الصادق الرزيقي

أية عبقرية هذه..؟!


> أثناء الختام الرائع والجميل والمبدع للدورة المدرسية القومية الـ (٢٧) أمس بمدينة كسلا بحضور السيد رئيس الجمهورية وعدد من الوزراء وولاة عشر ولايات وجماهير الولاية، طافت بنا عبر سدول الزمن ذكريات باقية للدورات المدرسية السابقة في بواكير عهدها التي أنتجت كثيراً من مبدعي بلادنا من الفنانين والرياضيين والدراميين والموسيقيين والنقاد والتشكيليين،

ولا ندري كيف كان سيكون وجه السودان خلال ما يقارب النصف قرن السالف، لو لم تكن هناك دورة مدرسية مثقلة وولود لكل هذا الإبداع الذي سرى في عروق وأوصال وأنسجة بلادنا الحبيبة.
> هذه الفكرة وتنفيذها من عبقريات نظام مايو وإشراقاته وسننه الحسنة، وقد جلتها الإنقاذ وحذقتها وشذبتها وجودتها وزادتها نضاراً، ودون أدنى شك هي صورة وحالة شاخصة للوحدة الوطنية في أبهى صورها وتجلياتها، ووصل ووصال واتصال وتواصل بين كل أرجاء الوطن الظامئ لما يجمع والطامح لما يرتق فتوقه الناشئة،
> ما شهدناه في كسلا خلال اليومين الماضيين وفي ختام الدورة المدرسية القومية الـ (٢٧) أمر محير حقاً ويدعو لكثير من التأمل في هذا الشعب المدهش، مثلما حدث في دورات سابقة، كان أهل كسلا جميعهم بمختلف منابتهم ومشاربهم هم من استضاف ما يقارب تسعة آلاف من طلاب وطالبات المدارس الثانوية من ولايات السودان المختلفة، فتحوا لهم قلوبهم قبل بيوتهم، وتدافعوا نحو إكرامهم في سخاء نادر، جهزوا لهم أماكن الإقامة والسكن، وتسابقت النساء عبر جمعيات الأحياء وعن طريق المبادرات العامة والفردية إلى تقديم المأكل والمشرب وكثير من الاحتياجات الضرورية للطلاب والطالبات، وتُحكى قصص وحكايات ومآثر لا توجد إلا في بلادنا وداخل مجتمعنا الكريم المفضال العزيز برجاله وأهله ونسائه.
> حكومة الولاية فقط حركت هذه الروح في المواطنين وحفزتهم للعطاء وحثتهم على المشاركة في حسن وفادة الضيوف، وقفت حكومة كسلا وواليها ينظرون في انبهار وإعجاب وتعجب من طبيعة هذا المجتمع وسمو أخلاقه، رعى مجتمع كسلا أبناء السودان من الطلاب وجميع بعثات الولايات، أحاطوهم بحنان وود غامر وتقاسموا معهم الزاد، ونجحت كسلا في الامتحان بفضل تماسك مجتمعها ووضوح الرؤية لحكومتها والكفاءة العالية في التنسيق بين الولاية ووزارة التربية والتعليم الاتحادية ووكالة النشاط الطلابي التي تتبع لها، وبفضل الجهود الجبارة من المعلمين والتربويين والمشرفين حتى خرجت الدورة في أزهى ثوب.
> لا يمكن إحصاء فوائد الدورات المدرسية، خاصة في تقريب الوجدان السوداني وتعريف نصف الحاضر وكل المستقبل من الشباب الغض ببلادهم، والتعرف على سمو أهلها ورفعتهم والعادات والتقاليد الراسخة السمحاء، فأية عبقرية هذه التي جعلت كل شيء ممكناً ووضعت طلابنا في المسار الصحيح؟!

الصادق الرزيقي
صحيفة الانتباهة.