه تقرير المراجع العام يثبت وجود إخفاقات يجب تلافيها، لافتاً إلى أن المطلوب إعداد نظام رقابة متكامل يتمتع بالشافافية والاستقلالية، منوها إلى أن أرقام التحصيل قد لا تعكس الرقم الحقيقي نظراً للتعقيدات التي ذكرت. وأردف قائلاً إن استغلال ثغرات التطبيق أمر وارد، وأضاف: يمكن التغلب عليه بالمزيد من التجويد بأحدث التقنيات، ودعا الحكومة لتعزيز النظام الرقابي على المال العام، مقرًا بأن التطبيق قد يواجه ببعض المشكلات والمطلوب حلها بأفضل بدائل ممكنة.
الثابت أن نعوقات المشروع ليست جديدة، حيث سبق أن أقر بها ديوان الحسابات التابع لوزارة المالية والتخطيط الاقتصادي، وأكد سعيه لتطوير المشروع بإطلاق التحديث الأول لنظام التحصيل الإلكتروني، حينها قال محمد طاهر أحمد مدير إدارة التحصيل الإلكتروني إن التحديث يتضمن استبدال الطابعات العادية بطابعات حرارية مما يقلل تكلفة تشغيل النظام ويضمن تحقيق المزيد من الدقة بجانب اهتمام التحديث بتفعيل دور المراجعة الداخلية في النظام بغرض المزيد من شفافية الأداء والانضباط المالي، وأكد الاهتمام بتحديث تطوير التقارير لإصدار تقارير نقدية والتحصيل بالشيكات والتحصيل بالعملات الأجنبية، كما يشمل التحديث تطوير صلاحيات المشرف ليتعرف على التحصيل قبل رفعه من المتحصل بما يزيد معدلات الشفافية والإفصاح في عمليات التحصيل.
وأكد الديوان أن تحديث النظام يضمن تحسين النظام من حيث وظائف البرنامج وكفاءة التشغيل وتحديث الأجهزة وتطبيق السداد الإلكتروني الكامل للوحدات والأنظمة العاملة وربطها بنظام التحصيل الإلكتروني في العام 2016م، بحيث يتم التعامل عبر نظام السداد الإلكتروني فقط.
وعقد ديوان الحسابات في العام الحالي ملتقى الولايات لمناقشة تقارير الأنظمة الإلكترونية، حيث شدد الملتقى على ضرورة الالتزام بتطبيق الأنظمة الإلكترونية لضمان تطبيق أعلى معايير الشفافية والمصداقية باستكمال مشروع التحصيل الإلكتروني والخزانة الواحدة والدفع الإلكتروني والربط الشبكي بين المالية والبنك المركزي والوزارات ذات الصلة وأشار إلى أن جميع المشاريع التي تطلقها المالية تهدف لسرعة وضمان انسياب الموارد بالإضافة لتوفير المعلومات والبيانات التي تساعد في اتخاذ القرارات السليمة والحد من التعدي على المال العام والتجنيب بالاعتماد على نظم محاسبة تحقق العدالة.
ويؤكد مختصون أن العمل بالنظم الإلكترونية يسهم في التوسع في مظلة التحصيل وأداء الخدمة لرتفع الأداء الاقتصادي في جوانبه المختلفة خاصة الإيرادات بالإضافة إلى إشراف المراجعة الداخلية على تفعيل آليات الرقابة المالية والمحاسبية لتطبيق القوانين واللوائح والنظم المالية وموجهات الموازنة لضمان سلامة تنفيذ الموازنات المجازة التي تصدر سنوياً، وأكد أن المراجعة تقوم بمهامها على الوجه الأكمل لما هو مخطط ومستهدف بجانب دورها في الرقابة على جميع الوحدات والوزارات بالمركز والولايات من خلال تطبيق نصوص قانون الإجراءات المالية والمحاسبية واللائحة المنظمة لأعماله والالتزام بقانون الشراء والتعاقد والتخلص من الفائض.

الصيحة