جعفر عباس

مبروك لساندرا وأخواتها


أتقدم بالتهنئة إلى السيدة البريطانية التي لا أعرف سوى اسمها الأول »ساندرا«، لأنها نجحت في إشباع رغبتها في أن تكون أُمّاً وهي في الثامنة والخمسين، واسمحوا لي أن أنشر اسم الطبيب الذي نجح في التغلب على العقم الطويل الذي حرمها من الأمومة أكثر من 35 سنة… اسمه البروفيسور إيان كرافت ولديه عيادة في شارع هارلي الشهير في لندن، حيث العديد من البقالات الطبية المتخصصة في سلب العرب الملايين سنوياً في إجراءات علاجية تجارية، )اكتشفت بعد عدة زيارات لعيادات هارلي ستريت أن معظم الأطباء هناك يعرفون عبارات البكش والترحاب العربية، وقد سبق لكرافت هذا أن نجح في تمكين السيدة الويلزية ليز باتل من الحمل والإنجاب وهي في الستين(.

أقامت الصحافة البريطانية الدنيا لأنها ترى أن الحمل والإنجاب بعد سن الخامسة والثلاثين أمر ينبغي عدم تشجيعه، وما هو حادث فعلا هو أن الأطباء ينصحون النساء بعدم الإنجاب في سن متأخرة، وتحديدا بعد الخامسة والثلاثين، ولكن لا الطب ولا الصحافة يدركان بعمق معنى ومغزى أن تشبع امرأة أو رجل الرغبة في الذرية، ولا أزعم أنني أكثر إدراكا لذلك المعنى أو المغزى، ولكنني على الأقل أعرف معنى أن يكون لك بنات وأولاد، وأعرف بالتالي مدى الحرمان الذي يعانيه المحرومون من الإنجاب، ومن ثم فإنني أتعاطف بلا حدود مع كل من حرموا من الانجاب، وأرحب بكل إنجاز طبي يؤدي إلى حمل المرأة في أي سن إذا لم يسبق لها الحمل، ولكن بدون استنساخ ومن دون ابتذال قيمة الأمومة باستئجار الأرحام )استئجار الأرحام ممارسة شائعة في الدول الغربية وهي أن تكون هناك امرأة عاجزة عن الحمل بسبب مرض عضوي مثلا، فيتم تخصيب بويضة منها بماء زوجها وزرع الجنين في رحم امرأة أخرى، نظير مبلغ مالي(.
وسؤالي هو: لماذا لا نقول إن الرجل -الذي ثبت علمياً أنه يعيش حياة أقصر من حياة المرأة- لا ينبغي له الإنجاب في سن معينة، ونضع ذلك القيد على المرأة.. دعك من تحذيرات الأطباء؟ بل إنني أذهب إلى أبعد من ذلك وأتساءل: لماذا لا توجد جمعيات أهلية خيرية تساعد المحرومين من الأبوة والأمومة من ذوي الدخل المحدود، فهناك الآلاف المؤلفة من النساء والرجال الذين يعانون من عيوب صحية طفيفة تحرمهم من الإنجاب على الرغم من قابليتها للعلاج، ولكن ضيق ذات اليد يحرمهم من تلقي العلاج، والحرمان من إشباع غريزة الإنجاب يسبب للكثيرين متاعب اجتماعية ونفسية، وخاصة في مجتمعاتنا التي تعتبر الأرملة شؤماً، والمطلقة شخصاً مشبوها )حتى لو كان الطلاق بسبب سوء سلوك الرجل(، أمّا المرأة المحرومة من الإنجاب فإن مجتمعنا يحملها مسؤولية انقطاع نسل الزوج، وخاصة أننا درجنا على افتراض أن العقم علة ستاتية، بدرجة أن كثيرين من الرجال الذين حرموا من الذرية لا يكلفون أنفسهم عناء الخضوع للفحص الطبي لتحديد أي من طرفي العلاقة هو الذي يحتاج إلى علاج، بل إن بعضهم لا يكتشف أنه سبب العلة إلا بعد أن يتزوج مثنى وثلاث! نعم فبعد مضي سنة من الزواج دون إنجاب يبدأ أهل الرجل في الطنطنة والحش في الزوجة »الشوم« توطئة لطرح مشروع الزوجة البديلة! في الغرب »الكافر« هناك جمعيات لرعاية الأرامل والمطلقات والمحرومات من الأمومة، أما نحن الأمة التي تؤمن بالرحمن الرحيم العفو الغفور الرازق البارئ الخالق المصور فنعاملهن كما يُعامل أرباب السوابق الجنائية!

ولهذا أقول لساندرا بنت الثامنة والخمسين تريليون: مبروك، وهي تستعد لتصبح أمّا وفي التاسعة والخمسين، وأسال الله أن يرزق كل أنثى مؤهلة لحمل لقب »أم« بالذرية الصالحة

زاوية غائمة
جعفـر عبــاس